عاصفة على قمة ترامب وبوتين

05:31 صباحا
قراءة 3 دقائق
باتريك بوكانان

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المؤتمر الصحفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين عقب قمتهما في هلسنكي: إن العلاقات بين البلدين «لم تكن يوماً أسوأ» مما هي الآن. ثم أتبع ذلك بقوله بلهجة تأكيد أن هذا الوضع تغير «قبل حوالي أربع ساعات».
يوحي تصريح ترامب بأن العلاقات الأمريكية-الروسية قد تغيرت بالفعل نتيجة لمحادثات القمة بين الرئيسين، وأن هناك تحولاً في السياسة الخارجية الأمريكية.
وهذا التغيير يمكن أن يكون تحولاً تاريخياً في السياسة الخارجية الأمريكية. وهذا بدوره يمكن أن يحدد مصير رئاسة ترامب-علماً بأنه واجه على الفور معارضة قوية لمواقفه تجاه روسيا من قبل الدوائر النافذة في الولايات المتحدة. فهو رفض المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية منذ نهاية الحرب الباردة، وألقى مسؤولية العلاقات السيئة بين الولايات المتحدة وروسيا على المؤسسة الأمريكية وليس على فلاديمير بوتين، وهذا يثير طبعاً معارضة قوية ضده داخل الولايات المتحدة.
وفي تغريدة سبقت لقاءه مع بوتين، وجه ترامب انتقاداً قاسياً للنخبة السياسية الأمريكية في كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي قائلاً: «علاقتنا مع روسيا لم تكن يوماً أسوأ مما هي الآن، وذلك نتيجة لسنوات عديدة من سخف وحماقة الولايات المتحدة».
وبذلك يكون ترامب قد تبرأ من سياسات الولايات المتحدة في السنوات الماضية، وكذلك من مراكز الدراسات ووسائل الإعلام الأمريكية التي كانت ولا تزال تسعى لتأجيج التوترات بين واشنطن وموسكو.
وإذا استعرضنا نتائج جولة ترامب الخارجية خلال أسبوع، من قمة دول حلف الأطلسي إلى زيارته إلى بريطانيا ثم قمته مع بوتين في هلسنكي، فإن رسالة ترامب تبدو واضحة، ومتسقة، ومدهشة. فهذه الرسالة تقول: حلف الأطلسي أصبح بالياً، والحلفاء الأوروبيون تمتعوا بدفاع مجاني بفضل الولايات المتحدة، بل وحققوا فوائض تجارية هائلة على حساب أمريكا. ولكن هذه الأيام ولّت، وعلى الأوروبيين أن يتوقفوا عن سرقة أسواقنا وأن يبدؤوا تحمل أكلاف الدفاع عنهم.
وفوق كل ذلك، لن تكون هناك حرب باردة ثانية، ولن نقبل بأن يكون ضم شبه جزيرة القرم ومساعدات روسيا للانفصاليين في أوكرانيا عائقاً أمام تقاربنا وشراكتنا مع روسيا. ونحن سوف نتفاوض حول معاهدة للحد من التسلح، ونجري محادثات لتسوية خلافاتنا، تماماً كما فعل (الرئيس الأمريكي الراحل) رونالد ريجان مع ( آخر زعيم سوفييتي ) ميخائيل جورباتشيف.
وقد أظهرت قمة هلسنكي أن ترامب كان يعني ما قاله عندما أكد بصورة متكررة أن «السلام مع روسيا هو أمر جيد وليس سيئاً».
والرسالة الضمنية هي أن أمريكا ستنهي حروبها الخارجية وتتخلى عن التزاماتها الخارجية.
ولكن قبيل وبعيد قمة ترامب وبوتين، كانت وسائل الإعلام والدوائر السياسية في أمريكا عدائية تجاه الرئيس الأمريكي. بل إن بعضها بدا متحمساً للعودة إلى سياسة المجابهة ضد روسيا. وعندما تحدث ترامب عن «سفاهة وحماقة» مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية التي تسببت بمرحلة عداء في العلاقات الأمريكية- الروسية، ماذا كان يفكر في ذهنه؟
هل كان ذلك التمدد الاستفزازي لحلف الأطلسي حتى حدود روسيا ؟
هل كان قرار الرئيس جورج بوش سحب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ المضادة للصواريخ (إي بي إم الموقعة عام 1972)؟
إن الكثير من أفعال بوتين التي ندينها إنما كانت ردود فعل على ما كنا نفعله نحن. ومع ذلك، واجه الرئيس ترامب حملة عدائية ضده داخل الولايات المتحدة بسبب ما أعلنه عن نتائج قمته مع بوتين. حتى إن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي أيه» جون برينان قال: إن «أداء دونالد ترامب في المؤتمر الصحفي (مع بوتين) في هلسنكي كان... خيانة».
حسناً، كما قال باتريك هنري ( أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة ) منذ زمن طويل، «إذا كانت هذه خيانة، فلنستفد منها إلى أقصى حد».

كاتب ومعلق سياسي أمريكي سبق أن ترشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري. موقع «ذا أمريكان كونسرفاتيف»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"