عادي

المسيّرات البحرية.. كيف أصبحت يد أوكرانيا الضاربة في البحر الأسود؟

21:02 مساء
قراءة 3 دقائق
المسيّرات البحرية.. كيف أصبحت يد أوكرانيا الضاربة في البحر الأسود؟

أوكرانيا - أ ف ب

في مياه بُحيرة هادئة يسير قارب صغير غريب ذهاباً وإياباً، إنه إحدى المسيّرات البحرية الأوكرانية التي سمحت لكييف بإلحاق خسائر بالأسطول الروسي في البحر الأسود على الرغم من أنها لا تملك سفناً حربية.

على ضفة البحيرة، يقف جندي أمام علبة سوداء كبيرة، ويتلاعب بمقود للتحكم بأطراف أصابعه فيجعل القارب يتمايل بعنف.

ويُجري الجندي واسمه الحربي «ثلاثة عشر» تدريبات على مسيّرة بحرية أوكرانية الصنع من طراز «ماغورا في 5»، دعت القوات الأوكرانية وكالة فرانس برس إلى متابعتها في مكان سري.

ويوجّه الرجل الملثّم الوحدة التي تحمل أيضاً اسم «ثلاثة عشر» وتقود مسيّرات ماغورا لصالح الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، والوحدة معروفة بعملياتها الجريئة ضد روسيا التي غالباً ما يتم تنفيذها باستخدام مسيّرات جوية أو بحرية.

وعندما يضغط الجندي على دواسة وقود المسيّرة، تظهر ابتسامة من تحت المنديل العسكري الذي يغطي وجهه.

وأوضح أن سرعتها تصل إلى 80 كلم/ساعة ويمكنها حمل رأس حربي بوزن 320 كلغ من المتفجرات.

بهذا النوع من الآلات الصغيرة التي يبلغ طولها 5 أمتار، حقّق الجندي «ثلاثة عشر» انتصارات عديدة هزت الأسطول الروسي القوي في البحر الأسود.

وهذا هو النجاح الكبير الوحيد للجيش الأوكراني منذ نهاية عام 2022؛ إذ فشل الهجوم المضاد الكبير الذي شنه في الصيف الماضي، وتواجه قوات كييف حالياً صعوبة في صدّ تقدّم قوات موسكو شرقي البلاد.

وأكدت كييف أنها دمرت نحو 30 في المئة من السفن الحربية الروسية بواسطة مسيّرات «ماغورا» البحرية المحمّلة متفجرات، وبينها سفينة سيرغي كوتوف للدوريات البحرية الروسية في 5 آذار/مارس، وزورق إيفانوفيتس لإطلاق الصواريخ في 1 شباط/فبراير، وسفينة الإنزال الكبيرة سيزار كونيكوف بعد ثلاثة عشر يوماً قبالة ساحل شبه جزيرة القرم.

ودفعت سلسلة النجاحات الأوكرانية في البحر السفن الروسية للتراجع نحو موانئ شرقاً ونحو البحر الأبيض المتوسط، بحسب البحرية الأوكرانية.

وقال «ثلاثة عشر» لفرانس برس: «بعدد قليل من المسيّرات البحرية، تمكنا من شلّ أسطول الروس».

وأضاف: «إذا عاينتم خريطة للبحر الأسود اليوم، فلن تروا سفينة حربية روسية واحدة هناك».

وشتّت وجود الصحفيين انتباه الجندي فنسي آلته التي تقدمت بهدوء واصطدمت بضفة البحيرة، فهرع لقيادتها مجدداً، وقال: «كان عليكم لفت انتباهي! إنها آلية هشة، ويمكن أن تتضرر جراء الصخور».

السلاح رقم واحد

صنع مسيّرة من طراز «ماغورا في 5» سهل وغير مكلف، وهي مجهزة بمحرّك مماثل لذلك الموجود في الدراجات المائية (جت سكي) وبهيكل من الألمينيوم. وقال «ثلاثة عشر» ساخراً: «بالمقارنة مع سعر سفينة حربية، يمكننا القول إن المسيّرة مجانية».

وأكد المتخصص في شؤون أوروبا الشرقية في جامعة غلاسكو حسين علييف ذلك في حديث مع فرانس برس إنه مقارنة بالسفن الروسية، فإن المسيّرات «لا تكلف شيئاً»، ولفت إلى أنه «وضع غير عادي إلى حد كبير لم يحدث أبداً» في صراع آخر.

ورأى علييف أن عدد المسيّرات المشاركة في العمليات البرية والبحرية زاد «بشكل لا يصدق» خلال عامين من الحرب.

وأضاف: «إنه على الأرجح السلاح الرقم واحد في أيامنا هذه، وهو أكثر أهمية من المدفعية والمركبات المدرّعة».

وتحدّث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخراً عن مسيّرات «ماغورا في 5» قائلاً إنه باستخدام هذا النوع من المعدات «تدرك روسيا أن الحرب على أوكرانيا له ثمن حقاً».

ووقع زيلينسكي في شباط/فبراير، على إنشاء قوة منفصلة للمسيّرات داخل الجيش الأوكراني.

ميزة هائلة

واعتبر حسين علييف أن تطوير المسيّرات البحرية أعطى أوكرانيا ميزة هائلة في هذا المجال وخبرة «لا تملكها أي دولة أخرى».

وتشمل ترسانة كييف مجموعة كبيرة من الآليات المسيّرة، مثل الغواصات أو حتى القوارب المطاط التي تستخدمها أجهزة الأمن الأوكرانية خصوصاً لاستهداف جسر القرم الذي يربط شبه الجزيرة الأوكرانية التي ضمتها روسيا بالبر الرئيسي الروسي.

وقال الجندي «ثلاثة عشر»: «نحن لا نعتمد على أحد، ولم يقم أحد غيرنا بإغراق هذا العدد الكبير من السفن».

وأكد أن الروس يحاولون إيجاد حلول لمواجهة المسيّرات الأوكرانية وتدميرها من خلال وضع مزيد من الأسلحة الرشاشة في السفن مثلاً.

وأضاف متباهياً وهو ينظر إلى مسيّرته الصغيرة مبحرةً تحت أشعة الشمس الحارقة: «نحن متقدمون بخطوة، حتى لو كانت الحرب تتطور باستمرار». وأكد أن «هذه مجرد بداية لحرب المسيّرات».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycys4pz2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"