عادي

«ديان بيان فو».. معركة صدمت العالم

22:02 مساء
قراءة 3 دقائق

هانوي - ف ب

تستعد فيتنام لإحياء الذكرى ال 70 للانتصار على القوات الاستعمارية الفرنسية في معركة «ديان بيان فو»، باحتفالات صاخبة، إلّا أن أحد آخر المشاركين الأحياء على هذه المعركة يفضل البقاء بعيداً عن الأضواء.

وفي شقته الصغيرة بالعاصمة هانوي، يحتفظ هوانغ فينه في خزانة بصور للرئيس الراحل هوشي، وبوسام يشهد على مشاركته في المعركة الشهيرة عام 1954.

ويحمل الوسام علماً أحمر، ونجمة صفراء، ورسماً لجندي يحمل بندقية، وتم منحه للمشاركين في المعركة التي استمرت 56 يوماً.

ويقول الرجل البالغ 96 عاماً: «بذلت الكثير من العرق والدم، والكثير من التضحيات والمشقة من أجل هذا الوسام».

ويضيف متحدثاً عن مسيرته العسكرية التي قاتل فيها الفرنسيين والأمريكيين: «سلكت الطريق الصحيح للمساهمة في استقلال بلدي. لا أشعر بأي ندم».

انضم فينه إلى الجيش عندما كان عمره 15 عاماً، دون أن يعلم أنه سيقضي وقتاً طويلاً في القتال، ويوضح «عندما كنت شاباً، انضممت إلى الجيش لمحاربة الفرنسيين، لأنهم غزوا بلدنا ووطننا. كنت وطنياً فقط، ولم يكن لديّ أي فكرة عن الوعي الطبقي».

وعمل فينه في فوج مضادات الطائرات أسقط 62 طائرة فرنسية طوال الحملة التي انتهت في 7 مايو/ أيار 1954، وشهدت انهيار المواقع الفرنسية في بلدة «ديان بيان فو» على الحدود مع لاوس.

- «قرار استراتيجي»

وأعلن الرئيس الفيتنامي هوشي منه الاستقلال في عام 1945. ومنذ ذلك الحين، خاضت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا مقاومة طويلة ضد المستعمر الفرنسي.

وفي أواخر عام 1953، اتخذت قوات «فيت مين» (اتحاد تحرير فيتنام) بقيادة هوشي منه قراراً استراتيجياً بالقضاء على أكبر معقل دفاعي فرنسي في الهند الصينية، وعيّنت الجنرال فو نجوين جياب قائداً أعلى لأكبر حملة لها على الإطلاق.

وتمت تعبئة الجنود والمتطوعين المدنيين والعاملين في الخطوط الأمامية لنقل الأسلحة والمدفعية عبر الغابات والجبال من أجل المعركة التاريخية. وحصلت الفتاة نجو ثي نغوك ديب البالغة حينذاك 17 عاماً على «فرصة ثمينة» للسير طوال الليل لأسابيع مع الجنود، للاقتراب من ساحة المعركة الرئيسية.

وقالت ديب (86 عاماً) عن شبابها كمغنية عسكرية: «أثناء مسيرنا، كانت مهمتي هي التحدث، وإلقاء النكات، ومواساة الجنود لتشجيعهم».

وأضافت وهي ترتدي الزي العسكري، وتحمل آلة موسيقية صنعتها بنفسها من أغطية الولاعات، أنه بين فترات المسير «غنينا ورقصنا ومثّلنا مسرحيات، وكانت الموضوعات وطنية وشعبية تقليدية. لم أقاتل، لكنني ساهمت في الحفاظ على معنويات الجنود لتحقيق الضربة الكبيرة».

وتابعت: «كان من الصعب حقاً أن أسير كيلومترات في الظلام عبر الأدغال والجبال العالية، حاملة على كتفي خمسة كيلوغرامات من الأرز، ومتعلقات شخصية ومجرفة، لكن كنت متحمسة جداً لاختياري في ساحة المعركة. كان الأمر ممتعاً».

ووفقاً للأرقام الرسمية، شارك نحو 55 ألف شخص، معظمهم من قوات النخبة في فيتنام، مباشرة في القتال. وساعد أكثر من 261 ألفاً آخرين في الخطوط الأمامية في الأعمال اللوجستية، بما في ذلك قيادة 21 ألف دراجة محملة بالأرز واللحوم والضروريات وحتى الأسلحة.

وقال هوانغ فينه: «لم يكن لدينا ما يكفي من طعام، ولا من ملابس دافئة لنرتديها، ولا من البطانيات، وننام على قش الأرز».

وتابع: «لكن لم يشتكِ أحد. تحدثنا وغنينا لرفع معنوياتنا. كان الأمر ممتعاً».

- «نطوي صفحة الماضي»

لإحراز النصر الذي «صدم العالم»، وتحتفل فيتنام بذكراه السبعين الأسبوع المقبل، فقد ما يصل إلى 10 آلاف مقاتل ومدني فيتنامي حياتهم، أو تم إدراجهم في عداد المفقودين، وأعلنت فرنسا مقتل ثلاثة آلاف من عسكرييها.

واستذكر فينه قائلاً: «سقطت قنبلة. رأيت رفاقاً يقتلون على الفور، والجثث متناثرة حتى على أغصان الأشجار. لم أشعر بالرعب رغم ذلك. فقط كرهت أولئك الذين قتلوا رفاقي».

أما ديب فتؤكد: «كنت خائفة جداً كلما كان هناك تحذير من قنبلة. لكن لم أجرؤ على التعبير عن خوفي، لأنني كنت خائفة أكثر من إرسالي إلى المنزل». ونجا كل من فينه وديب من المعركة دون التعرض للإصابة.

وأضاف فينه: «رغم افتخاري بمسيرتي، إلا أنني لم أكن بطلاً. أديت فقط خدمتي كرجل عسكري لبلدي، وهي مهمة عادية، ولا داعي للتباهي بها، حتى تجاه الفرنسيين». وبعد تقاعدهما من الخدمة العسكرية، زار الاثنان فرنسا مرات عدة في رحلات عائلية مع أبنائهما.

وكشف فينه: «لم أخبر أحداً في فرنسا أنني شاركت في معركة «ديان بيان فو». وأضافت ديب: «لا يمكننا أن ننسى التاريخ أبداً، لكن يجب أن نطوي صفحة الماضي. يجب أن نترك الفصول المؤلمة وراءنا»، مؤكدة أنها تودّ مصافحة قدامى المحاربين الفرنسيين، إذا أتيحت لها فرصة لقائهم. وتختتم العسكرية السابقة: «نحن أصدقاء».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4aa7zcwx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"