عادي

انسحاب روسيا من «كارباخ».. كيف حطم أسطورة قديمة متعلقة ببلاد القياصرة؟

19:27 مساء
قراءة 3 دقائق

«الخليج» - وكالات

عندما نشرت روسيا قواتها العسكرية قبل أربعة أعوام في جيب ناغورني كارباخ الانفصالي حينذاك، كانت مهمتها واضحة وهي الحفاظ على وقف إطلاق نار بين أرمينيا وأذربيجان لتجنب نزاع جديد في القوقاز، لكن هذا الوضع تغير في أيلول/ سبتمبر الماضي مع سيطرة جيش باكو على هذه المنطقة، ما حطم أسطورة قديمة متعلقة بروسيا تقول: ب «أنّ الأقدام الروسية لا تغادر أبداً الأراضي التي تطأها».

واستعاد الجيش الأذربيجاني هذه المنطقة الجبلية في غضون ساعات وفي حرب خاطفة منهياً بذلك الجمهورية المعلنة من جانب واحد ويشكل الأرمن غالبية سكانها.

ولم يقف في وجه ذلك الجنود الروس الذين رأوا أن لا سبب لبقائهم بعد ذلك في المنطقة، في حين نددت أرمينيا بما اعتبرته خيانة.

وخلال الأسبوع الجاري أكّد الكرملين من دون ضجة انسحاب قوات حفظ السلام الروسية، وقد حملت معها جزءاً كبيراً من النفوذ الروسي في منطقة تعتبرها موسكو باحة خلفية لها.

وقال المحلل الأذربيجاني المستقل إلهان شاهينوغلو: «نحن شهود على عملية تاريخية: الروس يغادرون البلاد للمرة الأولى منذ قرنين».

وتحاول موسكو وهي لاعب رئيسي في المنطقة، الحفاظ على سيطرتها منذ تفكك الاتحاد السوفياتي الذي كانت أرمينيا وأذربيجان جزءاً منه.

وفي 2020، نشرت روسيا ألفي جندي في ناغورني كارباخ من أجل فرض احترام وقف لإطلاق النار أنهى حربا، استمرت ستة أسابيع بين باكو والانفصاليين المدعومين من يريفان.

وانتهت هذه الحرب، التي سبقتها أخرى في تسعينيات القرن الماضي، بهزيمة كبرى للقوات الأرمنية، التي اضطرت إلى التنازل عن مساحات واسعة من الأراضي.

تآكل جيوسياسي

يرى جيلا فاسادزي الخبير في مركز التحليل الاستراتيجي الجورجي، أنّ وجود الجيش الروسي في ناغورني كارباخ كان «في الأساس سياسياً، نظراً لقلة عدد جنود وحدته»، لكن موسكو كما يقول: «أرادت الاحتفاظ بجيشها في كارباخ كدليل على قدرتها على بسط نفوذها على ما تسميه (الخارج القريب منها)».

إلا أنّ الحرب في أوكرانيا أعادت خلط الأوراق واستحوذت على موارد الكرملين واهتمامه منذ شباط / فبراير 2022، نتيجة لذلك، تعاني روسيا تآكل «ثقلها الجيوسياسي في منطقة ما بعد الاتحاد السوفياتي»، كما يعتقد جيلا فاسادزي.

ويقول إلهان شاهينوغلو: إنّ روسيا تدفع ثمن «الطاقة المهدرة في حربها الفاشلة ضد أوكرانيا»، ومع الانسحاب من ناغورني كارباخ «تحطمت الأسطورة القائلة: بأنّ الأقدام الروسية لا تغادر أبداً الأراضي التي تطؤها»، حسب فاسادزي.

مع ذلك، ما زال لدى موسكو قاعدة عسكرية تضم ثلاثة آلاف جندي في أرمينيا، حيث ينتشر عدد من حرس الحدود الروس أيضاً.

على كل حال، لم تعد روسيا التي يتقدم عليها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في طليعة القوى التي تسعى إلى تسهيل التوصل إلى اتفاق سلام دائم بين أرمينيا وأذربيجان.

و اقتربت باكو أكثر من تركيا حليفها العسكري الأساسي، وأدت سيطرتها على ناغورني قره باغ، إلى حالة من الفتور بين يريفان وموسكو.

ومنذ ذلك الحين، ركّز رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان على علاقاته مع الغرب واستمر في مهاجمة الحليف التقليدي الذي يتهمه بالفشل، وشدّد على أنّ أرمينيا «ليست حليفة روسيا في الحرب في أوكرانيا»، وعلق مشاركة بلاده في تحالف عسكري ترأسه موسكو.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5fcpv9pu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"