عادي
حرص على حماية البيئة والحياة البرية

الاستدامة.. نموذج تنموي زرعه زايد

00:10 صباحا
قراءة 5 دقائق

إعداد: يمامة بدوان

ترسخ دولة الإمارات دورها الحيوي في تعزيز مفهوم الاستدامة واقعياً، بمبادرات واستراتيجيات ملهمة، تجسيداً لرؤية القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في الاستدامة، التي حرص على الحفاظ على الطبيعة ومواردها وحماية البيئة، حيث استطاع أن يحقق الكثير من الإنجازات ليس محلياً فقط، ولكن في العالم أجمع، وخير دليل على ذلك مقولته «المحافظة على الطبيعة التزام وواجب مقدّس، علينا ألا نخلّ بالتوازن الحيوي، لأن بقاءنا يعتمد عليه، ويجب أن نؤدّي دوراً إيجابياً في ترك هذه الأرض مكاناً أخضر لأجيالنا المقبلة».

منذ قيام الدولة، حرص الشيخ زايد، على حماية البيئة والحياة البرية، وتوفير كل الأنظمة والتشريعات والبرامج والمشروعات، التي جعلت الإمارات من الدول السبّاقة في الاهتمام بالبيئة، ونموذجاً يحتذى عالمياً في الاهتمام بالبيئة وحمايتها والحفاظ على حق الأجيال المتعاقبة في التمتع بالحياة، في بيئة نظيفة وصحية وآمنة، وعبَّر عن إيمانه العميق بهذه المبادئ في مقولته «نولي بيئتنا جلّ اهتمامنا لأنها جزء عضوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا، لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض للمحافظة عليها، وأخذوا منها قدر احتياجاتهم فقط، وتركوا منها ما تجد فيه الأجيال المقبلة مصدراً ونبعاً للعطاء».

الصورة

اتفاقات عالمية

تمتلك دولة الإمارات سجلاً حافلاً في العمل من أجل البيئة، ترافقت مع تأسيسها في مطلع سبعينات القرن الماضي، فضلاً عن العمل المناخي، بدأت بتوقيعها على بروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المسببة لتآكل طبقة الأوزون عام 1989. وفي مطلع تسعينات القرن ال20 كان الاتفاق الدولي على إطلاق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ لتمثل أول تحرك عالمي لمواجهة هذا التحدي. وفي 1995 انضمت الإمارات للاتفاقية للمشاركة في الحراك الدولي للعمل المناخي. كما أنه وبعد إطلاق بروتوكول «كيوتو» الملزم للدول المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات صدقت الإمارات عام 2005 عليه، أول دولة من الدول الرئيسية عالمياً لإنتاج النفط.

ومع تحديث أهداف العمل المناخي، لتركز بشكل أكبر على معالجة إشكالية ارتفاع درجة حرارة الأرض، والحد بشكل أكبر من انبعاثات غازات الدفيئة، مع إطلاق اتفاق باريس للمناخ في 2015، سارعت دولة الإمارات للانضمام إلى الاتفاق والتوقيع على بنوده، أول دولة خليجية ومن أوائل دول المنطقة.

كما تعدّ الإمارات رائدة في قيادة خطط الاستدامة، كونها أول دولة في المنطقة تصادق على اتفاقية باريس، وأول دولة في المنطقة تعلن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.

اليوم للغد

ولتأكيد أهمية ترسيخ الاستدامة، جاء إعلان صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تمديد مبادرة «عام الاستدامة» لتشمل عام 2024، تحت شعار «اليوم للغد»، بهدف البناء على ما تحقق من نجاحات خلال عام 2023، بالتزامن مع «يوم البيئة الوطني» في دولة الإمارات، وفي إطار التزامها بأهداف التنمية المستدامة، مستلهمة في ذلك رؤية القائد المؤسس الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، التي تبلورت في رسالته إلى قمة الأرض التي عُقِدت في البرازيل، في يونيو 1992، وجاء فيها «منذ البداية عدَّت دولة الإمارات حماية البيئة هدفاً رئيسيّاً لسياستها التنموية، وبذلت جهوداً مكثفة في أوضاع بيئية قاسية لمعالجة مشكلة التصحُّر، وزيادة الرقعة الخضراء، وتطوير الموارد المائية، وتحسين البيئة البحرية وحمايتها من التلوث، والحفاظ على الثروتين السمكية والحيوانية والطيور، والإكثار منهما بإصدار التشريعات اللازمة لذلك».

جذور تاريخية

وتعكس هذه الرسالة، حرص دولة الإمارات على الرجوع إلى الجذور التاريخية، والموروثات القيمية والحضارية للمجتمع والبناء عليها، ضمن نموذجها التنموي الذي يدمج بُعد الاستدامة في استراتيجيات التنمية الوطنية والخطط القطاعية، مع توفير الموارد والسياسات والأدوات اللازمة للتنفيذ، ويتبنّى مبادئ الحوكمة والتنوّع والمساواة بين المواطنين، ويصوغ أسس التعاون الدولي القائم على المشاركة الإيجابية والتضامن، لمواجهة المشكلات العالمية، كقضايا الفقر والمناخ والبيئة والأمن والسلام.

