د. عارف الشيخ
السلام أمان من الله تعالى، والسلام شعار المؤمنين. والسلام في الإسلام لا يخص الرجال مع الرجال فقط، أو النساء مع النساء فقط؛ بل يجوز أن يسلم الرجال على النساء والنساء على الرجال، إلا أن الإسلام قيّد ذلك بالأمن والفتنة، لأن السلام مفاتحة للكلام، فربما السلام جرّ إلى ما ذكره الشاعر في بيته المشهور:
نظرة فابتسامة فسلامٌ
فكلام فموعد فلقاء
إذن، فنظر الرجل إلى المرأة لم يكن محرماً في البداية، لكنه حرّم لما وجد أنه يجرّ إلى المحرّم، والقاعدة المشهورة تقول: كل ما أدى إلى الحرام فهو حرام.
والسلام إذا كان متصفاً بالحشمة والوقار جائز، وقد أفرد البخاري في صحيحه باباً باسم باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال.
وعن أسماء بنت يزيد قالت: مرّ النبي، صلى الله عليه وسلم، في نسوة فسلّم علينا. رواه الترمذي على شرط البخاري.
وأما حديث يسلم الرجال على النساء ولا يسلم النساء على الرجال فحديث واهٍ، وورد في صحيح مسلم عن أم هانئ قالت: أتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يغتسل فسلمت عليه.
وفي الحديث الصحيح عن عائشة، رضي الله عنها، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لها: يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام، قالت: قلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته. رواه البخاري ومسلم.
ورد في بعض الكتب حول هذا الحديث اعتراض؛ إذ كيف ذكر جبريل عليه السلام ضمن الرجال في حين أنه ملك، ولا يقال للملائكة رجال، لكن كان الجواب أن جبريل لم يكن يأتي الرسول بصورته الملائكية؛ بل بصورة رجل من الصحابة وهو دحية الكلبي، انظر: «فتح الباري» ج13- ص 270 - 271.
يقول الإمام النووي: وأما الأجنبي فإن كانت عجوزاً لا تشتهى استحب له السلام عليها، واستحب لها السلام عليه.
وإذا سلّم منهما أحد لزم الآخر رد السلام عليه، وإن كانت شابة أو عجوزاً تشتهى لم يسلم عليها الأجنبي، ولم تسلم هي عليه، وإذا سلّم أحدهما على الآخر لم يستحق جواباً، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور.
ولا يحرم عند الشافعية أن تسلم المرأة على الرجل بحضرة امرأة أخرى، أما المشتهاة وليس معها امرأة أخرى فيحرم عليها رد السلام إذا كان من أجنبي، ذكره الجمل في حاشيته على شرح المنهج.
أقول والمراد بالسلام هو إلقاء السلام، أما المصافحة فموضوع آخر.
