عادي
سوق العمل والمستقبل الوظيفي أساس الاختيار

التخصص الجامعي المناسب مدخل لحياة عملية ناجحة

01:29 صباحا
قراءة 4 دقائق

لا شك أن الخطوة المهمة لطلبة الثانوية العامة بعد اجتيازهم المرحلة الثانوية، هي اختيار التخصص الجامعي المناسب لمستوياتهم الأكاديمية والمالية، وبما يتوافق مع رغباتهم وميولهم الشخصية، وحاجة سوق العمل لمجال التخصص الذي سيختارونه، مع العلم أن اتخاذ القرار بهذا الشأن ليس بالأمر السهل لدى شريحة كبيرة من الطلبة ممن لا يملكون أية فكرة عن التخصصات الجامعية، ولم يتعرفوا بعد إلى إمكاناتهم أو رغباتهم .

في الوقت الذي يحسن فيه بعض الطلبة اختيار تخصصاتهم في وقت مبكر قبل ولوج المرحلة الجامعية، نجد آخرين تائهين في هذا القرار، فيلجأون إلى استشارة الأهل والأقارب والأصدقاء، بهذا الشأن، ومنهم من يتورط ويندم على اختياره الذي لم يكن مبنياً على أساس الرغبة الشخصية والقدرة العقلية، فيضطر إلى التحويل إلى تخصص ثان يكلفه مزيداً من العناء والوقت والمال .

كيفية اختيار التخصص الجامعي المناسب، والدور السلبي لبعض الأسر التي تفرض على أبنائها دراسة تخصص معين لمكانته الاجتماعية أو لالبريستيج، وما يترتب على ذلك، محور حديثنا في التحقيق التالي .

خليفة الجابري طالب في الثانوية العامة، لم يتخذ بعد القرار الصائب لاختيار تخصصه الجامعي، بل ولم يقرر إن كان سيلتحق بالجامعة أم سيتوجه مباشرة إلى سوق العمل، وإن كان يميل برأيه نحو دراسة القانون كما يرغب والده، على عكس الطالبة أمنية عبد المحسن التي بدأت مرحلة اختيار التخصص الجامعي منذ بداية المرحلة الثانوية عندما اختارت الفرع الأدبي، لأنها تود دراسة اللغات والترجمة، علماً أن تحديد مجال تخصصها جاء بعد استشارة والديها اللذين لم يفرضا عليها هذا التخصص .

الاختيار الخطأ وتسلط الآباء

رأفت ممدوح طالب جامعي، اختار تخصصه برغبة شخصية بحتة، لكنه وجده بعد مرور السنة الرابعة غير مناسب له، ولا يلبي طموحاته، مع أنه يواصل دراسته فيه، حتى ينهيه، على أمل الالتحاق بتخصص آخر بعد التخرج يرى أنه أكثر ملاءمة لرغباته ومستقبله .

أحمد طارق طالب جامعي يدرس تخصص الهندسة المدنية بقرار إلزامي من والده، بحجة حاجة سوق العمل للمهندسين المدنيين، علماً أنه كان يرغب بدراسة الإعلام الذي يرى نفسه فيه، ويحلم في النجومية في العمل فيه، لكن والده حرمه من هذا الحلم تحت ذريعة عدم توفر فرص عمل مناسبة .

ويضيف: درست الهندسة إرضاء لوالدي، مع أنني واجهت صعوبات كثيرة في دراسة هذا التخصص، ووصلت إلى مرحلة لا يهمني فيها من التخصص إلا الشهادة الجامعية التي أراها مجرد بطاقة مرور للحياة العملية، ولن أعمل بها على الإطلاق لعدم اقتناعي بتخصصي، ولو وجدت الفرصة المناسبة للعمل في مجال الإعلام فلن أتردد أبداً وسأعمل بها .

من جانبه يرى خلفان محمد مدير مدرسة ثانوية، أن تخبط الطلبة في اختيار التخصص الجامعي مرتبط بعدم وضوح الرؤية لديهم حول تخصص بعينه، على الرغم من أن الوقت الحالي أفضل بكثير من الماضي من حيث التوعية والإرشادات المتاحة، التي توفرها الجامعات والكليات والمعاهد بالدولة .

