عادي
من المسؤول عن الإهمال وعدم تأهيل السائقين

الحافلات المدرسية.. حوادث وحرائق ؟

05:51 صباحا
قراءة 6 دقائق
محمد إبراهيم

أثار تكرار حوادث الحافلات المدرسية خلال الفترة الأخيرة، بصور متنوعة ومتعددة، منها «الحرائق، والحوادث المرورية، ونسيان الطلبة داخل الحافلات»، استياء فئات المجتمع، التي أرجعت الحوادث إلى «التأهيل المتواضع لسائقي الحافلات، وتدني مستوى التدريب للمشرفين». بالأمس القريب، شهد المجتمع حادثاً جديداً للحافلات المدرسية، أصيب فيه 15 طالباً بإصابات طفيفة، في حادث تصادم وقع بين حافلة مدرسية وصهريج مياه، على جسر معبر الخليج التجاري بدبي، ونتج عنه، إصابة مشرفين بإصابات بسيطة، ومشرف ثالث بإصابة متوسطة، كما أصيب سائق الصهريج بإصابة متوسطة.
وقبل أيام قليلة من تلك الحادثة، كان لدينا أيضاً واقعة حريق حافلة مدرسية، بطلها كان طالب إماراتي، قام بدور بطولي، حيث أنقذ أربعة من زملائه وسائق الحافلة، وجميعها ظواهر تدعو للقلق، وتثير في الوقت ذاته، تساؤلات جمة، وجدلاً واسعاً بين مختلف الفئات في المجتمع، لاسيما أن تلك الأخطاء يدفع ثمنها الأبناء، وضحاياها دائماً من الطلبة الذين لا حول لهم ولا قوة.
وفي واقعة ثالثة احترقت حافلة مدرسية في رأس الخيمة قبل شهرين تقريباً، من دون الوقوف على الأسباب، ومن فضل الله لم يكن بداخلها طلاب، وفي واقعة رابعة قضى طفل يبلغ من العمر 4 سنوات (روضة أولى)، ما يزيد على 3 ساعات في حافلة مدرسية استقلها بالخطأ، الأمر الذي يدل على وجود إهمال جسيم، يستحق العقاب.
في وقت طالبت فئات مجتمعية مختلفة بضرورة تأسيس هيئة وطنية للرقابة على عملية النقل المدرسي، والتأكد من مدى تأهيل السائقين والمشرفين، وتوحيد معايير البرامج التأهيلية لهم، فضلاً عن اعتماد آليات وضوابط جديدة لتعيينهم، وقدراتهم على استيعاب مسؤوليتهم، والتزامهم بالقوانين التي تحكم الطرق.
وقالوا ل«الخليج» إن عدم تأهيل السائقين ومشرفي الحافلات المدرسية، والإهمال وراء استمرار مسلسل حوادث الحافلات، مؤكدين أن تجاوزات بعض السائقين، تزداد يوماً بعد الآخر، على الرغم من أن قانون المرور منح السائقين جميع الحقوق، وجعل الأولوية للحافلات المدرسية.
«الخليج» ترصد مع المعنيين، الأسباب التي تؤدي لوجود تلك الحوادث، وكيفية تأهيل السائقين والمشرفين، وإلى أي مدى تبلغ نسبة استيعابهم للمهام المسندة إليهم، فضلاً عن أهم المقترحات لتجنب تلك الحوادث، للمحافظة على أروح أبنائنا، وحمايتهم خلال الذهاب والعودة من وإلى المدرسة يومياً.


مخاوف مجتمعية


اعتبر أولياء الأمور «ميساء عبدالله، ومحمد طه، وإيهاب زيادة، ومنى صالح» أن حوادث الحافلات المدرسية في الفترة الأخيرة، أثارت مخاوف مختلف فئات المجتمع، لاسيما أنه في الأمس القريب احترقت حافلة مدرسية بكلباء، لأسباب غير معلومة، ورزقنا الله بطالب إماراتي، قام بدور بطولي لإنقاذ أربعة من زملائه وسائق الحافلة، ولكن اليوم لدينا حادثة جديدة، ضحاياها أيضاً من الطلاب.
وأفادوا أن المجتمع المدرسي بحاجة إلى إعادة ترتيب البيت، فيما يخص النقل المدرسي، وتوحيد المعايير لضمان سلامة الطلبة، فضلاً عن آليات جديدة للتطوير، تحكم قبضتها على السلوكيات السلبية التي تشهدها الحافلات المدرسية، ومتابعة حثيثة، لحماية الأبناء.
وأكدوا أن النقل المدرسي مازال يفتقر إلى معايير واضحة المعالم، في اختيار المشرفين وسائقي الحافلات المدرسية، وفي بعض الأحيان نفتقد وجودهم من الأساس، موضحين أن تلك النوعية من الحوادث، تشكل خطورة على أرواح الطلبة في رحلتي الذهاب والعودة، لافتين إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الجهات المعنية بالإشراف على تلك الخدمات، التي يجب أن تركز على تذليل الصعوبات والعمل على تأمين نقل الطلبة من وإلى المؤسسات التعليمية وفق وسائل الأمن والسلامة.


