عادي

كيف يتطلع زعيم «داعش - خراسان» المرعب إلى العالمية؟

18:09 مساء
قراءة 6 دقائق
كابول - رويترز
أشرف الشاب ثناء الله غفاري (29 عاماً)، زعيم تنظيم «داعش ولاية خراسان»، على عملية تحول جعلت هذا الفرع الأفغاني أحد أكثر فروع التنظيم الإرهابي إثارة للرعب، وقدرة على تنفيذ عمليات بعيدة عن قواعده في المناطق الحدودية بأفغانستان.
وأعلن تنظيم «داعش - خراسان» مسؤوليته ،الجمعة الماضي، عن مذبحة قاعة الحفلات الموسيقية في موسكو، حيث قتل 139 شخصاً، وهي أنباء أكدتها واشنطن، موضحة، أنها حذرت موسكو هذا الشهر من هجوم وشيك.
معلومات أمريكية
وقال مصدر مطلع على هذه المعلومات: إن واشنطن استقت ذلك من تجسس على «دردشة» بين مقاتلي تنظيم «داعش - خراسان»، لكن موسكو شككت في الأمر.
وقال خبراء أمنيون: إن اكتشاف جوازات سفر طاجيكية مع المسلحين الذين اعتقلتهم السلطات الروسية يشير إلى وجود صلة محتملة بجماعة غفاري التي تستقطب أفراداً بكثافة من آسيا الوسطى، وفي السنوات القليلة الماضية، دأب تنظيم غفاري على مهاجمة روسيا، رداً على هزيمتها التنظيم في سوريا.
وقال مصدران من «طالبان» الأفغانية والباكستانية: إن تقارير أولية أفادت بمقتل غفاري في أفغانستان في يونيو/ حزيران الماضي لكنه هرب جريحاً عبر الحدود إلى باكستان، ويعتقد أنه يعيش في إقليم بلوشستان.
هجمات دولية
وعُيّن غفاري أميراً لتنظيم «داعش - خراسان» في عام 2020، وعزز من سمعة التنظيم في تبنيه لنهج متشدد، وتنفيذه لهجمات كبيرة.
وجذب التنظيم الاهتمام العالمي بتفجير انتحاري في 2021 في مطار كابول الدولي أثناء الانسحاب العسكري الأمريكي أدى إلى مقتل 13 جندياً أمريكياً، وعشرات المدنيين، وفي سبتمبر/ أيلول 2022، أعلن مسؤوليته عن هجوم انتحاري على السفارة الروسية في كابول.
لكن ربما وقعت العملية الأكثر جسارة حتى الآن، في يناير كانون الثاني، بتفجير انتحاري مزدوج في إيران أدى إلى مقتل نحو 100 شخص في أكثر الهجمات دموية على الأراضي الإيرانية.
ولم يكن يُعرف سوى القليل عن غفاري قبل هجوم مطار كابول عام 2021، ما دفع واشنطن إلى إعلان مكافأة قيمتها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقضاء عليه.
وقالت مصادر من «طالبان»، إنه أفغاني طاجيكي كان جندياً في الجيش الأفغاني، وانضم لاحقاً إلى «داعش- خراسان» الذي تشكل أواخر العام 2014.
توسع إقليمي
وتحدثت «رويترز» إلى أكثر من 12 مصدراً، بينهم مسؤولو أمن ومخابرات حاليون ومتقاعدون في أفغانستان وباكستان والعراق والولايات المتحدة، إضافة إلى أعضاء من حركة «طالبان» الأفغانية والباكستانية الذين قالوا: إن «داعش» استغل عدم قدرة الحركة على القضاء على قواعده الآمنة في أفغانستان للتوسع إقليمياً.
وقالت المصادر، إنه في عهد غفاري، استخدم التنظيم هجمات كبيرة كأداة لاستقطاب الطاجيك والأوزبك في آسيا الوسطى وليس الأغلبية البشتونية في أفغانستان.
واستمد التنظيم اسم «خراسان» من اسم قديمة أطلقت على منطقة شملت أجزاء من إيران وتركمانستان وأفغانستان بالإضافة إلى مناطق من طاجيكستان وأوزبكستان.

هجمات جريئة
وقال إسفنديار مير، الخبير الكبير في شؤون أمن منطقة جنوب آسيا في معهد الولايات المتحدة للسلام: «يسعى تنظيم داعش - ولاية خراسان إلى التفوق في الأداء على المنافسين عبر تنفيذ هجمات أكثر جرأة تجعله أكثر تميزاً، ولكي يكسب على حساب المنافسين، ويتحصل على الموارد من المؤيدين المحتملين».
وعلى خلاف الهجمات الانتحارية الكبيرة السابقة التي نفذها التنظيم، سعى المسلحون الجمعة إلى الفرار، واعتقلتهم السلطات الروسية على بعد نحو 300 كيلومتر غربي موسكو، ما أثار الشكوك في روسيا حول ما إذا كانوا متطرفين حقاً.
وفي صور لم يتحقق منها نشرها الإعلام الروسي، قال أحد المشتبه فيهم: إنه عُرض عليه نصف مليون روبل (ما يزيد قليلاً عن 5000 دولار) لتنفيذ الهجمات.

