الثقافة المالية للمرأة ودورها في تحقيق الاستقلال المالي

14:36 مساء
قراءة 4 دقائق

في خضم التطورات المتسارعة التي تشهدها الأسواق المالية في العالم، يزداد الاعتراف بدور المرأة كقوة محركة للتحول الإيجابي. حيث تؤكد الأبحاث التي أجراها كل من صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على التأثير العميق الذي يمكن للمرأة أن تحدثه في تعزيز النمو الاقتصادي والحد من الفقر وتعزيز المرونة الاقتصادية الشاملة.

وبينما تسعى الحكومات والمنظمات في جميع أنحاء العالم بنشاط لدعم سياسات مالية شاملة للجنسين، تبدأ الرحلة نحو التمكين الاقتصادي الحقيقي من المستوى الشعبي.

بناء المرونة المالية التمكين المالي هو قدرة الفرد على التحكم بشؤونه المالية وإداراتها. كما يشمل مفهوم التمكين المالي اكتساب المعرفة والمهارات والثقة لاتخاذ قرارات مالية مستنيرة، مما يسهم في تعزيز الاستقلال والأمان المالي.

كما توفر الثقافة المالية للنساء القدرة على تعزيز عادة الادخار والاستثمار المنتظمين، والتي تبدأ بالقدرة على إدارة النفقات ووضع الميزانية. تشكل هذه المهارات الأساسية الركيزة الأساسية للمرونة المالية في مواجهة النفقات غير المتوقعة أو التقلبات الاقتصادية.

وتوصي قاعدة 50/30/20 الشائعة بتخصيص 50% من الدخل للضروريات (الإيجار والرهن العقاري والنقل والطعام)، و30% للنفقات غير الأساسية (الترفيه والإجازات والهوايات)، و20% للادخار والاستثمار.

ويعتبر الحساب المصرفي هو نقطة انطلاق جيدة لأنه يسهل توفير المال ويقدم عوائد على المدخرات. كما توفر حسابات التوفير ذات العائد المرتفع أعلى معدلات الفائدة على الودائع. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، تمتلك 65% من النساء في جميع أنحاء العالم حساباً مصرفياً لدى مؤسسات مالية مقابل 72% من الرجال.

بناء وتحسين السجل الائتماني يُعد السجل الائتماني عاملاً رئيسياً يعتمد عليه المقرضون عند اتخاذ قرار الموافقة على طلبات الحصول على التمويل، سواءً أكانت قروضاً شخصية أو قروضاً عقارية. فهو بمثابة مؤشر على الجدارة الائتمانية للمقترض، حيث يتيح السجل الائتماني الجيد الحصول على تمويلات بمعدلات فائدة مُخفضة.

يمكن بناء سجل ائتماني قوي وتعزيز التصنيف الائتماني من خلال اتباع مجموعة من الإجراءات المالية السليمة مثل الحفاظ على الحد الأدنى لرصيد الحساب، وتسديد الفواتير في الوقت المحدد، وعدم إنفاق الحد الأقصى باستمرار على بطاقات الائتمان الخاصة بك.

إنشاء صندوق للطوارئ تخبئ لنا الحياة الكثير من المفاجآت، لذلك من الأفضل الاحتفاظ بمبلغ من المال جانباً لمواجهة الأحداث غير المتوقعة، وغالباً ما يشار إلى هذا المبلغ باسم صندوق الطوارئ. القاعدة الأساسية الجيدة هي توفير مبلغ يكفي للنفقات ما بين 3-6 أشهر ولكن المبلغ الذي يجب عليك توفيره يعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك الحالة الاجتماعية وخدمات الرعاية الصحية وإعانات البطالة - أو عدم وجودها - في بلد إقامتك. الأمر كله يتعلق بالتفكير في المستوى الذي تشعر فيه بالراحة والأمان. ابدأ بمبالغ صغيرة إذا لزم الأمر، ولكن استمر. يمنحك وجود صندوق للطوارئ راحة البال، مما يمكّنك من التعامل مع المفاجآت بثقة.

الاستثمار من أجل المستقبل في حين يلعب الادخار دوراً رئيسياً في أي خطة مالية سليمة، إلا أنه لا يُعد أداة فعالة لتنمية الثروة على المدى الطويل. بالمقابل، يُعتبر الاستثمار خياراً استراتيجياً لتعظيم الأموال وتحقيق النمو المالي المستدام. ورغم أهميته البالغة، يُلاحظ إقبالاً أقل من النساء على الاستثمار مقارنة بالرجال عبر مختلف الفئات العمرية.

ويعزى عزوف البعض، وخاصة النساء، عن دخول عالم الاستثمار إلى عدة عوامل، منها قلة المعرفة بالمجال وتعقيد المصطلحات المالية المستخدمة. يهدف التثقيف المالي إلى معالجة هذا التحدي من خلال تزويد الأفراد بالمعارف والمهارات اللازمة لفهم أهمية الاستثمار، وخيارات الاستثمار المتاحة، وطرق إدارة المخاطر، وإمكانية تحقيق تراكم الثروة على المدى الطويل. كما أنه يُعزز الثقة بالنفس ويُمكّن الأفراد من اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة. تتوفر اليوم العديد من الموارد التعليمية المفيدة، مثل الندوات عبر الإنترنت، والمقالات المتخصصة، والكتب المالية، التي تساهم جميعها في رفع مستوى الوعي بكيفية عمل الأسواق المالية وكيفية اتخاذ خطوة البدء الأولى في رحلة الاستثمار.

تشمل خيارات الاستثمار المتاحة مجموعة متنوعة من الأصول المالية، والتي تختلف فيما بينها من حيث مستوى المخاطر والعائد المتوقع. على سبيل المثال، تتميز الأسهم بعوائد أعلى لكنها تحمل في الوقت ذاته مخاطر أكبر، بينما تميل السندات نحو مستوى أقل من المخاطر مقابل عائد أقل. أما صناديق الاستثمار المشترك وصناديق الاستثمار المتداولة فهي عبارة عن محافظ استثمارية جاهزة تجمع بين الأسهم والسندات أو تقتصر على أحد النوعين، وتتيح تحقيق التنوع الفوري في المحفظة الاستثمارية بمستويات مختلفة من المخاطر.

بغض النظر عن مدى المعرفة التي يمتلكها الفرد، فإن أهم خطوة نحو تحقيق النجاح في مجال الاستثمار تكمن في اتخاذ القرار بالمباشرة. فلا داعي لامتلاك خبرة واسعة لبدء الاستثمار، كما أن قيمة الاستثمار الأولي ليست المعيار الأساسي للحكم على نجاح المسيرة الاستثمارية. إن الهدف الأسمى يكمن في غرس عادات استثمار إيجابية وتعزيز الثقة بالنفس لتمكين الأفراد من إدارة أموالهم بكفاءة على المدى الطويل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdzmhdk4

عن الكاتب

رئيسة الاستثمارات للممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة في ساكسو بنك

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"