واقع السلطة الفلسطينية وتصويب المسار

03:29 صباحا
قراءة 3 دقائق
عوني فرسخ

شكل د. محمد اشتية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وزارة من خمسة وعشرين عضواً معظمهم من فتح، ما اعتبر إقصاء لغالبية فصائل المقاومة. ولقد تضمن اليمين الدستوري الذي أدوه القول بالمحافظة على حقوق الشعب الفلسطيني وتراثه الوطني. فهل ما أقسم على الالتزام به وزراء السلطة يعبر عن واقع موضوعي أم هو ادعاء ليس له سند واقعي ؟
في محاولة الإجابة، نلاحظ بداية أن السلطة قائمة على بعض أراضي الضفة الغربية المحتلة، حيث تتوالى إقامة المستوطنات اليهودية. والمفترض والحال كذلك أن تكون مقاومة العدو المحتل أول واجبات ومهام سلطة مفترض فيها تمثيل الشعب المحتلة أرضه والمغتصب حقه المشروع في تقرير مصيره. وبدلاً من هذا الالتزام الوطني المشروع دولياً يوالي رئيس السلطة أبو مازن تأكيده بأن التنسيق الأمني مع أجهزة العدو المحتل الأمنية واجب مقدس، ما يتناقض مع الثوابت الوطنية والقومية في الصراع العربي -«الإسرائيلي». وهو تناقض ينفي نفياً قاطعاً كل قول يعتبر السلطة في ظل الاحتلال سلطة وطنية.
ثم أن السلطة في الضفة المحتلة سلطة حكم ذات، وليست سلطة حكم ذاتي. وذلك لأنها مختصة فقط بإدارة شؤون المواطنين في الأرض المحتلة تحت توجيه وإشراف المحتل صاحب السيادة المطلقة على الضفة الغربية المحتلة - بما فيها القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية - على أرضها، وعلى حدودها ومعابرها، وعلى أجوائها وثرواتها الطبيعية، خاصة مياهها الجوفية. فضلاً عن تحكم سلطة الاحتلال المطلق بحراك مواطني الضفة بين مدنها وقراها باشتراط حمل بطاقة هوية صادرة عن سلطة الاحتلال. وصحيح أن السلطة تصدر جوازات سفر فلسطينية، غير أن صدورها مؤسس على حيازة بطاقة هوية صادرة عن سلطة الاحتلال.
ولما كانت مساحة الضفة لا تجاوز 15 % من مساحة فلسطين، ومواطنوها لا يجاوزون ذات النسبة من الشعب العربي الفلسطيني، وعليه فإن سلطة رام الله لا تمثل سوى قطاع محدود من شعب فلسطين، حتى وإن هي مثلت «الدولة» التي سبق للراحل ياسر عرفات أن أعلن عن قيامها في المؤتمر الوطني بالجزائر في11/15 / 1988. بل وتبادلت التمثيل الدبلوماسي مع العديد من دول العالم، واعترف بها وبممثليها من الأمم المتحدة والعديد من المحافل الدولية.
وقد يقال إن محمود عباس ليس فقط رئيس السلطة، وإنما هو أيضاً رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين. والثابت تاريخياً أن المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد بالقدس في 5/28/ 1964 أصدر ميثاقها القومي بإجماع أعضائه متضمناً النص على أن المنظمة أداة تحرير جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلت في حرب 1949/1948 وعودة اللاجئين الذين هجروا منها تحت ضغط جريمة التطهير العرقي التي اقترفتها المنظمات الصهيونية حينذاك، كما نص على حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم، واسترداد أملاكهم والتعويض عليهم عما لحقهم من أضرار.
غير أن هذا الواقع لم يعد قائماً بعد اتفاق أوسلو في 9/13/ 1993 وما أعقبه من اتفاقيات.
وعليه يغدو منطقياً القول إن القوى والعناصر الفلسطينية التي لم تزل ملتزمة بمقاومة الاحتلال خياراً استراتيجياً مطالبة بتصويب مسار الحراك الوطني الفلسطيني ابتداء من تحرير القرار الوطني المغتصب من قبل فريق أوسلو والملتزم بالتنسيق الأمني مع أجهزة أمن «إسرائيل»، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وتحرير ميثاقها الوطني من كل ما أجراه عليه فريق أوسلو من تعديلات أملتها عليهم الإدارة الأمريكية، بحيث يستعيد الميثاق التعبير الصادق عن الثوابت الوطنية والقومية في الصراع العربي - «الإسرائيلي» واستكمالاً لذلك بالعمل على إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني من عناصر وقوى شعب فلسطين دون إقصاء.
إن قراءة موضوعية لواقع الشعب العربي الفلسطيني في وطنه المحتل، ومواطن اللجوء العربي، والشتات توضح تماماً بأنه ازداد وعياً ومعرفة، وقدرة على التفاعل مع الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم، بما يعزز قدراته في كفاحه الطويل الممتد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"