من هم الصديقون؟

02:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
سألني بعضهم عن الصديقين، حيث يرد في الأدعية: "اللهم احشرنا في زمرة أولئك الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقاً" .
قلت له: كلمة الصدّيق (بتشديد الدال) من الناحية اللغوية، مأخوذة من الصدق، إلا أنها يراد بها المبالغة أي كثير التصديق أو دائم التصديق لله تعالى وللرسل .
والمفسرون فسروا الصديق والصديقة التي وردت في القرآن الكريم بهذا المعنى، قال الله تعالى: "وأمه صدّيقة كانا يأكلان الطعام . ." (الآية 75 من سورة المائدة) وقال تعالى: "يوسف أيها الصدّيق أفتنا في . . ." (الآية 46 من سورة يوسف)، وقال تعالى: "واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صدّيقاً نبياً" (الآية 56 من سورة مريم) وقال تعالى: "فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين" (الآية 69 من سورة النساء) .
فالقول الأول أن معنى الصدّيق في هذه الآيات هو أنه كثير الصدق ودائم التصديق، وقد سُمي أبوبكر رضي الله تعالى عنه بالصدّيق لأنه صدّق بالرسول صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي كذبت به قريش، وصدّق به قبل كل الناس .
والقول الثاني أن الصديقين مشتقة من العلو والرفعة، وقد وصف بها بعض الأنبياء كإبراهيم وإدريس ويوسف، ومما يؤيد هذا القول أن هؤلاء الأنبياء لما وصفوا بالصديقين لم يكونوا مصدقين على صيغة اسم المفعول .
فالصديق مرتبة يمكن أن تكون للأنبياء، ويمكن أن ينالها أتباع الأنبياء، كأبي بكر الصدّيق وغيره .
وفي الحديث الصحيح عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذّاباً" .
فالصديقون إذن كثيرون، وليس ثلاثة كما ورد في حديث مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو عن ابن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصديقون ثلاثة: حبيب النجار، مؤمن آل ياسين، وحزقيل مؤمن آل فرعون، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم" .
هذا الحديث طبعاً مرفوض عند أهل السنة والجماعة، لأنه من الأحاديث المدسوسة، والصحيح أن الصديقين هم من غير حصر، وهم من أطاع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، واتبع هداهما .
فالصديقون قد يكونون من الأنبياء وقد يكونون من الناس أتباع الأنبياء، صحابة، تجار، علماء، صالحين، وفي الحديث: "التاجر الأمين الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة" (رواه الترمذي والدرامي والحاكم)
ويذكر الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى أن الناس مراتب وأعلى المراتب مرتبة الرسل ثم الأنبياء ثم الصديقين ثم الشهداء ثم الصالحين .
ثم يقول: "الصالح يوصف به جميع المؤمنين بالله من الأنبياء وغير الأنبياء عند الإطلاق، ولكن إذا ضموا إلى الرسل فإن الصالحين هم أصحاب المرتبة الرابعة" .
وفي تفسير قوله تعالى: "والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم" . . (الآية 91 من سورة الحديد) يقول الطبري: "والذين أقروا بوحدانية الله وإرساله رسله، فصدقوا الرسل وآمنوا بما جاؤوهم به من عند ربهم أولئك هم الصديقون" .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"