سلة الغذاء السورية في ظل الأزمة

03:59 صباحا
قراءة 4 دقائق

عكست الأزمة السورية نفسها على قطاع الزراعة والإنتاج الغذائي السوري، وتحولت سوريا من مُصدّر أساسي للمواد الغذائية، على مستوى الشرق الأوسط، إلى بلد يعاني نقصاً في حاجاته الغذائية .
وفي الأصل، تعتبر سوريا قوة زراعية إقليمية، تصل نسبة الأراضي الزراعية فيها إلى أكثر من 30% من إجمالي مساحة البلاد، وهي أعلى نسبة مسجلة عربياً . وتماثلها في ذلك تونس، ويأتي بعدهما لبنان بنسبة تصل إلى 4 .21%، ثم السودان بواقع 14% . ويبلغ المعدل العربي الوسطي 3 .5% والعالمي 8 .11% .
كذلك، تحتل سوريا مرتبة متقدمة على صعيد حصة الفرد من الأراضي المنتجة المتاحة، القادرة على إنتاج المصادر الحيوية .
وقبل اندلاع الأزمة، كان المزارعون السوريون يصدرون سنوياً ما يقرب من مليوني طن من الخضراوات و212 ألف طن من المنتجات الحيوانية .
وفي العام ،2010 احتلت سوريا المركز الخامس عالمياً في صادرات البندورة، بواقع 407619 طناً، بعد تركيا (574279 طناً)، وقبل المغرب (372112 طناً) . كما احتلت المركز الرابع في صادرات البطيخ الأحمر، بواقع 211026 طناً، بعد إيران (348316 طناً)، وقبل الولايات المتحدة (192892 طناً) . والمركز السادس في صادرات العدس، بواقع 42065 طناً . والثامن في صادرات زيت الزيتون البكر (17438 طناً) بعد تركيا وقبل الأرجنتين . والثامن أيضاً في صادرات البرتقال (206732 طناً)، والعاشر في صادرات بيض الدجاج (76306 أطنان)، بعد بلجيكا وقبل فرنسا، والعاشرة أيضاً في صادرات الجزر واللفت (71885)، بعد أستراليا وقبل المكسيك . والثاني عشر في صادرات الفواكه الطازجة (28413 طناً)، بعد الهند . والخامس عشر في صادرات حبوب الإفطار (41645 طناً)، بعد إسبانيا وقبل الهند . والسابعة عشر في صادرات التفاح (103677 طناً)، بعد أستراليا وقبل ألمانيا . والثامنة عشر في صادرات البطاطا (112123 طناً)، بعد السعودية وقبل لبنان . والعشرين في صادرات فول الصويا (76893 طناً)، بعد البرتغال .
اليوم، تضررت قدرات البلاد الإنتاجية بفعل الأزمة . ووفقاً لتقارير المنظمات الدولية، فقد جرى تخريب العديد من الحقول وقنوات الري، ودمرت الكثير من الجسور الحيوية، وطرق الإمداد الداخلية . واندمج ذلك كله مع مفاعيل العقوبات الغربية التي أصابت الفلاحين السوريين في مقتل . كما تضرر القطاع الزراعي جراء ارتفاع أسعار الوقود، الناجمة عن كل من تدهور القطاع النفطي، واستمرار العقوبات الاقتصادية .
واندمجت الأزمة الأمنية القائمة مع أزمة الجفاف المناخي، لتفرض مزيداً من التحديات على معيشة الإنسان السوري .
وفي منتصف أيار مايو/ أيار ،2014 حذر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) من أن ظروف الجفاف، مقرونة باستمرار الصراع، سوف تُفاقم من حجم الضغوط على الأمن الغذائي في سوريا، وتزيد من احتمالات الانخفاض الحاد في إنتاج القمح والشعير بالمناطق الزراعية الرئيسية .
وهذا التحذير الدولي كان في محله تماماً، فقد تدهور محصول القمح، الذي يُمثل أهم سلعة زراعية في البلاد .
وقبل الحرب كانت سوريا تنتج نحو 5 .3 مليون طن من القمح في المتوسط، بما يكفي لتلبية الطلب المحلي، ويسمح بتصدير كميات للخارج، بفضل عوامل جوهرية عديدة، منها استخدام مياه نهر الفرات في ري المساحات الزراعية الشاسعة .
وتدريجياً، شيّد السوريون على الفرات عدداً من السدود، كان أولها سد تشرين، الذي تليه بحيرة كبيرة تتسع ل 6 .11مليار متر مكعب من الماء . وبعد سد تشرين، جاء سد الفرات، وأعقبه سد البعث على مجرى النهر .
وقد غيّر سد الفرات الكثير من أحوال المناطق المحيطة . وكان من نتيجة إنشائه وصول مشاريع الري لمسافة مئات الكيلومترات، وتأمين المياه لزراعة آلاف الهكتارات بالمحاصيل المختلفة، وفي مقدمتها القمح .
ويُعد هذا السد من أهم السدود المائية في الوطن العربي، إذ يتألف بناؤه من 15 طابقاً، ويقدر طوله ب5 .4 كيلومتر، إضافة إلى أنه يعتبر جسراً برياً، يصل بين ضفتي نهر الفرات الشمالية والجنوبية .
ومن ناحيتها، تشكلت بحيرة الأسد مع قيام سد الفرات . وهي تعد إحدى أكبر وأنقى البحيرات الاصطناعية في العالم .
ويبلغ طول هذه البحيرة 80 كيلومتراً، ومحيطها 200 كيلومتر، ومتوسط عرضها ثمانية كيلومترات، وتقدر طاقتها التخزينية بأكثر من 14 مليار متر مكعب .
وفي الفترة الأخيرة، قالت تقارير متواترة إن منسوب بحيرة الأسد قد شهد تراجعاً واضطراباً، وخاصة منذ مطلع العام ،2013 ووصل عمقها حالياً 5 .298 متر، نزولاً من 304 أمتار . ومن أسباب ذلك ضعف الصيانة والإهمال الناجم عن غياب سيطرة الدولة على البحيرة ومنطقتها، الواقعة في ريف الرقة .
وقد تسبب انخفاض منسوب البحيرة في توقف أو تضرر الكثير من المشاريع الزراعية، وفي مقدمتها زراعة القمح، حيث لم ينجح كثير من المزارعين السوريين في إيصال مياه الري إلى أراضيهم .
كذلك، تضرر محصول القطن، وهو يزرع عادة على ضفاف البحيرة . كما أن العديد من الفلاحين لم يقدموا على زراعة أكثر المحاصيل الصيفية، وذلك خوفاً من عدم القدرة على توفير مياه الري الضرورية .

عبد الجليل المرهون

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"