عادي
مدارس تعتبرها أعباء ترهق ميزانياتها

التأهيل والمهارات.. ضرورة حتمية للمعلمين

01:25 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

«إذا أردنا بناء جيل واعٍ لديه مهارات وقدرات وممكنات، علينا الارتقاء بكفاءات المعلم مهنياً ومهارياً».. مقولة ترددت كثيراً في الآونة الأخيرة في الميدان التربوي، لاسيما مع التحولات المتلاحقة والتطورات المشهودة في التعليم، فبات إعداد المعلم وتمكينه في عصر التحولات أمراً حتمياً لا يقبل الجدال.

يرى خبراء أنّ الارتقاء بمهارات ومهنية المعلم، أمراً ليس اختيارياً، ولكن ضرورة تفرضها المتغيرات والتحولات، فالتطورات تحاكي مهارات التكنولوجيا تارة، وطرائق التدريس تارة أخرى، ومعلم المستقبل بقدراته وإمكاناته ومواصفاته تارة ثالثة، والإشكالية في الميدان تكمن في عدم إدراك بعض المدارس مسؤوليتها نحو تدريب وتأهيل وتمكين معلميها وفق المستجدات والتغييرات.

أكّد عدد من معلمي المدارس الخاصة أنّ الارتقاء بمهارات المعلم بحقائب تدريبية هادفة، وبرامج متخصصة، قد يكون معدوماً في مدارسهم، فجميعها «شكلية غير حقيقية» تقدم فقط عند زيارات فرق التقييم، في حال كانت حقيقية مؤثرة، يتحمل المعلم تكاليفها ويتم استقطاعها من راتبه شهرياً.

في المقابل تباينت آراء إدارات المدارس، إذ يرى فريق أنّ برامج التأهيل وحقائب الارتقاء بكفاءات المعلمين ضرورة يجب أن تتحمل المدارس مسؤوليتها، فيما أكّد فريق آخر عدم أهميتها، لاسيما أنّ عملية انتقاء المعلمين لديهم تركز على أصحاب الخبرة والمعرفة، ويرى فريق ثالث ضرورة أن تكون التكاليف مناصفة بين المعلم والإدارة المدرسية.

وجدنا تفاوتاً في إجراءات الجهات التي تشرف على التعليم الخاص في هذا الصدد، إذ إنّ التدريب والارتقاء بالمستوى المهني والمهاري ركيزة أساسية في التعليم الحكومي، ولكن في الخاص فالمعايير والضوابط «ضبابية» ولا يوجد نص إلزامي واضح للمدارس لترتقي بمهنية ومهارة الكوادر، فالأمر اختياري أو بالتنسيق بين الإدارات ومعلميها فيما يخص الكلفة.

«الخليج» تناقش مع الميدان أهمية التدريب المستمر والتأهيل الممنهج للمعلمين في عصر التحولات والتطورات، ومدى مسؤولية إدارات المدارس في هذا الشأن، وأهمية التدخل العاجل للجهات المعنية لوضع ضوابط وأيضاً واضحة للارتقاء بالمعلمين في التعليم الخاص.

  • جودة المخرجات

غياب برامج التدريب، وعدم اطلاع المعلمين على طرق التدريس الحديثة، في ظل التطورات المتلاحقة، يؤديان إلى تدني مستواهم المهني والمهاري بشكل كبير، ويضر بالمتعلمين ويقلص فرصة تحقيق الجودة في المخرجات، هذا ما أكّده عدد من المعلمين «إبراهيم.ق، سماح.م، وعلياء.ن، فوزي.أ، مراد.ح» يعملون في مدارس خاصة مختلفة.

وأكّدوا أنّ الارتقاء بكفاءات المعلمين في المدارس الخاصة معدوم، إذ تعتبره الإدارات كلفة مضافة لالتزاماتها التشغيلية، ومعظم المعلمين لا يتلقون تدريبياً مناسباً على الرغم من التطورات المتوالية في قطاع التعليم، والتي تفرض الاستمرارية في الارتقاء بمهارات ومهنية المعلم.

  • افتقار المهارات

وأفادوا بأنّ معظم معلمي المواد الدراسية يفتقرون إلى مهارات التدريس الحديث بسبب نقص منابع التدريب والتأهيل والارتقاء بالمهارات في التعليم الخاص، الذي لم يضع برامج تدريب وتأهيل كوادرها ضمن التزاماتها التشغيلية كل عام، وهذا يعني أنّ المدرسة لا تشكل قيمة إضافة للمعلم، تضيف لمهاراته وقدراته ومهنيته وكفاءاته.

وأشاروا إلى أنّ معلمي أصحاب الهمم، الأكثر حاجة إلى التدريب والتأهيل، إذ إنّ مهامهم لا تقتصر على تقديم الخدمات الشخصية للمتعلم، ولكن يجب أن يكون دورهم أكثر عمقاً وتركيزاً على تعليمه وتأهيله ودمجه، ومع الأسف معظم المعلمين لا يحظون بالتأهيل المناسب، الذي يمكنهم من آليات وضوابط التعامل مع أصحاب الهمم، فمعظمهم يفتقرون إلى فنون التعامل مع هذه الفئة.

