عادي
إضاءات

الفراسة..الحقيقة والتاريخ

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين
الفراسة مفهوم وممارسة، تعد من أقدم ما عرفه الإنسان طوال تاريخه، ويقصد بها الاستدلال على الصفات الداخلية، من خلال البحث في الظواهر الخارجية والخلقية، كالألوان والأشكال والأعضاء، حيث تستطيع تحليل شخصية الفرد ومعرفة صفاته وميزاته ونقاط قوته وضعفه من خلال قراءة ملامح وجهه مثلاً.
يعتقد البعض أن العرب هم أول الشعوب معرفةً واستخداماً لما يسمى بالفراسة، وفي الحقيقة يذكر الكثير من الدراسات والبحوث والآثار أن الكثير من الأمم والحضارات والشعوب على امتداد التاريخ البشري اهتم بهذا العلم.
ويرجح البعض أن الصينيين القدامى هم أول من ظهرت عندهم آثار علم الفراسة وذلك قبل 3000 عام، وقد أطلقوا على هذا العلم اسم «ميان شيانج»، أي علم قراءة الوجه.
ولكن أيضاً عرفت الفراسة عند المصريين القدامى، وتشير أوراق البردي المصرية إلى استخدام الفراسة من قبل العائلات المالكة، وأيضاً عرفت عند اليونانيين حيث كتب الفيلسوف اليوناني فيثاغورس عدة قواعد لقراءة الأوجه، وكان يستخدم هذا العلم في مقابلاته الشخصية لقبول تلاميذ جدد في مدرسته، وقد كان لأرسطو دور كبير في الفراسة حيث ربط بين أشكال الحيوانات ووجه الإنسان بحيث إنّ من شابه وجهه وجه أحد الحيوانات فإنّه يتّصف بصفات هذا الحيوان، كشجاعة الأسد ومكر الثعلب وقوة الثور وهكذا، في حين ركز أبقراط «أبو الطب» على أهمية موقع المكان في التأثير في الشخصية وصحة الشخص، وقد قال إن المظهر الصحي والنضر للأشخاص يكثر عند الذين يسكنون في الاتجاه الشرقي حيث تشرق الشمس فتكون صحتهم أفضل من الذين يواجهون الشمال أو الغرب.
لكن جهود العلماء العرب وغيرهم جاءت كالعلم والدراسة التي هدفت لرسم استنتاجات واجتهادات عن أشكال الأوجه المختلفة وانعكاسها على أصحابها فكانت على الوجه الرفيع، أوالوجه البيضاوي وشكل الحاجبين، والعينين، حيث يقال إن أصحاب العينين الداكنتين يتمتعون بطبع سريع الغضب، والخدين المستديرين أوالسمينين أوالممتلئين، هما علامة على الصحة والجمال والازدهار، ويدل الأنف الواسع على أن صاحبه مستقر ويشعر بالأمان مع نفسه. وقد يكون أصحاب الأذنين المسطحتين والعريضتين والناعمتين ذات شحمتين طويلتين محظوظين، وإذا كانت شفتاك ممتلئتين وصغيرتين فأنت كريم وذو طابع جميل.
لذا عرف عن العرب القدامى البراعة والتميز في مجال الفراسة.
علم النفس الحديث وقف موقفاً رافضاً لفكرة الفراسة، واعتبرها علماً زائفاً، وإحدى الطرق الشعبية لتحليل الشخصية كقراءة الكف والأبراج وغيرها، وقد أثبتت البحوث والدراسات التي قام بها علماء النفس وقورنت فيها الصفات السلوكية بالصفات الجسمية أن معامل الارتباط بين التكوين الجسمي والمزاج كان دائماً منخفضاً. وعلى الدرجة نفسها هناك مدارس في علم النفس والاجتماع تحتفي بالفراسة وتستشهد بقصص كثيرة ودلائل متعددة على قوة حضورها وأثرها وتاريخها الضارب العمق في مسيرة البشرية.
وسواء كان للفراسة حضور واعتراف علمي أم لا، فإن تاريخيتها والتصاقها بالإنسان، حولاها لواقع لا يقبل النقاش لدى الكثير من المجتمعات.

شيماء المرزوقي
[email protected]
Www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"