وأكد صاحب السموّ رئيس الدولة، في إعلانه تمديد عام الاستدامة، أن «حماية البيئة وصيانة الموارد أولوية أساسية، ضمن نهج الاستدامة الراسخ في الإمارات، ومسؤولية جماعية لكل أفراد المجتمع. ونجدد عزمنا على مواصلة العمل مع مختلف دول العالم، للتصدي للمخاطر التي تواجه البيئة والبناء على اتفاق الإمارات التاريخي، الناتج عن مؤتمر «كوب 28»، من أجل مستقبل أفضل للبشرية».

بصمات مشهودة

وحرصاً من القيادة الرشيدة على استمرار هذا الإرث التاريخي في الحفاظ على البيئة واستدامة الموارد الطبيعية، جاء إعلان صاحب السموّ رئيس الدولة، 2023 «عام الاستدامة» في دولة الإمارات، تحت شعار «اليوم للغد»، الذي واكب استضافة الدولة لمؤتمر «كوب 28».

وأكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله،، أن «دولة الإمارات قدمت منذ إنشائها نموذجاً متميزاً في الحفاظ على البيئة وصيانة الموارد. وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، قائداً عالمياً ورائداً في العمل البيئي والمناخي، وترك بصمات مشهودة في هذا المجال ونحن اليوم نسير على نهجه».

وانطلق «عام الاستدامة»، عبر مبادراته وفعالياته وأنشطته المتنوّعة، التي أضاءت على تراث دولة الإمارات الغني في الممارسات المستدامة، منذ عهد المؤسس الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، فضلاً عن نشر الوعي بقضايا الاستدامة البيئية وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية ودعم الاستراتيجيات الوطنية في هذا المجال، نحو بناء مستقبلٍ أكثر رخاءً وازدهاراً.

وحظي عام 2023 بتسجيل الإمارات كثير من الإنجازات البارزة في البيئة والتنمية المستدامة، وكان من أبرزها ما تحقق في «كوب 28»، وما نتج عنه «اتفاق الإمارات» التاريخي للمناخ.

برامج مكافحة التصحر

يُسَجَّل للمغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، حرصه الدائم على أن تتخذ دولة الإمارات مجموعة مهمة من الإجراءات، وتضع برامج عمل لمكافحة التصحّر، منها الاهتمام بالمياه الجوفية وإنشاء السدود واستخدام مخصّبات التربة وإنشاء مصانع الأسمدة والاهتمام بالزراعات المقاومة للملوحة، كما عمل على تشجير جانبي الطريق بين العين وأبوظبي، وكان هذا المشروع بداية نجاحه، طيب الله ثراه، في معالجته قسوة الصحراء، وبفضل هذه التوجيهات انتشر اللون الأخضر في مساحات واسعة من الصحراء.

واتسعت الرقعة الخضراء من الغابات والنباتات والحدائق، حيث تمكنت دولة الإمارات من إعادة الخضرة إلى المناطق الصحراوية. كما أولت الدولة بتوجيهات الشيخ زايد، اهتماماً بالغاً بقضية المياه، حيث أجرت الكثير من الدراسات والأبحاث وفق أسس علمية، بهدف إيجاد وسائل وآليات جديدة فاعلة لحماية المياه من كل عوامل الهدر، وفتح آفاق مستقبلية نحو مصادر إضافية جديدة، وتدعيم المخزون الجوفي المهم وحمايته.

ويعدّ الأسلوب المتفرد، الذي انتهجه الشيخ زايد، في المتابعة الميدانية لمشاريع التنمية والتطوير وملاحقة مراحل إنجازها، دلالات مهمة لنهج القدوة في مباشرة مسؤوليات الحكم، حدده بقوله «إنني أريد أن يراني المسؤولون بأعينهم على رأس العمل، وفي أي وقت، ومن دون تحضير لذلك حتى يقتدي كل مسؤول بهذا الأسلوب في العمل، وصولاً إلى الكفاءة والاقتدار في كل إنجازات الدولة».

إنشاء محميات طبيعية

كانت حكمة المغفور له الشيخ زايد، وفطرته، التي ارتبطت بالبيئة، تنظر إلى أفق بعيد، ولم تقف عند حد حمايتها، وإنما اتجهت إلى تنميتها وتطوير عناصرها المختلفة، فأنشأت عدداً من المحميات الطبيعية، من أهمها محمية جزيرة صير بني ياس، وهي واحدة من كبرى المحميات التي أقامها الإنسان في شبه الجزيرة العربية من حيث المساحة والنوعية، حيث تضم أنواعاً نادرة من الحيوانات والطيور المهددة بالانقراض، فأصبحت ملاذاً للحيوانات البرية والطيور وبشكل خاص حيوانات الريم والنعام والغزلان العربية والمها معقوفة القرون.

ويعود الفضل في نجاح خطط الحفاظ على المها العربية إلى الاهتمام الشخصي للشيخ زايد، حيث كان من أوائل الذين تنبّهوا في بداية الستينات إلى أن المها العربية أصبح مهدداً بالانقراض، فأصدر توجيهاته بأسر ما يمكن منها، حيث تم أسر 4 منها، وأمر من أجل الحفاظ عليها بتأسيس أول حديقة حيوان في العين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc8j52ah

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"