رفع الجهاز التنفسي الصناعي عن المريض

03:51 صباحا
قراءة دقيقتين
تحدث الأطباء والفقهاء عن توقف القلب والجهاز التنفسي، وكذلك عن مرحلة الموت الدماغي، وموت جذع المخ عند بعض المرضى، وأمثال هؤلاء يقدم لهم الجهاز التنفسي مساعدة للبقاء على الحياة باستخدام التنفس الصناعي، ولو رفعت الأجهزة لفارق المريض الحياة.

إذن فإن الأجهزة بالتأكيد ليست علاجاً يعيد إلى النفس الحياة من جديد، بل تبقيها لمدة إلى أن يشاء الله تعالى لها الموت النهائي.
أجابت لجنة الإفتاء في قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية بالكويت بأنه لا يجوز رفع الأجهزة عنه شرعاً، لأن الظاهر أنه لا يزال حياً طالما الأجهزة تعمل إما بالنبض أو بالتنفس أو بالشعور بالألم أو بتحريك أطرافه.
أقول: وهذه المسألة حيرت الأطباء وعلماء الشريعة، لأنها تمس حقوق الإنسان وكرامته، وقد أمرنا الشرع والعقل بالمحافظة على حياة الإنسان وكرامته، والطبيب مطالب كالشرع بأن يحافظ على حياة أخيه الإنسان.
والمجامع الفقهية قالت إن أجهزة الإنعاش تقوم بإجراء إسعاف لمريض فاقد الوعي، نظراً لتعرضه لأسباب طبية، أو لحوادث أدت إلى دخوله في غيبوبة، والطبيب في هذه الحالة يقوم بعملية تنشيط للدورة الدموية بوساطة الأجهزة التي لو رفعت عن المريض لفارق الحياة.
يتصور الأطباء للمريض الذي يخضع للجهاز التنفسي الصناعي ثلاث حالات:
1- عودة أجهزة المريض إلى التنفس الطبيعي، وانتظام ضربات القلب، وعندئذ لا إشكال، ويقدر الطبيب رفع الأجهزة لزوال الخطر.
2- توقف القلب والتنفس توقفاً تاماً، وعدم الاستجابة للجهاز، وعندئذ يقرر الطبيب أيضاً بأن المريض مات تماماً بموت أجهزته من القلب والدماغ.

3- ظهور علامات موت الدماغ من الإغماء وعدم الحركة وعدم أي نشاط كهربائي في رسم المخ بآلة الطبيب، لكن لا يزال القلب ينبض، والتنفس مستمر بواسطة الجهاز، وعندئذ يقرر الطبيب بأن المريض مات بموت جذع الدماغ.

نلاحظ أن حالة المريض في الصورتين الأولى والثانية، متفق عليها من الأطباء والعلماء، والخلاف في الصورة الثالثة، حيث إن نزع الجهاز عن المريض اعتبره بعضهم مخالفة شرعية، وتعد الشريعة الطبيب الآمر بنزعه قاتل نفس عمداً.

إزاء هذا الخلاف أصدر المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة في مكة في عام 1987 ما نصه:
المريض الذي ركبت على جسمه أجهزة الإنعاش، يجوز رفع الأجهزة عنه إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً، وقررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصيين خبراء أن التعطيل لا رجعة فيه، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً بفعل الأجهزة، لكن لا يحكم يموته شرعاً، إلا إذا توقف التنفس والقلب توقفاً تاماً بعد رفع الأجهزة.
أقول: ولا يزال الفقهاء والأطباء في جدل مستمر حول إصدار نهائي قاطع، إذ مهما تكن قناعتنا بالأجهزة، فإن كرامة الإنسان فوق قناعتنا، إلا إذا نظرنا إلى المسألة من منظور آخر كما يقول بعض الفقهاء، وهو أن صرف المبلغ الذي يصرف على مريض ميؤوس من حياته، يعد صرف مال في غير مكانه، وذلك لأن المرضى الآخرين الذين لم يبلغوا مرحلة اليأس أولى وأحق بهذا المال، لأننا به ننقذ حياً كاد أن يموت لو لم نسعفه، أما الآخر فهو ميت لا محالة إلا ما شاء الله.

د. عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"