عادي
ذاكرة الأيام

بطل «العرّاب» يرفض «الأوسكار» تضامناً مع الهنود الحمر

23:55 مساء
قراءة 3 دقائق
إعداد:عبير حسين
تمزج ذاكرة اليوم الفن بالسياسة، لتربط بين الأمس القريب والبعيد عندما استغل طيف واسع من نجوم هوليوود منصات التتويج عند توزيع الجوائز السينمائية المرموقة لتمرير رسائل سياسية معينة، أو تسجيل مواقف خاصة وهو الأمر الذي بدأ بشكل مباشر وصريح منذ الستينات والسبعينات من القرن الماضي ليشهد يومنا هذا من العام 1973 رفض النجم مارلون براندو استلام جائزته عن فئة أفضل ممثل عن دوره العبقري في فيلم«العرّاب» بسبب سوء تعامل صناعة السينما الأمريكية مع الهنود الحمر، واعتراضاً على الصورة التي يظهرون عليها، وتضامناً مع ناشطين من أصول هندية حمراء كانت الشرطة الأمريكية تحاصرهم في بلدة صغيرة جنوب داكوتا.
أعلن براندو عشية الأوسكار مقاطعته للاحتفال، وأرسل نيابة عنه الممثلة ساشين ليتل فيذر. وعند إعلان فوزه بأوسكار أفضل ممثل عن دور«فيتو كورليون» في «العرّاب»، توجهت فيذر مرتدية ملابس الهنود الحمر نحو المسرح وقرأت رسالة مضمونها أن براندو «ممتن جداً لهذه الجائزة السخية، لكنه لن يستطيع قبولها بسبب المعاملة السيئة للهنود الحمر في مجال صناعة الأفلام». وتباينت ردود فعل الحاضرين في الحفل، إذ صفق البعض، وصرخ الآخرون تعبيراً عن انزعاجهم من كلامها.
استغل براندو الاحتفال بالأوسكار ليعبر أمام 85 مليون مشاهد عن دعمه لحركة الهنود الحمر، وكان قد أعد رسالة من 15 ورقة قالت فيذر إنه من الصعب عليها قراءتها على المسرح أمام الحضور، لكنها ستوزعها على الصحفيين بعد الحفل، وهي الرسالة التي سرقت الأضواء يومها من كل الفائزين لتتجاوز الاهتمام الأمريكي إلى العالمي.
لم تكن أوسكار«العرّاب» هي الأولى لبراندو الذي سبق له حصدها في الخمسينات (1954) عن دوره في فيلم «على الواجهة البحرية». بعدها شهدت فترة الستينات والسبعينات تراجعاً في حياة براندو الفنية تأثراً بنشاطاته المدنية والسياسية، إذ اشتهر عنه نشاطه الداعم لعدة قضايا حقوقية خاصة الحقوق المدنية الأمريكية الإفريقية، إلى جانب مختلف الحركات الهندية الأمريكية. وجاء أداؤه المميز في «العرّاب» ليؤكد قيمته الفنية الكبرى التي نجح خلالها في تقديم نموذجي للتمثيل الواقعي التلقائي بعيداً عن الطريقة التقليدية لممثلي الثلاثينات والأربعينات.
تجاوز براندو كونه «أيقونة للموضة» حملت توقيعه الخاص في دور «جوني» بفيلم The wild one مع سترته الجلدية ونظاراته وقبعته، ليصبح «أيقونة ثقافية» وكثيراً مايشار إليه باعتباره الممثل الأكثر إلهاماً في تاريخ هوليوود.
صنف معهد الفيلم الأمريكي براندو في المرتبة الرابعة بين أهم 100 نجم في تاريخ السينما الأمريكية، وكان واحداً من 3 فنانين محترفين ( إلى جانب تشارلي شابلن واليزابيث تايلور) تختارهم مجلة «تايم» في قائمتها لأهم الأشخاص في القرن العشرين.
بدأ براندو مسيرته الفنية مطلع الأربعينات من القرن الماضي، لكنه لفت الانتباه إلى موهبته الكبيرة بعد دوره في فيلم تينيسي وليامز «عربة اسمها الرغبة» عام 1951. قدم براندو أفلاماً بارزة مثل «الرجال»، و«فيفا زباتا» 1952 الذي حصل عنه عن جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي. كما حصد بالعام الذي يليه جائزة الأكاديمية السينمائية البريطانية لأفضل ممثل أجنبي عن دوره المهم في فيلم «يوليوس قيصر».
لم يتعامل براندو مع الفن باعتباره مهنة، بل اعتبره دوماً رسالة إنسانية، فقدم عام 1989 واحداً من أهم أعماله (موسم أبيض جاف) عن التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"