أبوظبي: سلام أبوشهاب
شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، المحاضرة الثالثة التي استضافها مجلس محمد بن زايد في جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، مساء أمس الأول، ضمن الموسم الرمضاني الحالي، والتي ألقاها الدكتور خالد المنيف مدرب تطوير الذات، بعنوان «رحلة إلى الذات: الارتقاء إلى مستوى التحديات واختيار السعادة».
وحضر المحاضرة، عدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين، وركزت على ثلاثة محاور وهي: الأفكار التي ترتقي بالأفراد وترشدهم إلى مواجهة التحديات واختيار السعادة، والدروس والتجارب الشخصية والرؤى التي أثرت في رحلة حياة المحاضر، وخمسة مؤشرات تدل على النجاح الشخصي.
وأكد المحاضر الدكتور خالد المنيف أن الإمارات نموذج مشرف يفتخر به، فهنيئاً لأبناء الإمارات بهذه الدولة والقيادة الرشيدة التي تولي جلّ اهتمامها بالإنسان وهو رأس المال البشري وبناء فكر الإنسان والاهتمام بإسعاده، وهذا ما نراه في هذه الدولة الفتية، وهو النهج الذي أرسى قواعده القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وقال إن الإمارات سبقت العالم في إنشاء وزارة للسعادة، وخلال زيارتي للإمارات أرى السعادة في الإمارات.
وأكد أننا نعيش في زمن متغير وسريع ونعيش في حالة لهاث سريع، وأصبح المد المعرفي هائلاً جداً ويربك العقل الذي يحتاج إلى تهذيب باستمرار وإلى خلع وقص لبعض الأفكار وإحلالها بأفكار إيجابية.
وأضاف: من منا لا يريد أن يسعد وينشط السعادة والراحة الداخلية، والعمر قصير ولا بد أن نبتكر أدوات معينة بتغذية عقولنا بأفكار إيجابية، والاستفادة من خبرات الآخرين، مشيراً إلى أن للسعادة نحو 250 تعريفاً، فكل مفكر وباحث وخبير يعرفها من جهة معينة، فمنهم من يرى أن السعادة هي العلم والعيش حالة من التدفق وهي متعة روحية، وآخرون يرون السعادة أنها راحة الضمير، وأن السعادة طفولة قلب، وطهارة القلب قيمة عالية وهي من أسباب التوفيق في الدنيا.
وأوضح أن الذين يريدون أن يسعدوا يقدروا أيامهم الهادئة، وأحياناً السعادة هي أن يمر عليك يوم يكون هادئاً، وبالتالي فإن تقدير الأيام الهادئة قيمة عالية في الحياة، مشيراً إلى أن هناك أسساً للسعادة واستكمال «الرحلة إلى الذات»، وهي مرحلة تتميز بتحقيق هذه الإنسان للنضج، وتولي مسؤولية حياته، وتوسع مداركه.
وقال المحاضر إن توفيق الحكيم يقول لا سعادة بدون تحديات، وبالتالي إذا لم تكن الحياة بدون تحدٍّ وبدون ألم تبدو مملة وباهتة، وراحة البال تُشترى ولا يعني ذلك الخروج من الحياة والتنصل من الواجبات.
وأضاف على الإنسان أن يبتعد عن الانتقاد، فالأشخاص الناقدين يضعفون الحياة، والبشر يميلون إلى الانتقاد وإيجاد المبررات، لذلك نجد أن مواقع التواصل الاجتماعي تزخم بالجدالات، فالإنسان ليس مسؤولاً عن تغيير الآخرين وإنما هي مسؤولياتهم، لذلك عليه أن لا يمضي عمره في تغيير البشر، ويجب التخلي عن وهم السيطرة حتى يظل سعيداً في حياته، ومن هنا يجب على الإنسان مواجهة التحديات بحكمة، وخلال هذه المرحلة يركز الشخص على الأمور الجوهرية، ويتجنب المجادلات السطحية، ويسيطر على أفكاره.
وقال إنه على الإنسان أن يتعامل مع أهل بيته بتوازن وبهدوء وأن يقدر قيمة الحياة بجميع جوانبها، ويعطي الأولوية لصحته النفسية والجسدية، فيعيش بوعي وامتنان ويسعى إلى تطوره الشخصي وتقدير النعم في حياته، والكمالية وهم من أهم أسباب الضغط النفسي، وبالتالي على الإنسان أن يطلب النمو ولا يطلب الكمال لأن الكمال لا يحدث، وأن يكون دائماً في حالة شكر على النعم التي يعيشها.
وأوضح أن جزءاً من السعادة يأتي عن طريق تغيير التفكير، ونعمة الحياة سعادة، وكلما عظمت مهاراتك في الامتنان كنت أكثر سعادة، وجزء آخر من السعادة الإكثار من الامتنان بالكلمة الطيبة، فالكلمة الطيبة تأتي أو كلها في كل وقت، والكلمة تبني وتهدم، فالكلمة الطيبة تحلق لمن تقال له، كما أن نسبة كبيرة من الحقوق تأخذ بالكلمة الطيبة.
وأكد المحاضر أن الإنسان مسؤول عن سعادته ويجب غرس هذه الثقافة في نفوس المجتمع، ويجب عليه تحمل المسؤولية في العمل وفي البيت وفي المجتمع، وأن لا يعلق سعادته بشخص أو متغير لأن البشر متغيرون، والتفاؤل قيمة عالية، والتفاؤل الحقيقي هو حدوث الخير لك، والرضا بما كُتب لك قيمة عالية، ويجب علينا الابتعاد عن ردات الفعل القاسية.
وتتطرق المحاضرة إلى الدروس والتجارب الشخصية والرؤى التي شكلت رحلة حياته، كما ركز على أهمية التكيف مع الظروف وقبول ما لا يمكن تغييره، وجني السعادة من القدرة على التكيف والسعي إلى تحسين الذات في المجالات الممكنة.
ورداً على سؤال حول كيفية الوصول إلى السعادة، قال المحاضر قوة الإنسان في الاعتراف بضعفه ويجب الابتعاد عن الإيجابية المزيفة، والإيجابية أن تقف على الحقيقة وأن تملك روح المبادرة وحس المسؤولية والتعامل مع الناس بإيجابية، وبالتالي الإنسان لديه القدرة على اختيار السعادة في حياته الخاصة دون أن يضطروا إلى البحث عنها والسعي للحصول عليها، وعلى الإنسان أن لا ينسى يدين اثنتين امتدتا له، الأولى امتدت له عند التعثر، والثانية صفقت له عند النجاح والتفوق.
المحاضر في سطور
الدكتور خالد المنيف مدرب ومؤلف سعودي متخصص في علم النفس وتطوير الذات، وله مساهمات دورية في صحيفة الجزيرة، كما ألّف العديد من الكتب في مجال تطوير الذات والنمو الشخصي، حاصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال تخصص إدارة الموارد البشرية وشهادة الدكتوراه في علم النفس الإداري، وقدّم دورات تدريبية في تطوير الذات والنمو الشخصي للشباب والمهنيين، واستفاد من دوراته كثيرون خلال أزمة كوفيد حيث تابعوها على وسائل التواصل الاجتماعي.