  • تفاقم الإشكالية

ورصدوا 4 أسباب وراء تفاقم تلك الإشكالية، أبرزها عدم وجود جهات معنية فاعلة تسأل وتتابع وتراقب جهود المدارس في تأهيل كوادرها والارتقاء بكفاءاتهم، ورفض معظم الإدارات تحمل تكاليف التدريب، على اعتبار أنّها تشكل نفقات ترهق ميزانياتها ولا داعي منها، وعدم قدرة المعلمين على سداد رسوم البرامج المتاحة، نظراً لمحدودية دخلهم.

وطالبوا الجهات المعنية التي تشرف على التعليم الخاص بالتدخل لإلزام المدارس الخاصة بوضع حد أدنى للدورات التدريبية، وتخصيص ميزانية سنوية لهذا الغرض، لاسيما المعلمين غير القادرين على توفير تأمين رسوم الحقائب التدريبية، حتى لا تتوقف مهاراتهم المهنية عند حد معين ويفوتهم مواكبة التطورات المتوالية في القطاع.

  • سيناريوهات متنوعة

في المقابل التقينا عدداً من مديري المدارس، حيث نفى كل من سلمى عيد وعلياء مهران ومصطفي عبد الله وميثاء رشدي، وجود فكرة عدم تأهيل وتدريب المعلمين في مدارسهم، إذ إنّ برامج الارتقاء بالمهارات والمهنية لمواكبة المستجدات، تأتي دائماً مرفقة بالخطة الدراسية، وفق جدولة زمنية تبدأ مع انطلاقة العام الدراسي، مؤكّدين أنّ تكاليف تلك البرامج تتحملها إدارة المدرسة ولا مساس لرواتب المعلمين، والإجراء الوحيد الذي تتخذه المدرسة هو تعهد المعلم بسداد ثمن الدورة في حال مغادرته المدرسة خلال العام الدراسي الذي حصل فيه على التدريب.

أما «حميد.م، كامل.ع، سميحة.ص، محمود. ع»، أكّدوا أهمية الحقائب التدريبية واستمرارية التأهيل للكوادر في مختلف مراحل التعليم، ولكن عملية التدريب مكلفة للغاية وتتم من خلال اتفاقيات وشراكات مع المعاهد والمراكز المتخصصة، وهنا ينبغي أن يتم تطبيقها بمناصفة التكاليف بين المعلم وإدارة المدرسة، وهذه إحدى الآليات الفاعلة التي نتبعها في مدارسنا ولم نواجه أي إشكاليات مع المعلمين.

وأكّد عدد من مديري المدارس «فضلوا عدم ذكر أسمائهم»، أنّ ارتقاء المعلم بمهاراته وخبراته ومهنيته أمر يعود إليه منفرداً، وينبغي أن يعلم أنّه يتقاضى أجراً مقابل مهام محددة لتعليم الطلبة، ومن المفترض أن يكون حريصاً على الارتقاء بمستواه المهني ومواكبة جميع المستجدات التي تطرأ على العملية التعليمية وطرائق التدريس من أجل المحافظة على بقائه في مجتمع التعليم.

  • تدخل عاجل

في وقفة معها، أكّدت الخبيرة التربوية أمنة المازمي، أهمية التأهيل والتدريب المستمر للكوادر التدريسية في ميدان التعليم الخاص، نظراً للتغيرات والتحولات المتوالية في العملية التعليمية، والتي تتطلب صقل مهارات معلمي من آن لآخر، وأعتقد أنّ هذا الأمر تسأل عنه الإدارات المدرسية، إذ إنّه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بجودة المخرجات، الأمر الذي يؤدي إلى تقييم من أجله كل عام.

وأفادت بأنّ إدارات المدارس الخاصة لم تلتزم بهذا الجانب، إلّا إذا تدخلت الجهات المعنية بشكل فاعل، لتلزم الإدارات بالارتقاء بمهارات وكفاءات معلميها، وفق ضوابط ومعايير واضحة وصريحة يتم استحداثها بواسطة الجهات التي تشرف على التعليم الخاص.

وحذّرت من الإهمال في تأهيل وتدريب المعلمين في عصر التحولات والتطورات المعرفية، إذ إنّ نقص الكفاءة وعدم دراية المعلمين بالمستجدات والتطورات يحدث فجوة مهنية ومهارية كبيرة تؤثر سلبياً في نوعية المخرجات وقدرتها على مواكبة المستجدات وتلبية احتياجات المسار الجامعي أو سوق العمل المستقبلي.

  • حاجة ماسة

عدد من أولياء أمور طلبة «أصحاب الهمم»، يدرسون في مدارس مختلفة، أكّدوا أنّ معلمي المدارس الخاصة، لاسيما «أصحاب الهمم» في حاجة ماسة إلى تدريب متخصص وحقائب تأهيلية هادفة معتمدة، ورقابة لقياس فاعليتها ومدى تقدم المعلمين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3bawj4vw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"