«أسئلة كثيرة»
وذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمرة الأولى الاثنين، أن الهجوم من تنفيذ متشددين، لكنه لم يذكر علانية صلة «داعش - خراسان» بالمهاجمين الذين قال: إنهم كانوا يحاولون الفرار إلى أوكرانيا، وقال بوتين: إنه لا تزال هناك «أسئلة كثيرة» تحتاج إلى إجابة.
وقال كولين كلارك، من مركز سوفان البحثي المتخصص في قضايا الأمن العالمي: إن هناك أمثلة على هروب مسلحين بدلاً من تنفيذ عمليات انتحارية، مثل مسلحي «داعش» الذين فروا بعد الهجوم على قاعة باتاكلان الموسيقية في باريس 2015.
وقال فرانك ماكنزي، الرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية التي تغطي آسيا الوسطى والشرق الأوسط: إن هجوم موسكو يتسق مع الهدف البعيد لتنظيم «داعش» المتمثل في زيادة عملياته الخارجية التي تتضمن أهدافاً أمريكية.
وقال ماكنزي: «ما زالوا مصممين على مهاجمتنا ومهاجمة وطننا، أعتقد أن احتمالات ذلك ربما تكون أعلى الآن مما كانت عليه قبل عامين».
* مجندون دوليون
قالت وزارة الخارجية الأمريكية في إعلان مكافأتها: إن غفاري، المعروف باسمه الحركي «شهاب المهاجر»، قائد عسكري محنك دبر لهجمات انتحارية لتنظيم داعش - خراسان في كابول، وقالت أيضاً: إن عصمت الله خالوزاي الذي كان يدير شبكة من التحويلات المالية غير الرسمية، تُعرف باسم حوالة، من تركيا، هو «الميسر المالي الدولي» للتنظيم.
وجاء في تقرير صدر في 2023 مقدم إلى مجلس الأمن الدولي عن التهديد الدولي الذي يشكله «داعش»، أن عدد أفراد فرعه الأفغاني تراوح بين أربعة آلاف وستة آلاف على الأرض، ويقول خبراء: إن توسع التنظيم يعود إلى انهيار «داعش» في الحرب بالعراق عام 2017.

خبرات حرب العصابات

وقال مسؤول أمني عراقي طلب عدم كشف هويته، إن كثيرين من المقاتلين الأجانب فروا من العراق إلى أفغانستان وباكستان للانضمام إلى «داعش - خراسان»، حاملين معهم خبرات في حرب العصابات.
وأضاف المسؤول، أن الأمن العراقي يعتقد أن تنظيم «داعش - خراسان» يعمل على إنشاء شبكة إقليمية من الخلايا المقاتلة التي قد تساعد على تنفيذ هجمات دولية، وذلك بناءً على معلومات من مجندين في التنظيم اعتقلوا.
وأكد المسؤول العراقي، أن اثنين من كبار قادة «داعش» الذين اعتقلتهم تركيا في ديسمبر كانون الأول، وسلمتهم لبغداد قالوا: إنهما كانا يتواصلان مع غفاري للحصول على دعم مالي ولوجستي عبر تبادل رسائل مع عضوين طاجيكيين من التنظيم في تركيا.
وأوضح مسؤول مخابرات في «طالبان»، أن 90% من قيادات «داعش - خراسان» هم من غير البشتون.
وأشار تقرير للأمم المتحدة صدر في يناير كانون الثاني 2024 إلى، أن التنظيم كثف جهوده لتجنيد مقاتلين أجانب وأعضاء خاب أملهم في «طالبان»، مع التركيز بشدة على الطاجيك.
* روسيا والغرب في مرمى نيران التنظيم
قبل يوم واحد من هجوم موسكو، قال مسؤول عسكري كبير للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي، إنه تبين أن جهود طالبان لقمع «داعش» ليست كافية، وقال الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية: إن «طالبان» استهدفت بعض كبار قادة التنظيم، لكن لم تكن لديها القدرة أو النية لمواصلة الضغط عليه، ما سمح للتنظيم بتجديد شبكاته.
وقال كوريلا في جلسة استماع للجنة بمجلس الشيوخ هذا الشهر: «يمتلك تنظيم داعش - خراسان القدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأمريكية والغربية في الخارج في غضون نحو ستة شهور، دون إنذار أو إشارة تذكر».
وقال تقرير الأمم المتحدة الصادر، في يناير/ كانون الثاني: إن تراجع هجمات التنظيم داخل أفغانستان ربما يكون انعكاساً لتغير في استراتيجية غفاري، فضلاً عن جهود مكافحة الإرهاب التي تبذلها «طالبان».
ونفذت السلطات في دول أوروبية سلسلة اعتقالات لأشخاص يعتقد أنهم من تنظيم «داعش - خراسان» في يوليو تموز وديسمبر كانون الأول من العام الماضي، لاتهامهم بالتدبير لهجمات إرهابية.
وقالت كريستين أبي زيد، مديرة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، أمام لجنة بمجلس النواب الأمريكي في نوفمبر/ تشرين الثاني: إن تنظيم «داعش - خراسان» استخدم حتى الآن «مجندين غير محنكين» في تنفيذ هجمات بأوروبا.
وقال خبراء أمنيون: إن تنظيم «داعش خراسان» ركز اهتمامه على روسيا في العامين الماضيين، وانتقد التنظيم بوتين لتغييره مسار الحرب الأهلية السورية.
وقال آرون زيلين، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: «يخطط داعش خراسان لشن هجمات داخل روسيا منذ فترة»، وأضاف، أن محاولات التنظيم في الآونة الأخيرة لضرب روسيا باءت بالفشل.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ys229n48

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"