عادي

وفاء العميمي.. السرد عندما يهمس

20:25 مساء
قراءة دقيقتين
وفاء العميمي

الشارقة: أشرف إبراهيم

تترجم القاصة والروائية وفاء العميمي بدقة متناهية في أعمالها مقتطفات من الحياة الاجتماعية بحساسية جمالية؛ إذ تسرد ما يدور في دهاليز الحياة وثناياها الخفية بطريقة تشف عن رؤية عميقة للقضايا الأسرية بشكل جسور، فتبرز اللحظات الشائكة في حياة الذين تروي عنهم بشعرية فائقة، فهي تكتب ما يسكن في ذاكرتها من أحداث تناهت إليها عبر الزمن، فأضحى لديها سجل زاخر من الأفكار المبدعة التي تستحق أن تبلورها في أعمال روائية أو قصصية قصيرة، وما يمنحها القدر الكافي للتعبير عن الإشكاليات الإنسانية التي تكتنف حياة الناس أنها تمتلك طاقة تخيلية واسعة فتشكل سردها بأسلوب ضمني محفز على الغوص في اكتشاف التفاصيل، ومن ثم الامتثال لما ترويه بمهارة وإبداع، فمشاهدها السردية فيما أصدرت من قبل أظهرت ميلها للتكثيف اللفظي، مع تبيان دلالات واضحة تعبر عن قيم المجتمع وتقاليده، فأحياناً تكون قصصها القصيرة عبارة عن همس، وهي تعبر بالقارئ إلى أسئلة الحياة البديهية التي تتعلق بالهموم الأشجان، وأحياناً أخرى تعطي للسرد مذاقاً آخر فيه حرارة وانطلاق وجنوح.

وفي رصيدها الأدبي روايتان هما «راعي غوالي»، و«الأمير والفهيم»، بالإضافة إلى مجموعة قصصية تحمل عنوان «بعيد المنال»، ولا تزال تخطو بأفكارها المبدعة نحو تجسيد الوقائع والأحداث من منطلق منظورها الأدبي الخاص، الذي يحتفظ لها بخصوصية في المشهد الثقافي.

تعكف العميمي في هذه الأيام على رواية جديدة تحمل اسم «وأنا وحدي»، التي تعلن فيها عن تقنيات سردية أخرى في مسيرتها، تتخذها كأسلوب مغاير في تدفقها الروائي؛ حيث تنجح في تجسيد صورة ملائمة لبطلة الرواية، وإن كانت الأحداث التي تحيط بها مختلطة وتعبر عن هواجس تكشف عن حجم الوقائع المريرة التي مرت بها في حياتها، فالبطلة شابة تروي عن مأساة عاشتها ضمن شبكة عريضة جمعتها بآخرين وهم على درجة قريبة منها في المحيط العائلي، والرواية على الرغم من عدم اكتمالها فإنها وفقاً للعميمي تحقق من خلالها قفزات نوعية في طريقة السرد وفقاً للظروف المواتية لبطلة الحكاية التي تتميز بالجرأة في قول كل ما تريد عن همومها الثقال، وما واجهته من متاعب جراء مشكلة كبيرة صادفتها في بداية عمرها، فالبطلة تعثر على نفسها في مرحلة النضج العمري، وهي تجوب بذكرياتها الأمكنة التي ظللت حياتها بالكآبة، لكن السياق الاجتماعي الذي تدور فيه الرواية يجعل للسرد متعته، ويبرز منطق الحياة في التعامل مع المأساة بما يحتمل وما لا يحتمل.

وفي سياق سردي آخر تركز العميمي على استكمال مجموعة قصصية جديدة لم تضع لها اسماً بعد؛ إذ أنجزت منها ما يقرب من خمس قصص قصيرة، فهي تحاول أن تستدعي ذاكرتها المزدحمة بالتفاصيل في صياغة موضوعات تمثل الواقع دون استفاضة في ذكر الأحداث، بما يضفي على الحكاية حيوية وتشويقاً؛ حيث تبرز إشكاليات إنسانية في هذه المجموعة القصصية مثل: الحقد، والضغينة، والخير والشر، بما يتسق مع الرؤيا الكلية لبعض قضايا المجتمع التي تحدث كل يوم على صفحة الحياة، لكن برؤية خاصة ومعالجة حرة طليقة في السرد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrxe2f96

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"