عادي
بيروت تحتفي بنسختها الثانية

“وصلت للتسعة وتسعين” تستحضر تراث شوشو

01:16 صباحا
قراءة 5 دقائق

مسرحيات الراحل شوشو، التي لم يتح للجيل الجديد متابعتها، تحتفي بها بيروت حاليّاً على خشبة مسرح قصر الفرساي في الحمرا. من خلال مسرحيّة وصلت للتسعة وتسعين في نسختها الثانية. والمسرحية باكورة الأعمال التي يقدّمها خضر علاء الدين (ابن الفنان الراحل)، ومعه المخرج عمر ميقاتي وهو ابن المخرج الراحل نزار ميقاتي أحد مؤسسي المسرح الوطني قبل أربعة عقود ونيّف. العمل المسرحي يعاد تقديمه بعد ثلاثة وثلاثين عاماً على رحيل شوشو، وبعد خمسة وثلاثين عاماً على تقديمه للمرّة الأولى. في الماضي، توزعت بطولة المسرحية التي اقتبسها فارس يواكيم عن مسرح البولفار الفرنسي، بين حشد من الممثلين الذين رحل بعضهم عن عالمنا أمثال حسن علاء الدين (شوشو)، شفيق حسن والمطرب الراحل عصام رجّي، بينما يطل بعضهم الآخر في الدراما بين الحين والآخر وبين هؤلاء هند طاهر، وزياد مكوك، وسمير معلوف وخالد السيّد.

النسخة الجديدة يؤدي بطولتها خضر علاء الدين ممثلاً ومساهماً في الإنتاج، وسبق له تقديم مسرحيّتي آخ يا بلدنا وجوّا وبرّا قبل نحو عشر سنوات، لكنهما لم تحظيا بالنجاح المتوقع، ويشارك فيها أيضاً خالد السيّد، ناجي محمد شامل وابنه حسن شامل، وهيثم اسماعيل، وهشام أبو سليمان، وديانا ابراهيم، وشادن أبو دهن، وبولين حداد، وجوزيف عبّود، ومروان نعيمي.

تدور قصّة المسرحيّة حول المعلم شوشو المعمرجي، المكلف ببناء مجلس للنواب يضم 99 نائباً، وتروي قصّة الصراع بينه وجاره الثري منير بيك ملك الخشب وأبو الدولار، الذي أراد أن يتسلى بشوشو، فقرر منحه ألفي دولار يوميّاً، واشترط عليه أن يصرفها من دون أن يشتري بها عقاراً، وإذا نجح في المهمة سيفوز بمبلغ كبير. ويعيش المعلم شوشو صراعاً من نوع آخر مع صاحب المنزل الذي يسكن فيه، كونه لا يملك مالاً ليدفع الإيجار، بالإضافة إلى صراعه مع زوجته، وهي المرأة التي تبدو قويّة ومتسلطة إلاّ أنها ضعيفة مع زوجها، وغير قادرة على فرض شروطها حتى على ابنتيها منى وإلهام خاصة الأخيرة، التي تثير مشكلات دائمة بقرارها أن تسهر خارج المنزل يوميّاً، ولا تجد مدافعاً عنها سوى والدها.

اختار ابن شوشو أن يقدم مسرحيّة وصلت للتسعة وتسعين من بين 24 عملاً مسرحياً، نظراً لكونها تنطبق على الوضع الذي نعيشه حاليّاً في هذا البلد، لكنها تتضمن لطشات آنية تم تعديلها أو استبدالها كما يقول يتفاخر خضر بشخصيّة والده، فهو مثل أي شخصيّة اشتهرت في التراث الأمريكي والأوروبي والإنجليزي، ويجب أن تظل مسرحياته في الذاكرة وأن يعاد تقديمها على الدوام، تماماً كما يحصل مع مسرحيّات موليير التي لا تغيب عن خشبة المسرح الفرنسي مع ممثلين مختلفين في كل مرة، وكل منهم يؤدي الأدوار بروحه وإحساسه وعلى طريقته، وهذا ما أفعله أنا في هذا العمل، إذ أؤدي شخصيّة شوشو التي حققت نجاحاً كبيراً، بإحساس خضر علاء الدين.

