عادي

تأمين الأمراض الوراثية والمزمنة خارج حسابات «الشركات»

03:55 صباحا
قراءة 5 دقائق
تكلفة علاج الأمراض المزمنة والوراثية عالية، ويعاني المرضى من تبعات المرض نفسياً ومادياً، خاصة في ظل امتناع بعض شركات التأمين عن إدخالهم تحت مظلة التأمين الصحي حتى لا تتحمل كلفة العلاج المرتفعة، أو تفرض عليهم أقساط تأمين مغالى فيها، وفي كثير من الأحيان تعاني تلك الفئة فلا تحصل على الموافقة الفورية للحصول على العلاج.
وحذر الخبراء من أن المرضى المصابين بأمراض مزمنة في دولة الإمارات وفي بلدان منطقة الشرق الأوسط، يبحثون «بعد فوات الأوان» عن حماية تأمينية من الأمراض الخطرة، ونتيجة لذلك، يجدون أنفسهم أمام مخاطر مالية «كان يمكن تجنبها».
ووفقاً لأرقام «زيوريخ إنترناشونال لايف»، فإن أكثر من ثلاثة أرباع سكان دولة الإمارات (76 بالمئة) لا يحظون بتغطية تأمينية كافية وأن 85 بالمئة من النساء لا يتمتعن بتغطية تأمينية للأمراض الخطرة‪.‬
وهنا نتساءل: ما آلية تأمين مرضى الأمراض المزمنة؟ وهل تتكفل شركات التأمين بتغطية شاملة لهم؟ وما هي أبرز معاناة تلك الفئة؟

تغطية جيدة

قال أشرف محمد «موظف» إنه يعاني من أمراض مزمنة تتمثل في الضغط والكولسترول، وهذا يترتب عليه الاستمرارية في تناول الأدوية ومراجعة الطبيب، وبالتالي يجد التغطية الجيدة من قبل شركة التأمين. وقال: حقوقي واضحة والباقة التأمينية مبينة ما لي وما عليّ، وعادة ما أحصل على الموافقة مباشرة، ولكن هناك فحوصاً تتطلب مزيداً من الوقت وبالتالي تتأخر شركة التأمين بالرد.
وأكد «م. ر» مريض بالثلاسيميا معاناته مع حصوله على العلاج، وقال: شركات التأمين لا تقبل تأمين مرضى الثلاسيميا، وبعض الجهات الصحية الحكومية بدأت لا تستقبل مرضى جدد مصابين بالثلاسيميا، وتكتفي بعلاج مرضى سابقين مجاناً، بالتالي يعاني المرضى الجدد بدفع تكاليف عالية من أجل الحصول على العلاج.
وأشار مصطفى محمد بتعرضه لأمراض جلدية منها الصدفية، ولم يجد شركة تأمين تقبل تأمينه بمبلغ بسيط، وهذا الأمر أثّر عليه بشكل كبير.
وقال: بسبب التكاليف العالية للعلاج، أحرص على الذهاب للمستشفيات والحصول على العلاج ولكن بمجرد زيادة التكاليف أتوقف عن العلاج وألجأ لمحلات العطارة من أجل الحصول على أعشاب قد تفيد بعلاجي.

نوع بوليصة التأمين

وقالت الدكتورة أمل سلامة مديرة التأمين والسجلات الطبية في مركز فقيه: يعتمد التعامل مع مرضى الأمراض المزمنة على نوع بوليصة التأمين وإذا كانت الأمراض المزمنة التي لديهم مغطاة أم لا، ولا تعطي شركات التأمين الموافقة الفورية لتلك الشريحة بل تحتاج لبعض الوقت. ومن خلال الحالات التي تصل المستشفى، لا يعاني مرضى الأمراض المزمنة من الحصول على التغطية الجيدة من قبل شركات التأمين، خاصة إن كان التأمين لأشخاص أو مجموعات صغيرة.
وأشارت إلى أن علاجات أطفال الأنابيب مغطاة لمواطنين الدولة عن طريق بطاقة ثقة وهناك بعض البوالص التأمينية المتوفرة تغطي علاجات العقم وعمليات أطفال الأنابيب كذلك.

أسقف متفاوتة

وأكد صالح الهاشمي المدير التنفيذي لدار التكافل للتأمين ‪ أن شركات التأمين تعالج المرضى كما تتطلب حاجتهم الحقيقية والتي تكون محصورة على البوليصة أو التغطية التي تم شراؤها، والعقد شريعة المتعاقدين
وقال: فيما يخص مرضى الأمراض المزمنة فإن المجموعات الكبيرة تكون مشمولة من بدء التغطية لكن بأسقف متفاوتة حسب اختيار العميل للباقة، أما للأفراد والتأمين الإلزامي فيغطى بعد مضي‪6 ‬ أشهر من بدء البوليصة لمنع الاستغلال، ولكن هذا أيضاً يكون بأسقف متفاوتة حسب اختيار العميل للباقة، وعادة ما يغطي حتى ‪% 80‬ من التكلفة ويتحمل المؤمن الباقي.

