عادي

شباب الأدب

04:48 صباحا
قراءة دقيقتين
باسمة يونس

في عام 1899، قال شارلز هولاند دويل، مفوض الولايات المتحدة للبراءات والعلامات التجارية «كل شيء كان من الممكن اختراعه، قد تم اختراعه»، ولو عاد للحياة اليوم لاكتشف خطأ مقولته، ولأدرك حجم الوهم الذي كان يعزله ضمن دائرته، ولاعتذر عن سوء تقديره، وكذب تنبؤاته التي لا تتطابق مع الواقع اليوم.
وفي الأعوام الأخيرة، تكاثرت المقالات التي يندد كتابها بكثرة الإصدارات الإماراتية في مجال الكتابة الأدبية، وبشكل خاص في مجال الرواية، وزادت مثل هذه المقالات بوصف الروايات ب«المسلوقة»، أو الضعيفة، وغير العميقة، وهو ما يدل على أن صمت مثل هذه الأقلام أفضل من الاجتهاد في ما لا تفقه فيه أحياناً، لأن الإشكالية الحقيقة ليست في ضعف الكتابة الروائية، بل في قدرة البعض على فهم معنى الإبداع، وعلاقته بالتغيير، وأهمية تطلعات الشباب، وتجاربهم الجديدة، وحقهم في الإقدام على التجربة.
ويزداد حجم المشكلة في ظل غياب فهم كثير من هؤلاء المعارضين لكتابات الشباب لمعنى قياس الضعف، وما الذي يقرر عمق الكتابة، أو سطحيتها، وماهو المؤشر، أو المقياس الذي يعتمدون عليه في وصف الإنتاج بالضعيف، وهل الكثرة تعني الرداءة بينما القلة تعني التميز؟
هل يمكننا حقاً الاعتماد على آراء بعض المجتهدين في وصف روايات الشباب بالضعيفة، أو «المسلوقة»، رغم أنهم خارج منطقة الإبداع الأدبي تماماً؟ وهل على الشباب التراجع عن تجربتهم لمجرد أن هناك من يحتجزون آراءهم في قمقم تجارب من مروا في الساحة الأدبية في الماضي، ثم اختفوا منها؟ وكيف يمكننا المساهمة في دعم الموهوبين أدبياً من الشباب بينما هناك من يصر على تكسير أجنحتهم، وإيهامهم بإخفاق تجربتهم من خلال تناقل عبارات تشير إلى ضعف أعمالهم مقارنة بتجارب من سبقوهم، لأنها الأغنى، والأعمق، والأجدر بالتميز؟
والإشكالية الأشد خطورة تكمن في أن معظم من يجتهدون في تمزيق أوراق الكتابة الشابة لا يمتلكون خبرة، أو معرفة بمضامين الكتابة الناقدة، أو الموجهة، في غياب كتابات نقدية علمية، وتحليلية حقيقية، يمكنها تقدير حجم الإبداع والتمييز بين العميق والسطحي فيه.
إن المطلع على تاريخ الأدب يعرف العلاقة بينه وبين تطور المجتمعات، وصلة القرابة بين الإبداع وبين تميز الكاتب واختلافه، وسوف يدرك أن المبدع لا يقلد من سبقوه لمجرد نجاحهم في زمن ما، لكنه يقتبس نجاحه من مستجدات زمنه ومتغيراته، وسيعلم حتماً بأن الأدب يعبر عن المجتمع، ويتجاوب مع أحداثه، وفورة شبابه وطموحاتهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"