الطفل المنسيّ وعواقب الإهمال

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

لم ندخل في موجة الحر الشديد ولهيب الصيف بعد، ورغم ذلك بدأت رياح الأخبار الحزينة تهب ليتجدد النداء ويتجدد الوجع؛ أفلا يستفيق الوعي لدى البعض إلا بعد أن يدفع الأطفال أرواحهم الثمن؟

كل من يعيش في الإمارات يحفظ عن ظهر غيب النداءات التي تكررها كل عام الأجهزة الأمنية للتحذير من خطورة ترك الأطفال أو «نسيانهم» داخل المركبات والحافلات، ولكن البعض يتجاهل أو يسوقه الإهمال إلى عدم التدقيق واتخاذ كل الإجراءات اللازمة فيُسقط من حساباته اليومية أهمية الوعي بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأنه ليس مجرد سائق لوسيلة تنقل الطلاب من البيت إلى المدرسة والعكس، بل هو يتحمل مسؤولية حماية هؤلاء الصغار من أي خطر وأن الخطأ الذي يعتبره بسيطاً قد يُكلفه الكثير وأول من يدفع ثمنه هو الطفل البريء.

آخر ضحايا نسيان الأطفال داخل المركبات، طفل لم يتجاوز السابعة من عمره، حيث تعاقد أحد أولياء الأمور مع إحدى السائقات لنقل أبنائه إلى المدرسة، والتي لم تتأكد من خلو المركبة من أي شخص بعد نزول الطلاب أمام مدرستهم، نزل الجميع باستثناء هذا الصغير الذي يبدو أنه كان نائماً، فأغلقت السائقة كل أبواب المركبة وذهبت لتعود مجدداً عند موعد خروج الطلاب من المدرسة، فوجدت الطفل قد فارق الحياة.

السيناريو نفسه، والوجع نفسه، والخبر المؤلم يعصر قلوب الجميع، ويخطر في البال ألف سؤال، هل حاول الصغير الخروج ولم يجد وسيلة؟ هل تعذب قبل أن يختنق ويرحل؟ هل يتعلم الناس من مرارة تجارب الآخرين أم أن الحوادث تلك تؤلم لحظة وقوعها ثم تعود الحياة إلى مجراها والكل ينصرف عن التفكير بأهمية مراعاة كل قوانين السلامة لحماية الأطفال والطلاب من تلك الكوارث؟ وهل يصعب على كل سائق مركبة أو حافلة التحلّي بالمسؤولية وعدم إهمال أو تجاهل أي تفصيلة ولو كانت صغيرة لأن ذرّة الإهمال تصبح أرطالاً من الكوارث التي لا ينفع معها الندم ولا يمكن إصلاح الخطأ؟!

تقول دراسة أمريكية نشرت الثلاثاء في مجلة «إنفايرومنتال ساينس أند تكنولوجي» أن الحَرّ «يعزّز من انتشار غاز سام داخل السيارات منبعث من مواد يُفترض أنها مضادة للحرائق، وتحتوي على أجزاء عدة من القسم الداخلي لغالبية السيارات على مواد مضادة للحرائق، من بينها مركبات الفوسفات العضوية».. ما يشكل خطراً مباشراً على حياة أي راكب لسيارة مغلقة بلا منفذ للهواء في مواسم الحر وارتفاع درجات الحرارة، فما بالنا بالأطفال الذين ينامون بشكل تلقائي في المركبات ورغماً عنهم سواء خلال رحلة الذهاب أم العودة من وإلى المنزل، وهذا يحدث أيضاً مع العائلات خلال تنقلها أو عودتها، فينزل الجميع من المركبة وينسى البعض تفقّد كل أفراد الأسرة خصوصاً صغار السن، ويقع المحظور وتتحول اللحظة إلى مأساة ومرارة تدوم العمر كله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"