لا يجوز رفض العلاج

وأكد المدير العام لقطاع‪ ‬التأمين‪ الصحي في شركة ‬البحيرة‪ الوطنية ‬ للتأمين‪ ‬‬نبيل الشنواني، أن شركات التأمين ملتزمة دائماً بتسديد قيمة الفواتير حسب عقد التأمين فلا يجوز لشركة التأمين رفض علاج أية حالة إذا كانت تندرج ضمن التغطيات التأمينية للوثيقة.
لافتاً إلى أن التأمين الصحي خير دواء للكثير من الناس إذا تم استخدامه بالشكل السليم وكذلك إذا تم فهم كافة شروطه وتغطياته واستثناءاته.
وقال: شركات التأمين لا تعالج المرضى وإنما تغطي مصاريف العلاج الطبي الناتج عن مرض أو حادث، ومعظم المؤسسات لديها موظفون يعانون من أمراض مزمنة يحتاجون أدوية بشكل مستمر ويتم التعامل مع هذه الحالات من خلال توفير أدوية شهرية لهم.

‬ 76 % من سكان الإمارات غير مؤمَّنين

قال إس إس راجو خبير التمويل الشخصي في مجموعة «نيكزس»، ما من شك في أن أي مريض يتم تشخيصه بأنه مصاب بمرض مزمن أو عضال سيواجه عبئاً عاطفياً وجسدياً كبيراً، ولكن الضغوط المالية يمكن في كثير من الأحيان أن تؤدّي إلى تفاقم الوضع المنهك لدى كل من المرضى وذويهم، فبدلاً من التركيز على الاهتمام بالجانب الصحي والعلاجي، ينشغل المريض بالقلق على أسرته من الناحية المالية، لا سيما إذا كان هو المعيل لها‪.‬
وتشير أرقام حديثة صادرة عن دراسة لشركة التأمين المتخصصة «زيوريخ إنترناشونال لايف» إلى أن أمراض السرطان وأمراض القلب تستحوذ على غالبية المطالبات التأمينية لعلاج الأمراض الخطرة في دولة الإمارات، بنسبة 44 بالمئة للأولى و41 بالمئة للثانية.
وتقول الدراسة إن متوسط سنّ أصحاب المطالبات التأمينية على الأمراض الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط هو 48 عاماً، في حين وصل سنّ أصغر أصحاب المطالبات من الأطفال إلى 4 سنوات من العمر فحسب‪.‬
وبخلاف التأمين الطبي، تدفع خطة التأمين الخاصة بالأمراض الخطرة لحامل وثيقة التأمين مبلغاً شاملاً في حال تمّ تشخيصه بمرض يهدّد حياته. وتغطي هذه الوثيقة أو البوليصة أكثر من 30 حالة مرضية تشمل السرطان والنوبات القلبية والفشل الكلوي والسكتة الدماغية، فضلاً عن الحروق من الدرجة الثالثة، والعمى، والصمم، وفقدان القدرة على النطق. وتترك البوليصة للمرضى اختيار طريقة استخدام هذا المال، فإما يعوِّضون به خسارة في الدخل (بسبب انخفاض القدرة على الكسب)، أو يدفعون التكاليف الخفية للرعاية الصحية (مثل تكاليف العلاج الطبيعي أو علاج النطق)، أو يموّلون التغيّرات التي تطرأ على أسلوب حياتهم(مثل إجراء تعديلات في المنازل لتسهيل الدخول والخروج على الكرسي المتحرك)، أو حتى يدفعون به تكاليف العودة إلى الوطن‪.‬

حالات العلاج المستبعدة

وقال دنكان كريرار مدير حلول الشركات مجموعة نيكزس: القاعدة الأساسية لقطاع التأمين الصحي هو العمل على تغطية خدمات العلاج والرعاية الصحية الضرورية من الناحية الطبية، لكن نقطة الخلاف تنشأ من تحديد ما هو ضروري وغير ضروري من الناحية الطبية، والاتفاق على علاجه. ومع ذلك، هناك قائمة عامة ومقبولة عالمياً لما ينبغي أو لا ينبغي تغطيته. على سبيل المثال، حددت هيئة الصحة بدبي قائمة بحالات العلاج المستبعدة من الخدمات المقدمة، والتي لا يُطلب من شركات التأمين تغطيتها، مثل علاج العقم أو الأمراض النفسية. وهذا الأمر لا يعني عدم قدرة شركات التأمين على تغطيتها، لكنه يشير إلى أنه لا يترتب عليها تغطيتها. ورفض علاج المرضى قد يعود إلى عدد من العوامل التي قد تؤدي إلى رفض شركة التأمين إحدى مطالبات العلاج، وهي تتراوح ما بين تجاوز الحد السنوي للاستحقاقات، وطلب تغطية علاج لا يزال في المرحلة التجريبية، ولم يتم اعتماده بشكل رسمي بعد.
كما تطلب هيئة الصحة بدبي حالياً من شركات التأمين تغطية مصاريف علاج الحالات المزمنة. لكن بالنسبة لبوالص التأمين الخاصة بالأفراد، ينبغي على الشخص الإفصاح عن هذه الحالة خلال عملية شرائه لبوليصة التأمين، وإذا لم يقم بذلك، تحتفظ شركة التأمين بالحق في عدم تغطية تكاليف علاج هذه الحالة. وينبغي على مالكي بوالص التأمين معرفة هذه الأمور، وأن الصدق هو أفضل بوليصة يمتلكها الإنسان. في الوقت نفسه، يجب أن تتحمل شركات التأمين مسؤولية الوفاء بالتزاماتها التعاقدية. ومن خلال قراءة نصوص البوليصة بدقة وعناية، واختيار البوليصة المناسبة التي تلبي احتياجاتهم، إمكان المرضى تجنب مواجهة مثل هذا الوضع المؤلم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"