أولى نتائج الحرب الأوكرانية

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب

في خضم حالة غير مسبوقة من عدم اليقين، بدأت الأزمة الأوكرانية تستقطب مواقف وتحركات مريبة، وتطرح كثيراً من التساؤلات عن مآل الأوضاع والسياسات التي تدور حول هذه الحرب. فبينما بقي الموقف الروسي ثابتاً ومتناسقاً بشأن الأهداف المعلنة من «العملية العسكرية الخاصة» كما تسميها موسكو، دبّ الانقسام في المعسكر الغربي، وبدأ بعض الأوروبيين يستأسدون استباقاً لتغيير محتمل في البيت الأبيض قد يؤدي إلى وقف الدعم الأمريكي الكبير لأوكرانيا.

المعركة الدائرة منذ أكثر من عامين، لم تتوقف وتسير بروتينها المعتاد، من معارك وقصف وتهديدات وحُزَم مساعدات وتعهدات بهزيمة موسكو، فيما تحلم كييف بأن قواتها، التي جرى استنزافها بشدة في هذه الحرب الطويلة، بأن تحقق النصر، وبدلاً من هجوم مضاد فشل، تتحدث عن هجمات مرتقبة بدعم خارجي، على الرغم من أن القوات الروسية تتقدم من اتجاهات عدة وأحدثت مؤخراً تغييرات في خطوط المواجهة بعد استعادة أفدييفكا وبلدات في محيطها، وهناك مؤشرات إلى أن الأسابيع المقبلة لن تحمل أخباراً سارة من الجبهات إلى كييف، أو إلى العواصم الأوروبية الأخرى، وخصوصاً باريس وبرلين، اللتين تعيشان قلقاً غير مسبوق، عبّر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً بضرورة إنشاء تحالف عسكري يزود أوكرانيا بقنابل وصواريخ بعيدة المدى، كما دعا إلى التفكير في إرسال قوات برية للدخول في مواجهة القوات الروسية «التي لا تريد أن تنهزم» بحسب تعبير أحد الخبراء في بروكسل.

الحديث الأوروبي عن انخراط أوسع في الحرب بما يتجاوز الخطوط الحمراء السابقة، يؤكد أن الأزمة داخل «القارة العجوز» بلغت أقصى حدودها، ووصلت إلى مفترق طرق حاسم لم يعد معه مجال للصبر على ما قد يأتي، لاسيما بعد أن تراجع الدعم الأمريكي إلى مستويات فادحة بسبب انقلاب توازنات الكونغرس، وقد يتلاشى نهائياً، إذا فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالرئاسة. وحتى إذا بقي الديمقراطي جو بايدن، فلن يكون بمقدوره جمع مليارات الدولارات لأوكرانيا كما كان في السابق عندما كان الرهان على صمود كييف في وجه الهجمات الروسية المراوغة.

التحول الأمريكي تجاه هذه الأزمة أصبح أمراً واقعاً، ووسّع دائرة الخيبة في أوروبا التي دفعت أثماناً باهظة جراء سياسات المقاطعة والعقوبات التي فرضتها على موسكو، على أمل أن تحقق نجوعاً سريعاً، لكن الجانب الروسي، يبدو أنه قد أعد مسبقاً حساب ردود الفعل، وراهن على تفكك الكتلة الغربية. وربما يكون شيئاً من ذلك قد تحقق بالنظر إلى التباين المتسع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والخلافات والانقسامات الظاهرة والخفية بين الدول الأوروبية الكبرى مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، أما بريطانيا، التي كانت في بداية الأزمة تعمل على إذكاء النار، فلم يعد لها صوت بعدما أصبحت في مأزق بين المواقف المتخبطة. ومع ذلك لم تكشف الحرب بكل نتائجها بعد، ولكن بعض الحقائق لا يمكن حجبها، منها تصلب الموقف الروسي وتفكك وحدة الحلفاء الغربيين والعجز الأوكراني عن تحقيق النصر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc4jshyn

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"