عادي
تحولت إلى عيادات ومستشفيات

أسواق ومعارض كبرى تبيع علاجات وهمية للمرضى

02:49 صباحا
قراءة 6 دقائق
تحقيق : إيمان عبدالله آل علي

تحولت بعض الأسواق والمعارض الكبرى إلى عيادات ومستشفيات مصغرة، عبر بيعها وصفات علاجية أو منتجات طبية، تعالج بعض الأمراض، وتبيع الأعشاب المجهولة المصدر، وأدوية تخسيس وعلاجات للبهاق والأكزيما ولتساقط الشعر والصدفية، ووصل الأمر إلى بيع وصفات لعلاج السكري والضغط وأمراض الكلى ومنشطات وفيتامينات، وبعضها غير مرخصة من الجهات المعنية، واللافت أن الأغلفة الكرتونية التي تحويها لا تفصح عن كافة المكونات الموجودة فيها، مما تؤثر سلباً على صحة الأشخاص المرضى، لتستخف تلك المنشآت بصحة أفراد المجتمع.
والشاهد أن وجود المكملات في الأسواق يوحي أن هذه مجرد منتجات طبيعية لا تمثل أي خطر على صحة الإنسان، وهدفهم تحقيق أرباح طائلة من وراء بيع هذه المنتجات مستغلين غياب الوعي لدى بعض المستهلكين بأخطارها وآثارها الجانبية، ورغم التحذيرات، إلاّ أن هناك فئة من المستهلكين يقبلون على شراء تلك العلاجات من الأسواق.

الأماكن غير المخصصة لها

أكد د. أنور الحمادي استشاري ومدير مركز دبي للأمراض الجلدية التابع لهيئة الصحة في دبي، أنه من المفترض أن المنتج الذي يخص علاج الأمراض يوصف عبر طبيب، ولا يكون متاحاً في السوبر ماكت والأسواق، وأصبحنا نرى وصفات علاجية في الأسواق والسوبر ماركت، ورأيت كريمات تفتيح في البقالة، ووصفات لعلاج البهاق والأكزيما والصدفية تباع في الأسواق، ويجب أن يعي الشخص نفسه أن تلك المنتجات التي تروج في الأماكن غير المخصصة لها، غير صالحة للاستخدام وغير مسجلة.
وقال: ما الفائدة من دراسة الأطباء لسنوات طويلة، وافتتاح المستشفيات والعيادات، طالما يقصد المريض السوق لشراء علاجه، ونتائج تلك الممارسات كبيرة على الجمهور، وخسارة في المال والوقت، ولها آثار جانبية؟. فمثلاً خلطة العروس أو خلطات التبييض العلاجية منتشرة وبها نسبة كبيرة من الكورتيزون، وطريقة التعبئة قد تكون غير صحيحة، ومنتشرة في الأسواق وتشتريها النساء.

خطر كبير على الصحة

وقال الدكتور ماجد شراب مختص طب العائلة، والمدير الطبي في مركز التداوي الطبي في دبي: إن وجود الأدوية الطبية والمنتجات العلاجية في الأسواق ومحلات السوبر ماركت والمتاجر، لا شك أنه يمثل خطراً كبيراً على صحة الإنسان ويجب أن يقتصر بيع أي منتج علاجي فقط على الصيدليات.
وسبب وجود هذه المكملات في الأسواق هو إعطاء إيحاء كاذب لدى الناس، أن هذه هي مجرد منتجات طبيعية لا تمثل أي خطر على صحة الإنسان، ولكن هدفهم الأول هو في الواقع تحقيق أرباح طائلة من وراء بيع هذه المنتجات مستغلين غياب الوعي لدى بعض المستهلكين بأخطارها وآثارها الجانبية.
ورغم التحذيرات، إلاّ أن هناك فئة من المستهلكين يقبلون على شراء تلك العلاجات من الأسواق، لاعتقادهم الخاطئ بأنها منتجات طبيعية لا تمثل خطراً على صحتهم، رغم أن هناك الكثير من المنتجات الطبيعة التي تمثل خطراً على صحة الإنسان ولها مضاعفات جانبية مثل الجنسنج الكوري وفيتامين E والجنكوبيلوبا، ناهيك عن أن هذه المنتجات ليست عليها رقابة شديدة.
ويجب الإشارة هنا إلى أن هناك العديد من المنتجات الغذائية التي تجاوزت هذه الفيتامينات، فأصبح هناك منتجات لعلاج السكر والضغط والدهون وأمراض السرطان والتي لا تحل بأي حال من الأحوال عن العلاجات بالأدوية المعتمدة من هيئات الصحة العالمية والمحلية.
إن هذه المنتجات والتصريح ببيعها يجب أن يخضع إلى رقابة صارمة من قبل الجهات الصحية.