نوع آخر من الإهمال


لم تقتصر مشكلات الحافلات المدرسية على حوادث الحريق والمرور فحسب، بل وقائع الأيام القليلة الماضية، أثبتت وجود خلل في تأهيل مشرفي ومشرفات الحافلات أيضاً، ويظهر ذلك جلياً في ظاهرة «نسيان الأطفال» داخلها، إذ اعتبرها أولياء أمور جرائم جسيمة بحق الإنسانية، وتستحق تشديد العقوبة.
وأكد فريق آخر من أولياء الأمور يضم «مدحت عبدالعزيز، ومحمد الميسون، وزينب عبدالكريم»، أن نسيان الأطفال في الحافلات جرائم تستحق عقوبات مشددة، حفاظاً على أرواح الأبناء في رحلتهم لتلقي العلم، معتبرين أن عدم انتباه السائق أو مشرف الحافلة إلى وجود الطفل، وإنزال جميع رفاقه، وإغلاق الأبواب وتركه منسياً لساعات داخل الباص حتى انقضاء حياته، تصرف غير مسؤول، يتطلب وقفة حاسمة من مختلف الجهات المعنية، لتأهيل وإعداد من يحملون أبناءنا، ونستأمنهم على فلذات أكبادنا.


معايير جديدة


وطالب كل من علي حسن، وحمد آل علي، وحمدان البلوشي، وميثاء المازن، بمعايير جديدة تواكب احتياجات الطلبة مستخدمي الحافلات المدرسية، فضلاً عن التدقيق والتشديد في إجراءات تعيين المشرفين والمشرفات الراغبين في العمل في الحافلات، بالإضافة إلى تحديد مواصفات خاصة للسائقين الذين يحملون الطلبة من وإلى المدرسة، ليكون لديهم الوعي الكافي حول المحافظة على أرواح الطلبة، والتعامل مع مشكلاتهم في حال أغفلها المشرف أو المشرفة، مشيرين إلى أهمية البرامج التأهيلية للعناصر العاملة في الحافلات، في كيفية متابعة الطلبة والرقابة والإشراف عليهم، بما يواكب احتياجاتهم المتغيرة، وعدم الاستعانة بسائقين غير متفرغين للنقل المدرسي، وتشديد الرقابة على الجهات الخاصة التي تعمل في تشغيل النقل المدرسي.


ضبط الإيقاع


في مكالمات هاتفية، أكد عدد من التربويين يضم «وليد فؤاد لافي، ووفاء الباشا، وخلود فهمي، ورحاب الجزايرلي» أن النقل المدرسي في بعض المدارس، لاسيما «الخاصة»، يحتاج إلى الرقابة المستمرة، لضبط إيقاع عمل السائقين والمشرفين، لاسيما أن البعض منهم، لم يع قوانين السير، أو التعامل مع حالات الطوارئ، الأمر الذي يهدد حياة الطلبة في رحلتي الذهاب والعودة من وإلى المدرسة.
وأوضحوا أن مسؤولية نقل الأطفال بأمن وسلامة، لا تقتصر على شخص بعينه، ولكنها مسؤولية تجمع تحت مظلتها إدارات مراكز وشركات وجهات معنية بالإشراف عليها، فالجميع هنا يُسأل عن أمن وسلامة الأبناء ذهاباً وإياباً.


أكثر انضباطاً


وأكدوا أنه ليس من الضروري أن يكون لدينا متسبب لمحاسبته، ولكن الأهم أن تكون هناك إجراءات احترازية حقيقية، لكبح تلك النوعية من الحوادث، فضلاً عن تشديد العقوبات، لدحر الإهمال، مع توفير برامج تأهيلية جادة، لتمكين جميع العاملين في هذا القطاع من تحقيق جودة الاداء.وأفادوا أن النقل المدرسي في المدارس الحكومية أكثر انضباطاً مقارنة بالنقل في المدارس الخاصة، وهذا يعني أن هناك قصوراً واضحاً في الشركات القائمة على تقديم خدمات النقل المدرسي في التعليم الخاص، وكذلك هناك خلل في اختيار السائقين والمشرفين الذين تقع على عاتقهم المحافظة على أرواح الطلبة من وإلى المدرسة، مؤكدين أهمية فاعلية برامج التدريب، والشفافية في اختبارات تلك الكودار عقب الانتهاء من دوراتهم التأهيلية.


