عادي
إيقاعات

الأطفال والأوبرا

03:31 صباحا
قراءة دقيقتين
مها عادل

مشهد مبهج نراه دائماً في الزيارات النهارية لأي دار أوبرا كبيرة حول العالم، حيث نجد الأطفال يمثلون النسبة العليا من عدد الزوار الذين يتدفقون عليها، باعتبارها معالم سياحية ومراكز تجمع ثقافي.
الأمر لا يحدث اعتباطاً أو وليد الصدفة، فمع حشود السياح والزائرين تتوافد عادة رحلات المدارس التي تضم صفوفاً لا تنتهي من التلاميذ من مختلف الأعمار تدور في نظام مهيب بين تماثيل الرخام وواجهات الباروك والجدران، التي طالما ترددت أعذب الألحان بين جنباتها، يدور الأطفال مع موظفين مخصصين من الأوبرا يقومون بدور المرشد السياحي، ويشرحون تاريخ كل حجر وزاوية، والقصص المخبوءة خلف الأركان، والمعالم الرئيسية التي شارك أهم الفنانين في ترك بصماتهم عليها.
لا أذكر أي زيارة قمت بها لأي من دور الأوبرا في أي مكان بالعالم إلا كان الأطفال جزءاً منها، و لا أنسى عروض الجولات المجانية التي تنظمها أوبرا بروكسل أسبوعياً للأطفال و العائلات، و حرص بعض الدول مثل إنجلترا و فرنسا وإيطاليا على جعل زيارة المتاحف والمسارح ودور الأوبرا الواقعة في محيط كل مدرسة نشاطاً أساسيّاً من أنشطة الدراسة، فمن غير المنطقي أن يعيش طفل في مدينة ويكبر فيها من دون أن يتفاعل مع أهم معالمها ومنشآتها، ويقوم بزيارة مناطق الإشعاع الثقافي والحضاري فيها.
الأنشطة المتنوعة التي يقوم بها الأطفال في زيارتهم للأوبرا لا تتوقف عند الجولات التي تطوف بهم حول جدران صماء أو أعمال فنية قد تتجاوز استيعابهم، ولكنَّ هناك دائماً عروضاً فنية مخصصة لهم، ووسائل جذب تفاعلي تحرص دور الأوبرا الكبرى على القيام بها؛ لتحويل زيارة الأطفال إلى شيء مميز، بحيث تصبح زيارة أي طفل ذكرى مهمة في حياته ترتبط دائماً بالبهجة والمتعة، وأيضاً ببداية غرس تقاليد دخول المسارح الكبيرة في نفوس الصغار، بداية من المظهر إلى السلوكيات المتبعة، وتعليمهم تذوق الفنون المختلفة، واستيعاب مواطن الجمال في كل ما يحيط بهم من أشياء.
وعندما أشاهد فرحة أطفال دبي الموهوبين وهم يدخلون للمشاركة في ورش العمل التي يقدمها الفنانون العالميون ضمن فعالية «موسيقى في الاستوديو» أشعر بأن خطوات مهمة تتم على الطريق الصحيح، من أجل ربط أطفال الإمارات بمعالم الفكر والثقافة والفن داخل الدولة، ولكن يبقى أن يزداد حجم التعاون بين المؤسسات التعليمية وبين إدارة الأوبرا من أجل أن يصبح التفاعل دائماً ومؤثراً، وتتحول زيارتهم إلى جزء مهم من ذكريات أي طفل نشأ وعاش في دبي.
وقد تقودنا هذه الخطوات في المستقبل القريب لتكوين فريق موسيقي أوبرالي من الأطفال الموهوبين، الذين أتمنى أن تتبناهم الأوبرا، وتكمل ما بدأته بدعم و تنشئة هذه المواهب، وتصديرها لجمهور دبي والعالم بأحسن صورة تليق بإمكانياتها وتجهيزاتها المميزة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"