عادي
نتنياهو تعمد المواجهة.. وواشنطن تتجنب ورقة «المساعدات العسكرية»

كيف يؤثر اجتياح رفح في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية؟

18:20 مساء
قراءة 4 دقائق
واشنطن - وكالات
هل ستصغي إسرائيل إلى التحذيرات بعدم شن هجوم بري واسع على رفح؟ لا يبدو الجواب واضحاً إلا أن واشنطن بدأت تأخذ مسافة من الدولة العبرية أحد أكبر شركائها، بعد ستة أشهر تقريباً على بدء الحرب على قطاع غزة.
وامتنعت واشنطن الاثنين عن التصويت في مجلس الأمن الدولي، ما سمح للمرة الأولى باعتماد قرار يدعو إلى «وقف فوري لإطلاق النار» في قطاع غزة.
وأثارت الخطوة الأمريكية غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي ألغى بعيد ذلك زيارة لوفد إسرائيلي كانت مقررة لواشنطن للبحث في المخاوف الأمريكية من الهجوم على رفح.
إلا أن مسؤولاً أمريكياً رفيع المستوى أعلن الأربعاء، أن «مكتب نتنياهو قال إنه يرغب في تحديد موعد جديد للاجتماع المخصص لرفح. ننسّق معه الآن لتحديد موعد مناسب». وتعارض واشنطن هجوماً برياً على رفح إلى حيث نزح عدد كبير من سكان غزة بعدما فروا من القصف شمالي القطاع.
وتشدد الولايات المتحدة على خطر ازدياد عدد القتلى في صفوف المدنيين، خاصة أن الحصيلة تجاوزت حتى الآن 32 ألفاً، وتفاقم عزلة إسرائيل وتدعو إلى «بدائل» لاستهداف آخر معاقل حركة «حماس».
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر: «نوع المهمة التي يمكننا دعمها هي حملة محدودة، وأكثر استهدافاً يمكنها تحقيق الأهداف نفسها، لكن من دون إلحاق أضرار جسيمة بالمدنيين». لكن نتنياهو حذّر من أنه سيبدأ عملية في رفح مع دعم سياسي من الولايات المتحدة، أو بدونه فيما كان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يزور تل أبيب.
ورأى ستيفن فيرتهايم، الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن الولايات المتحدة «تحاول الحد من الأضرار الناجمة عن عملية مماثلة» في رفح التي تتعرّض لقصف مكثف منذ أيام.
- «لا تأثير ملموساً»
وأبدت الولايات المتحدة دعماً ثابتاً لإسرائيل منذ بدء الحرب التي باشرتها إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على غزة، وهي تواصل تزويدها الأسلحة. لكن إزاء الحصيلة الهائلة للقتلى المدنيين والوضع الإنساني المأساوي في القطاع، زادت واشنطن ضغوطها على إسرائيل، وحضّتها على السماح بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
كذلك، اتخذّت الولايات المتحدة إجراءات منها فرض عقوبات على مستوطنين متّهمين بارتكاب أعمال عنف في الضفة الغربية المحتلة.
من جهته، أشار مايكل سينغ من «واشنطن إنستيتيوت» للبحوث إلى أن «إدارة بايدن تسعى بشكل متزايد إلى أخذ مسافة من إسرائيل، ومن نتنياهو خاصة. إلا أن الرئيس جو بايدن أوضح أنه لن يستخدم أداة الضغط الرئيسية في وجه إسرائيل، وهي المساعدات العسكرية.
ولفت سينغ إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي «يرسل إشارة، لكن ليس له تأثير ملموس على قدرة إسرائيل على مواصلة الحرب» في حين أن قيوداً على التسليح «ستكون لها كلفة أعلى بكثير» على الصعيد الاستراتيجي والسياسي.
وكانت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل متوترة منذ بداية الحرب، لأن كل شيء يضع إدارة بايدن في مواجهة مع الائتلاف الذي شكله نتنياهو، ووصفه الرئيس الأمريكي بـ«الحكومة الأكثر تطرفاً» في تاريخ إسرائيل.
- خلافات لمرحلة ما بعد الحرب
وإضافة إلى طريقة إدارة الحرب، تختلف الولايات المتحدة وإسرائيل أيضاً حول مرحلة ما بعد الحرب، وتمهيد الطريق لإنشاء دولة فلسطينية، وهو أمر يعارضه نتنياهو بشدة. وانتقد زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر المؤيد الشرس لإسرائيل، نتنياهو، ودعا إلى إجراء انتخابات، في خطاب لاقى إشادة من بايدن.
لكنّ مسؤولين أمريكيين أكدوا، أن شومر لم يكن يتحدث نيابة عن الحكومة، إلا أن البعض تساءل عما إذا كان شومر أعرب بصوت عالٍ عما يفكر فيه كثر في إدارة بايدن.
- مواجهة متعمدة
وتتزايد المؤشرات على نفاد صبر إدارة بايدن تجاه نتنياهو؛ إذ كتب ألون بينكاس، القنصل الإسرائيلي السابق في نيويورك، في في«الغارديان» أن نتنياهو كان يسعى عمداً إلى مواجهة مع واشنطن منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول، وكان قرار مجلس الأمن «أحدث ذريعة لهذه المواجهة المتعمدة».
ويتحدث الكاتب عن سببين يدفعان نتنياهو لهذه المواجهة: الأول اختلاق رواية تصرف الانتباه عن سياسته التي «تضعف السلطة الفلسطينية، وتجعل أي مفاوضات سياسية مستحيلة؛ وبالتالي تعفيه من المسؤولية والمساءلة التي يرفض باستمرار تحملها».
والمشكلة الأكبر حالياً بالنسبة لنتنياهو، بحسب المقال، هي «إمكان قيام دولة فلسطينية يحاول العالم فرضها على إسرائيل منذ الهجوم».
وبحسب الكاتب، فإن نتنياهو يرى نفسه أنه الوحيد القادر على الوقوف في وجه واشنطن، وتحدي بايدن، لمنع هذا، مسترضياً بذلك ائتلافه المتطرف الذي يعارض قيام الدولة الفلسطينية.
أما السبب الثاني بحسب الكاتب، فهو أن «نتنياهو يسعى لأن يجعل من بايدن كبش فداء لفشله في تحقيق النصر الكامل أو القضاء على حماس».
وقبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يواجه بايدن ضغوطاً سياسية متزايدة من الأمريكيين المسلمين والعرب، إضافة إلى الناخبين الشباب والجناح اليساري في حزبه.
وأظهر استطلاع للرأي لمعهد «غالوب» نُشر الأربعاء، أن 36 % فقط من الأمريكيين يوافقون على تصرفات إسرائيل بعدما كانت نسبتهم 50 % في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2mj5tf7f

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"