جهة رقابية


وأشاروا إلى أهمية وجود جهة رقابية، يعمل تحت مظلتها النقل المدرسي على مستوى الدولة، سواء كان «حكومياً أو خاصاً»، فضلاً عن الارتقاء بمعايير اختيار السائقين والمشرفين، بما يضمن قدراتهم على المحافظة على الطلبة، وحمايتهم عند وجود حالات طوارئ، خلال وجود الأبناء في الحافلة.
وأكدوا أهمية وجود كاميرات مراقبة لمتابعة رحلات تلك الحافلات، كما هو معمول به في جميع المدارس الحكومية والخاصة، توفر أكبر قدر من سلامة الطلبة، فضلاً عن أهمية تدريب وتأهيل السائقين، والتنبيه عليهم وعلى المشرفات بإجراءات الأمن والسلامة، وفق ما سطرته وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع الجهات المعنية بالإشراف على الحافلات التي تنقل الطلبة، مطالبين بعمل جميع الحافلات تحت مظلة معايير موحدة، وتشرف عليها جهة معنية واحدة، مادام الأمر يتعلق بطلب العلم سواء كان لتلقي العلوم في المدارس أو حفظ القرآن الكريم ودراسة علومه.


الاختلاط إشكالية أخرى


كان «الاختلاط» من ضمن أبرز المشكلات التي تولد من رحم الحافلات، سواء اختلاط الطلبة والطالبات، أو اختلاط طلبة الصفوف العليا والصغار، إذ يتسبب ذلك في وجود سلوكيات غير لائقة من الطلبة بحق الطالبات، فضلاً عن المشاجرات والمواقف المختلفة، والألفاظ النابية، وجميعها مظاهر سلبية تخرج في معظم الأحيان عن سيطرة المشرف أو المشرفة وبالتأكيد سائق الحافلة، بالإضافة إلى اكتساب الطلبة الصغار ألفاظاً لا يعلمون معناها، وهناك بعض الأبناء الذين يعودون إلى منازلهم واقفين، نظراً للازدحام وعدم وجود أماكن كافية في حافلات بعض المدارس الخاصة.


«فطن وذكي»


قالت غاية عيسى أخصائية علم نفس، إن مهنة سائق الحافلة تختلف جملة وتفصيلاً عن الوظائف الأخرى، لاسيما أنه يحمل معه أبنائنا الطلبة، الذين يمثلون أشياء ثمينة لا تقدر بثمن، لذا ينبغي أن يكون سائق الحافلة والمشرف فطنين وذكيين، لكي يستطيعا التعامل مع الأبناء أثناء القيادة، ويعاملاهم بطريقة لائقة، حفاظاً على سلامتهم، ولعل أهم إجراءات جاهزية السائق، في خضوعه للتدريب قبل تولي المهام والانطلاق بالرحلات، وضرورة لياقته بدنياً وصحياً، ويجب أن يكون قادراً على إعداد الحافلة المدرسية للرحلة، وعلى إدارة الوقت وفق جدول زمني ومخطط للمسارات، ويعي محتوى عملية نقل الطلبة ذهاباً وإياباً.


منظومة ذكية


من جانبها اعتمدت وزارة التربية والتعليم ومواصلات الإمارات مؤخراً، تركيب المنظومة الذكية لسلامة الطلبة في جميع الحافلات المدرسية، التي تقدم خدمات النقل اليومي لجميع المراحل التعليمية في دبي والمناطق الشمالية، وتم تركيبها على 2370 حافلة لخدمة 110 آلاف طالب وطالبة، وتتضمن 3 أجهزة ذكية مثبتة في الحافلة و7 كاميرات مراقبة داخلية وخارجية، ومسجلات رقمية وأنظمة تحكم مركزية، وستغطي الحافلات جميع المراحل التعليمية في دبي والمناطق الشمالية، وتهدف المنظومة إلى إلغاء احتمالات الخطأ البشري ومنع وقوع حالات نسيان للطلبة في الحافلات المدرسية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"