الأدوية من الصيدليات وباستشارة طبيب

وأكد الدكتور «جهاد المصري»، مختص جراحة عامة والمدير التنفيذي ل«جهاد الطبية العالمية» في دبي، أن تداول الأدوية المخصصة لعلاج أمراض معينة في الأسواق يشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان نظراً لأن بعض هذه الأدوية قد يحتوي على مواد كيميائية ضارة يمكن أن تؤدي للإصابة بالنوبات القلبية أو الذبحات الصدرية، كذلك يجب التوقف عن الترويج والتسويق لمثل هذه المستحضرات والأدوية وتوعية الجمهور بأهمية الحصول على الأدوية من الصيدليات وبعد استشارة الطبيب المختص.
وقال: وجود تلك العلاجات في الأسواق نتيجة إقبال البعض إليها من أفراد الجمهور الذين ينساقون وراء الإعلانات المشبوهة على الإنترنت وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي التي تقوم بالترويج للمستحضرات المغشوشة أو الرخيصة مثل مساحيق التجميل وعقاقير التنحيف والقدرة الجنسية والتي قد تحتوي على مواد كيميائية خطرة وغير مصرح بها. والمواد المضافة إلى بعض هذه المستحضرات والأدوية قد تفوق في كميتها المقدار المسموح به من قبل الهيئات الصحية المختصة، مما قد يكون لذلك مضاعفات جانبية خطيرة على صحة المستهلك. كما أن هذه الأدوية والمستحضرات التي تباع في الأسواق، حتى لو ادعى أصحابها أنها عبارة عن مواد عشبية وطبيعية، فإن الخطر في استخدام أي مستحضر عشبي غير مرخص به هو قائم، مما قد يسبب مشكلات في الكبد أو فشل كلوي أو مضاعفات في ضغط الدم وغيرها الكثير من المشكلات الأخرى.
وأكد أن وزارة الصحة والهيئات الصحية العاملة في الدولة تقوم بجهود جبارة في هذا المجال، من خلال حملات التوعية الدائمة التي تنظمها والتحذير من أدوية السوبر ماركت والدعوة إلى مقاطعتها ووقف تداولها.
غير أن هذه المهمة لا تقع على عاتق الهيئات الصحية فحسب، إذ يجب على المستهلك أيضاً أن يكون أكثر وعياً لخطورة هذه المستحضرات الرخيصة، وألاّ ينساق أمام الإعلانات الوهمية على الإنترنت وألاّ يستخف أبداً بالمضاعفات الجانبية الخطيرة التي تتسبب بها هذه الأدوية على صحته.

كأطباء نحذر من تلك المنتجات

د.الين أبي خلف، طبيبة أسرة في مستشفى الزهراء دبي، أكدت أن الدواء يخضع للعديد من الدراسات قبل اعتماده من المنظمات العالمية وتسجيله محلياً، وهناك فعلياً بعض العلاجات التي تروج في الأسواق والسوبر ماركت وتكون غير مسجلة في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، وكأطباء نحذر من تلك المنتجات، حيث يكون هناك احتمالية لمضاعفات تؤذي المستهلك، وقد تحدث تفاعلات مع أدوية أخرى يتناولها المريض، وخاصة فيما يخص علاجات خسارة الوزن والتي تسبب ضربات كبيرة للقلب، كما أن الكريمات التي توصف للبشرة في الأسواق معظمها غير مسجلة وثبت أنه على المدى الطويل تسبب سرطان الجلد، فالأفضل الابتعاد عن التركيبات والعلاجات غير معتمدة، تفادياً للأضرار التي قد تصيب المستهلك.

