ترامب بوجه آخر !

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب

حسم الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، نتائج انتخابات التصفية الحزبية لمرشحي الرئاسية في «الثلاثاء الكبير»، وفرض نفسه مرشحاً رئيسياً للجمهوريين في مواجهة خصمه الديمقراطي، جو بايدن، الذي سيحاول فعل المستحيل كي يفوز بولاية ثانية بدعم من حزبه الديمقراطي، وبدعوات حلفائه في أوروبا الذين لا يريدون أن يعيشوا مجدداً كابوس ترامب في البيت الأبيض.

لا حديث في الولايات المتحدة وخارجها، سوى عن العودة المحتملة لترامب، وما يمكن أن تحمله من مفاجآت، والجميع يسلّم بأن هذا الرجل سيستمر في سياساته التي نفذها في ولايته الأولى، خصوصاً ما يتعلق بمواقفه من قضايا الهجرة، والعلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي، وحلف «الناتو» وروسيا والصين، وأوضاع الشرق الأوسط، وقد يكون هذا الأمر صحيحاً ومبعث قلق لحلفاء الولايات المتحدة أكثر من خصومها، لكن ترامب ليس شخصية نمطية يمكن أن تكرر نفسها إذا فاز بولاية رئاسية ثانية. ورغم أن تصريحاته وحملاته الانتخابية تستعيد ما كان يقوله قبل ثماني سنوات، إلا أن ما يحاول خصومه طمسه، أن هذا الرجل واقعي، ويتفاعل مع المستجدات المحلية والدولية، ولا يريد أن يتحداها كما فعل كل الرؤساء الأمريكيين منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، قبل أكثر من ثلاثين عاماً.

بين ترامب وبايدن، خلافات عميقة وحرب تصفية تتسع مع احتدام المنافسة، واقتراب موعد الحسم الرئاسي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وبينما يحاول الرئيس الحالي أن يُظهر أن الولايات المتحدة في خير ونعمة، وما زالت تتحكم في قيادة النظام الدولي، وتنفق بسخاء على حلفائها لفرض الهيمنة عليهم، وتمول الحروب التي تخدم مصالحها، يقف خصمه الجمهوري على النقيض من ذلك كله، ويؤكد أن الولايات المتحدة لم تعد عظيمة، وباتت أكبر دولة مفلسة تتراكم على حكومتها الفيدرالية ديوناً تجاوزت 34 تريليون دولار، وأن مهمته كرئيس هي أن يستعيد العظمة الأمريكية عبر التخلص من كل الأعباء الخارجية، والكف عن لعب شرطي العالم.

ترامب، الذي يصفه خصومه بأنه ظاهرة شعبوية خطرة، قد يكون فيه شيء من ذلك، أما في جوهره فهو تعبير عن حالة أمريكية متدهورة، وقوة عظمى تآكلت بما يكفي، وباتت مضطرة إلى الاعتراف بأن العالم الذي كانت تتسيده اختلف، ولم يعد يسمح بالقطب الواحد. وإذا كان ترامب لا يصرح به، فإن أفكاره وتوجهاته تعبر عن ذلك، وشعاره «أمريكا أولاً»، يشير إلى أن السياسة الواقعية التي يتبناها، تتمثل في الانسحاب من أزمات العالم إذا لم تكن هناك قدرة على منعها، أو إيجاد حلول لها.

إذا سار السباق الرئاسي طبيعيّاً، ونجا من المفاجآت، ستكون عودة ترامب إلى البيت الأبيض مرجحة بقوة، ونتيجة طبيعية للأزمة الأمريكية العميقة والتحولات الدولية الكبرى، وليس بالضرورة أن تكون ولايته الثانية نسخة من الأولى، خصوصاً على الصعيد الدولي، ففي منتصف العقد الماضي، لم يكن العالم منقسماً بهذا الوضوح، ما سيفرض على ترامب الظهور بوجه آخر، يمكن أن يتواءم مع هذه المتغيرات، من دون أن يسير سيرته الأولى، أو يستنسخ نهج بايدن.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/sj3btjwj

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"