عادي
عين على الفضائيات

«الورشة» والستارة

03:28 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

حين نتحدث عن معاناة بعض الدول العربية من «أزمة ورق»، فإنما نتحدث عن مشكلة أساسية تعانيها المسلسلات؛ إذ لطالما تعتبر القصة هي العصب الرئيسي لأي عمل سواء كان درامياً أو كوميدياً أو فانتازياً أو «أكشن» أو تاريخياً.. الإخراج شريك أيضاً في الأولوية، إنما لا يمكن لأي مخرج مهما اشتهر بعبقريته وقدرته على التفنن والإبهار، أن يغير من قماشة العمل إن لم تكن على مستوى عالٍ من الجمال والجودة، وتملك خامة جيدة يمكن التحكم بها وإبرازها على الشاشة.

«أزمة ورق» تعبير يستخدمه أهل المهنة للتعبير عن الفقر أو النقص في التأليف، وغياب كتّاب جيدين للأعمال التلفزيونية، قادرين على تقديم أفكار جديدة على الأقل مرة كل عام، خصوصاً أن تعدد القنوات وامتداد ساعات البث، يفرضان وجود كمٍّ من الأعمال، وتنوع في القصص وتفنن في الإخراج، وتغيير في الممثلين قدر المستطاع.

في السنوات الأخيرة، وبعد تفاقم الأزمة، انتبه بعض كتّاب الدراما إلى أهمية إنشاء «ورشة للكتابة»، يشرف عليها الكاتب بنفسه، يعطي توجيهاته، يلملم أوراق الشباب الموهوبين الباحثين عن فرصة لتقديم أفكارهم، يعيد ترتيبها وجمعها في قالب واحد، ثم يقدمها إلى المنتج أو المخرج أو القناة.

جيدٌ المشروع؛ لأنه يقوم على دعم الدراما وتنشيطها، من خلال تدريب الشباب وتقديمهم للشاشة وللجمهور، كما يقدم لهم فرصة لظهور أسمائهم على الشاشة والتمتع بخبرة مهمة. لاحقاً ينطلقون بأعمالهم الخاصة، ويجد الجمهور والوسط الفني أمامه مجموعة من المؤلفين القادرين على نقل الدراما إلى مرحلة جديدة.

جيدٌ المشروع إذا تمتع الكاتب بضمير، ولم يجعل من «ورشة الكتابة» ستارة تحجب المبدعين «الصغار» عن عيون المشاهدين، فيعملون ويكتبون ويجتهدون ويقدمون أعمالاً ممتازة يحبها الناس ويصفقون لها، بينما في الواجهة وأمام الستارة اسم واحد، هو اسم «الكاتب» (أو الكاتبة) المعروف. هذا للأسف ما يفعله مؤلفون يريدون لأسمائهم أن تبقى وحدها في الصدارة، ويسعون للسطو على مجهود الآخرين، واحتكار السوق بضخ كم من الأعمال كل سنة، تكون متنوعة بين المسلسلات الطويلة والتي تصل إلى ستين حلقة أو أكثر، وبين الدراما الخفيفة والمحببة.

نحترم كل كاتب مشهور يتخلى عن الذاتية والأنانية، ويضع في تتر العمل أنه من تأليف «ورشة»، يسرد أسماء العاملين فيها، ثم يذيلها ب «تحت إشراف» الكاتب الفلاني. ولا نفهم «طمع» كاتب (أو كاتبة) يريد أن يأكل الأخضر واليابس كي يبقى في الصدارة، علماً أن كتابته الحقيقية وأفكاره باتت تراوح في مكانها وتجنح كثيراً نحو اقتباس الأعمال التركية والمكسيكية، واللف والدوران حول فكرة واحدة، واعتماد المط والتطويل «وفق متطلبات البيزنس» ومعايير المكسب من ساعات البث الأطول.

إذا تجوّلت بين المحطات ودققت في أعمال تحمل أسماء بعض الكتّاب، تكتشف وحدك أنها نتاج عقول أخرى بذلت مجهوداً وتحلم بأن يكون لها مكان في عالم الدراما.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"