الآثار الجانبية الضارة على المدى البعيد

وقال الدكتور «إتش. إم. إدريس»، مختص طب العائلة في مركز التداوي:
لايجب التشجيع أبداً على شراء أي من الأدوية الطبية والمنتجات العلاجية من الأسواق، كما أن توافرها في محال السوبر ماركت يمكن أن يكون له آثار ضارة جداً على المشترين والمستخدمين، لاسيما منتجات علاج البشرة التي عادة ما تلحق أضراراً على المدى الطويل، ووجود هذه الأدوية خارج الصيدليات يرجع لأغراض تسويقية فقط، حيث أطلقت الشركات هذه المنتجات في محال السوبر ماكت والمتاجر لتكون جاهزة للاستهلاك بكل سهولة من قبل المشترين، غير أن الآثار الجانبية الضارة على المدى البعيد لهذه المنتجات لا يمكن إغفالها.
وأكد أن إقبال الناس على شراء هذه المنتجات في الأسواق، لأنهم يجدونه أمراً في غاية السهولة ويثقون بها إلى حدّ أنهم إمّا لا يأبهون لآثارها الجانبية الضارة أو أنهم غير مدركين لها. لذا يجب توعيتهم حول أخطار استهلاكها وعدم تشجيعهم على شرائها. فعلى سبيل المثال، يمكن لأدوية غثيان الحركة أن تسبب هلوسات وتقيؤاً وعدم انتظام في ضربات القلب. كما قد تتسبب مسكنات الألم بغثيان وتعرّق أو بضرر في الكبد، وكذلك الأمر مع أدوية الزكام التي تسبب مشكلات في التنفس أو القلب أو حتى دوار.
وقال: مما لا شك فيه أن الجهات الصحية بالدولة تعمل دوماً وبشكل فعال على تعقب جميع الأدوية الضارة والتوعية بمخاطرها عبر مختلف القنوات. ولكن كأطباء، فإنه من واجبنا المشاركة أيضاً لكي يتم اتخاذ إجراءات صارمة فورية لمكافحة هذه المنتجات التي لها آثار سلبية خطيرة على صحة الإنسان.

ظاهرة غير صحية

الدكتور باسل زوده، استشاري طب الأطفال والغدد الصماء، أكد أن وجود المستحضرات الطبية خارج الصيدليات مثل محال السوبر ماركت والمتاجر وغيرها من الأماكن الأخرى غير الصيدليات والمراكز الطبية أو المستشفيات هي ظاهرة غير صحية داخل المجتمع ويجب أن يتم التحكم بها من جانب الهيئات المختصة بذلك لمخاطرها على أفراد المجتمع.
وعن سبب وجود الوصفات الطبية في الأسواق، قال: قد يكون السبب ناجماً عن قلة وعي المستهلكين بخطورتها وآثارها السلبية على صحتهم، وأيضاً قد يرجع ذلك لأسباب تجارية بحتة.
وهناك أضرار كبيرة وخطيرة على صحة المستهلكين من مختلف الفئات العمرية، ذلك لأن هذه المنتجات العلاجية يتم صرفها من قبل أشخاص غير مختصين ومؤهلين للقيام بمثل هذه الأمور. وبالتالي، من الممكن أن يعطى الدواء الخاطئ للمريض.
وعن الرقابة على تلك الأسواق، قال: برأيي هناك رقابة وقوانين صدرت عن الجهات الصحية بالدولة ليتم التحكم بأنواع الأدوية والمنتجات العلاجية التي يُسمح ببيعها والقيام بتنظيمها على نحو أكبر.
وتقوم هيئات الصحة ووزارة الصحة بدولة الإمارات بعمل رائع فيما يتعلق بهذا المجال، كما أنها لا تألو جهداً في تنظيم حملات التوعية التي تطلقها بشكل دائم لتوعية الجمهور بخطورة شراء تلك المنتجات من مواقع الإنترنت وغيرها من الأمكنة غير المرخصة والمشبوهة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"