عادي

«الكيماوي».. وازدواجية الغرب

04:05 صباحا
قراءة 3 دقائق
أليكس غوركا *

تعرّض أكثر من 100 شخص لإصابات تراوحت بين خطرة وبسيطة، نتيجة لهجوم بأسلحة كيماوية على مناطق آهلة في مدينة حلب في سوريا يوم 24 نوفمبر/‏تشرين الثاني. وطلب النظام السوري من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ( الدولية المسؤولة عن تطبيق المعاهدة الدولية بشأن حظر الأسلحة الكيماوية )، أن ترسل لجنة تقصي حقائق إلى حلب.
كان واضحاً عقب الهجوم أن قوى معارضة للنظام السوري (جبهة النصرة الإرهابية) هي التي نفذت الهجوم. غير أن رد فعل الدول الغربية أثار الاستغراب. فخلافاً لحالات سابقة من استخدام أسلحة كيماوية، عندما كان الغرب يتهم النظام السوري بشن تلك الهجمات حتى من دون إجراء تحقيق أو عرض أدلة، فقد امتنع هذه المرة عن توجيه اتهامات إلى أي جهة، رغم أنه كان واضحاً أن قوى معارضة هي التي شنّت هجوم حلب.
وقد كان الغرب يطلق صيحات غضب وإدانة كلما كانت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة تتعرض لهجمات بغازات كيماوية. ولكن عندما استهدف مدنيون في منطقة حلب بقذائف مورتر معبّأة بغاز الكلورين السام، التزم معظم قادة الدول الغربية بالصمت، علماً بأن القصف الكيماوي تم باستخدام قذائف مورتر أطلقت من محافظة إدلب، وهي الآن آخر معقل لقوى المعارضة السورية.
وهذه المرة أيضاً لم ترد الولايات المتحدة وحليفتاها بريطانيا وفرنسا على القصف الكيماوي بشن ضربات جوية وصاروخية على مناطق المعارضة في حلب، كما كانت تفعل ضد قوات النظام السوري في السابق كلما حدثت هجمات كيماوية. كما أن الدول الغربية لم تلجأ إلى المنظمات الدولية لتوجيه اتهامات إلى أي جهة، علماً بأنها كانت دائماً تلجأ إلى هذه المنظمات لتتهم قوات الحكومة السورية بشن هجمات كيماوية.
ووصف منتقدون لهذه الازدواجية الغربية، صمت الغرب إزاء الهجوم الكيماوي في حلب، بأنه «صمت مدوٍّ».
وحده رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون أعلن أن بلاده تدين استخدام أسلحة كيماوية عموماً، وتدين الهجوم الكيماوي الأخير على حلب خصوصاً. ولكن في الماضي، كانت فرنسا تدعو بقوة إلى تدخل غربي في سوريا، وقد شاركت في عمليات عسكرية أمريكية ضد قوات الحكومة السورية، في حين أنها امتنعت الآن عن اتهام أي جهة محددة بشن الهجوم على حلب.
يذكر أن مصادر غربية متعددة، بينها مصادر استخباراتية، أكدت أن هيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة - التي تحالفت مع تنظيم القاعدة) هي التي شنت الهجوم الكيماوي في حلب. واللافت للنظر أن الحكومات الغربية امتنعت عن إدانة هذا الهجوم، رغم أنه يشكل جريمة حرب في القانون الدولي.
واللافت للنظر أيضاً، أن روسيا كانت قد حذرت من أن قوى المعارضة السورية تستعد لشن هجوم كيماوي، واتهمت بصورة محددة «منظمة الدفاع المدني السوري» - المعروفة أيضاً باسم «الخوذ البيضاء» - بأنها تستعد لشن الهجوم. ويصف الغرب «ذوي الخوذ البيضاء» بأنهم «مدافعون عن حقوق الإنسان».
وكل ذلك يطرح السؤال: لماذا تجاهل الغرب تحذير روسيا من استعداد قوى معارضة سورية لشن هجوم كيماوي ؟.
وهناك سؤال آخر قد يكون أكثر خطورة، هو: لماذا لم تتحرك منظمة حظر الأسلحة الكيماوية - وهي المنظمة الدولية المسؤولة عن تطبيق المعاهدة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية - للتحقيق في الهجوم الكيماوي على حلب ؟.
إن رد الفعل الغربي إزاء الهجوم الكيماوي على حلب، لهو دليل إضافي على ازدواجية الغرب في تعامله مع أزمات الشرق الأوسط.

* محلل في الشؤون الدفاعية والدبلوماسية - موقع «استراتيجيك كلتشر»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"