ولفت إلى أن لدى مدرسته اتفاقيات تعاون مع عدة جهات حكومية تتضمن رحلات علمية إليها، للكشف عن ميول ورغبات الطلبة، ومساعدتهم في الاهتداء إلى التخصص الجامعي المناسب، وإرشادهم أكاديمياً .

وأكد المدير نفسه، أن سوق العمل في الدولة واسع، ولديه القدرة على استيعاب الخريجين بتخصصاتهم كافة، وأن على الطلبة التوجه بفكرهم وتطلعاتهم باختيار التخصصات التي تخدم مصلحة الوطن .

ويوضح محمد عبدالله، مدرس، أن سبب هذه المشكلة هو عدم تفعيل دور المرشد التربوي في الجامعة، وكذا الاختصاصي الاجتماعي في المدرسة، إضافة إلى وجود فجوة بين مراحل التعليم الإعدادية والثانوية والجامعية، مشيراً إلى أن تقصير بعض المدرسين تجاه الطلبة في إيضاح التطبيقات العلمية للمواد التي يتم دراستها في الثانوية، وعدم تعريفهم بأهمية دراسة بعض التخصصات، يدفعان هؤلاء الطلبة للنظر إلى المنهاج بشكل كمي، بدل الاستفادة منه بما يخدمهم مستقبلاً في التخصص الجامعي .

ولفت إلى أهمية زيادة الاهتمام بطلبة الثانوية العامة من جانب التنمية البشرية، لتوضيح الخطط المستقبلية لسوق العمل، مؤكداً دور المعلم في اكتشاف وتنمية المهارات الخاصة للطلبة المتفوقين، وتقديم النصح لهم بالتخصصات التي قد يبدعون فيها مستقبلاً، وتحديد بعض المسارات المناسبة لغير المتفوقين، فيما ينصح الأهالي بعدم التأثير على أبنائهم، من خلال توجيههم إلى تخصصات معينة، شبيهة بتخصصات الأسرة .

أوضحت فاطمة سجواني اختصاصية نفسية في منطقة الشارقة التعليمية، أن اختيار التخصص الجامعي في الوقت الراهن لم يعد بالأمر البسيط والسهل، ونحن لا نلوم الطالب، خاصة في ظل وجود عدد كبير من الجامعات والكليات والمعاهد بالدولة، إضافة إلى تنوع التخصصات والمجالات الدراسية التي زادت الأمر تعقيداً .

وأكدت أن اختيار التخصص في الصف الثاني عشر خطأ كبير، وأن على الطالب أن يحسم هذا القرار من الصف العاشر .

وقالت: على الطالب قبل اختيار تخصصه الجامعي، البحث عنه في سوق العمل، ثم تحديد الجامعة على حسب كل من الحالة الاجتماعية والميول العقلية، ومن المهم جداً توعية أولياء الأمور، لدورهم الأساسي كمنارة في طريق الأبناء .

وأشارت سجواني إلى أن المنطقة التعليمية استحدثت نظام اختبارات تنموية جديدة للطلبة يدعى اختبارات الميول المهنية، وهو الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي، في مجال تحديد ميول ورغبات الطلبة .

نظرة أكاديمية

بدوره يرى كمال طالب، دكتور جامعي، أن دور الإدارات المدرسية يجب أن يكون مبنياً على التخطيط والنصح، وتهيئة الظروف وصقل المهارات والقدرات، وأن لا تقف بعض العوائق الخاصة في طريق تحقيق هذا الهدف .

وأضاف: هناك بعض التحفظات حول دور بعض الهيئات التدريسية بمدارسنا، بشأن طريقة الاختيار والمتابعة والتقييم والتعزيز، فوضع المعلم الاجتماعي المتدهور، وعدم كفايته المالية، أديا إلى عدم اكتراثه بتوجهات وميول التلاميذ، في ظل كثرة عدد الحصص التي تسهم في تغذية حالة اللامبالاة في هذا المجال .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"