عادي

إحسان عبد القدوس.. السياسي

02:08 صباحا
قراءة دقيقتين
القاهرة: «الخليج»

أصدر الكاتب الصحفي إبراهيم عبد العزيز كتابه «إحسان عبد القدوس.. سيرة أخرى» عن مؤسسة بتانة للنشر والتوزيع، وتتصدر صفحاته مقولة إحسان عن علاقته بالضباط الأحرار، التي يقول فيها: «كنت قبل الثورة صديقاً لبعض الضباط الأحرار، كنت أساعدهم بالأفكار، وكانوا يساعدونني بالأخبار والمعلومات، كانوا يعتبرونني واحداً منهم، كان أنور السادات صديقاً قديماً، عمل معي في روز اليوسف ودار الهلال، وأيضاً جمال عبد الناصر كان يأتي إلى روز اليوسف دائماً يستمع إلى الندوات وجميع الآراء، لكنه كان قليل الكلام، وكنت دائماً أصارحه بأفكاري، كنت أعتبره صديقاً وأناديه (جيمي)، كنت أحبه وأثق فيه».
هذا ما كان فعلاً، فحين قامت الثورة كان نجيب الهلالي آخر رئيس حكومات العصر الملكي، يعتقد فعلاً أن إحسان عبد القدوس عضو في تنظيم الضباط الأحرار، وهو ما جعل إحسان يوقن بأن رقبته وضعت في حبل المشنقة، إذا ما فشلت الثورة، وكشف إحسان عن أمنيته أن يكون ضابطاً، وهو ينعى بطل حرب فلسطين أحمد عبد العزيز، الذي اعتبره قذيفة من قذائف الجيل الجديد، أو كما كتب: «إن مصر خسرت أحمد عبد العزيز، وخسرت أنا رجلاً من القلائل الذين آمنت بهم، رجلاً وجدت فيه مصر صدى لآمال مصر».
كان إحسان عبد القدوس فاعلاً قبل الثورة وبعدها، وهو ما جعله يعتقد أنه حين يطرح رأيه بإخلاص على أصدقائه الثوار سوف يستجيبون له، لمعرفتهم بماضيه واستقلال رأيه وصواب رؤيته، لكنه عندما طرح عليهم رأياً لم يعجبهم، فحينما كتب عن «الجمعية السرية التي تحكم مصر» فوجئ باعتقاله، وظل في الحبس الانفرادي 45 يوماً. يقول إحسان حول ذكرياته عن هذه الأيام: «وحدي داخل الزنزانة بدون إنارة، ولا أغادرها إلا مرة واحدة في الصباح إلى دورة المياه، وكان عذابي كبيراً، عذاب البعد عن أسرتي ووالدتي ومجتمع روز اليوسف وقراءة الجرائد».
خرج إحسان من السجن، لكنه أبداً لم يفقد بصيرته، ومن الغريب أن عبد الناصر هو الذي سمح لإحسان بأن يكتب عن تجربته في السجن، ولذلك قصة يحكيها إحسان، وتبدأ وقائعها بعد الإفراج عنه: «بعد ساعة من وصولي إلى البيت دق جرس التليفون، وكان جمال عبد الناصر على الطرف الثاني من الخط، سألني: هل تربيت؟ فأجبت: إذا كان الأمر خاصاً بالتربية فقد تربيت فعلاً، لكن لا أدري ما هو الشيء الذي تربيت بسببه؟ قال لي: تعال نفطر معاً غداً صباحاً، ذهبت فلم أجد نفسي أعامله كالماضي حين كنت أناديه (يا جيمي)، وهو نفسه اندهش حين وجدني أفسح له الطريق ليتقدمني، وأناديه (سيادتك) في تلك اللحظة فقط أدركت المسافة بين المواطن، مهما كان لامعاً، وبين الحاكم، مهما كان صديقاً».
استمرت علاقة إحسان بالرئيس عبد الناصر على هذا الأساس، إلى وفاته، وكان السادات هو الجسر بينهما، كان ذلك عام 1954، وقد أرسل له عن طريق السادات يسأله بعد السجن: لماذا لا تكتب؟ فأرسل إليه الجواب: لأن الناس كانت تسألني دائماً: أين كنت؟ وبالطبع فإنني لن أقول لهم السبب، فبعث إليه عبد الناصر يقول: اكتب أنك كنت في السجن، وشيئاً فشيئاً، كما يقول إحسان: (لم أعد من الثورة ولست ضدها)».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"