عادي
موسيقى الروح

فلسفة الموشحة

00:21 صباحا
قراءة دقيقة واحدة
1

إيمان الهاشمي
اعتبر أغلب المؤرخين والباحثين الموشحات الأندلسية فناً مستحدثاً له فلسفته الخاصة به، بل منهم من تعامل معه كمخلوقٍ مستقل ليمتنع البقية عن انتقاده بشكلٍ لاذع أو اغتيابه! حيث إن فلسفة الموشحة تعتمد كلياً على قواعد تقنية تبتعد تماماً عن بحور الشعر المعروفة، فتراها تمتزج فيها الفصاحة تارة وتارة أخرى تندمج مع المفردات العامية بصورة غير مألوفة، وقد تأثر بفلسفتها الشعراء العرب من خلال الأغاني الإسبانية المحلية والشعبية التي اشتهرت آنذاك بالانطلاق والتحرر التام من الوزن والقافية الشعرية، وذلك لتسهيل فيض الكلام وتيسير التلحين المعني بالموشحات الأندلسية، ففي هذه النظرة الفلسفية، قوالب غنائية قابلة للغناء الفردي والجماعي معاً، لتظهر بصورتها البهية الأكثر جمالاً وقبولاً وطرباً وإقبالاً متنوعاً. وبهذه الطريقة العجيبة، تصبح الموشحة أكثر قابلية للتداول والتوارث والتحول إلى تراثٍ عميق وعريق، مما أدى إلى عدم معرفة الملحن أو الكاتب أو الوشاح الأصلي بسبب صعوبة التمييز بينهم أو القدرة على التفريق.

والجدير بالذكر أن الطبيعة الخلابة والحياة المخملية التي تميزت بالبذخ والرفاهية في بلاد الأندلس، قد ساهمت في إضفاء ثراء عظيم بالمفردات والألحان وازدهار ليالي الأنس، حيث كانت سبباً أساسياً في انتشار مجالس الطرب، سواء من الأندلسيين أو العرب، مما ترتب عليه السعي إلى التجديد الدائم لمواكبة التغيرات الاجتماعية، وبالتالي توالت الإضافات المتنوعة للموسيقى والتوشيح والتحولات الفكرية. وبذلك، باتت فلسفة الموشحة استجابة سريعة لواقعٍ ثقافي وطبيعي واجتماعي وفكري متجدد، وإن لم تكن يوماً من نوعية الفن المتماسك أو المتوحد.

Eman_Alhashimi13 @

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2v4p48zx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"