وعما إذا كان يتوقع أن يحقق النجاح الذي حققه والده، يعتبر أن مقاييس النجاح، تختلف بين السبعينات ويومنا، نحن نفكر كيف نوصل الرسالة بأمانة وإخلاص.

ويلخص أحداث المسرحيّة بجملة واحدة، لأن المسرحية تروي قصة البلد، وتحاول أن تثبت بأن المال ليس أصل السعادة، ولا يمكن أن يصنعها. ويعتبر خضر أن الصورة التي يعرفها مشاهدو التلفزيون والسينما عن شوشو، تختلف

عن صورته على المسرح بصورة تامة.

من جهته، يراهن عمر ميقاتي في المسرحيّة التي تنتمي إلى نوع الفودفيل على شخصيّة خضر علاء الدين، كونه مثقفاً مسرحيّاً، واشتغل على ليونة جسده فضلاً عن اعتماده على موهبته الفطريّة والمكتسبة. ويشير إلى أن شوشو تحول إلى شخصيّة تراثية وأعماله لن تموت، ولا شك بأنه سيأتي أشخاص آخرون، ليقدموا أعماله بعد سنوات طويلة، سواء المسرحيات ال 11 التي كتبها وأخرجها نزار ميقاتي أم المسرحيات الباقية التي تناوب على تأليفها أو إخراجها محمد شامل وفارس يواكيم وريمون جبارة. ويقول في النسخة الجديدة، تصرفت في بعض المواقف لمواكبة العصر، كما حذفت بعض الأمور التي من شأنها أن تؤثر على إيقاع المسرحيّة، في المساحة المتاحة للمخرج. ويعتبر ميقاتي أن ثمة تشابهاً كبيراً بين خشبة المسرح الوطني وبين خشبة مسرح الفرساي الذي نعرض عليه المسرحيّة اليوم.

ويشير إلى أن دور صاحب البيت جسده شفيق حسن في الماضي، بينما يؤدي هنا الدور ببراعة هيثم اسماعيل، ويؤدي ناجي شامل ابن الكاتب الراحل محمد شامل دور عجاح الرجل البسيط الذي تستغله احتشام (تؤدي دورها بولين حدّاد)، وهو الدور الذي لعبه سابقاً زياد مكوك، وتؤدي دور زوجة شوشو الممثلة ديانا ابراهيم، فيما أدته في السابق الممثلة القديرة هند طاهر. أما هشام أبو سليمان فيؤدي شخصيّة منير بك، كما يؤدي دور الحرامي في الفصل الثاني. وتؤدي شادن أبو دهن دور إلهام ابنة شوشو، وتؤدي بولين حداد إلى جانب دور احتشام دور منى الابنة الثانية لشوشو.

يطمح عمر ميقاتي إلى الاستمراريّة وإعادة أمجاد المسرح الوطني، إذا حققنا النجاح في هذا العمل، سنكمل المسيرة لنقدم مسرحيّة الحق عالطليان.

عطلة

الممثل خالد السيّد، الذي شارك قبل ثلاثة وثلاثين عاماً في العمل يعتز باختياره مرة أخرى لتجسيد الشخصية نفسها. ويشعر أننا كنا في عطلة مسرحيّة، وجددنا نشاطنا لاستكمال العمل، ولم تمر كل هذه السنوات، خاصة وأن تجسيد شوشو ما زال كما هو، وقيمته هو نفسها.. أقول إن شوشو لم يمت، واللي خلف ما مات، لأن خضر علاء الدين هو استنساخ عن والده قبل أن يتوصل العلماء إلى الاستنساخ. وكما كان لي الشرف أن أقف على خشبة المسرح إلى جانب شوشو، فإن لي الشرف أن أكمل مسيرتي المسرحيّة مع شوشو الابن.

هنا يؤدي السيد شخصيّة فوزي كرلّو في الفصل الأول، بينما يؤدي شخصيّة السفير في الفصل الثاني وهو الدور الذي أداه سابقاً سمير معلوف، لافتاً إلى أن الإمكانات الماديّة هي التي تفرض علينا هذا الأمر، في ظل الظروف الحاليّة. ويدعو الجيل الحالي، لأن يزور المسرح ليتعرف أكثر على أعمال شوشو المتميّزة.

وتختتم المسرحيّة بأغنية بهالبلد ياما في ناس التي أداها شوشو بصوته، بينما حذفت أغنية شدوا الهمة التي غناها الراحل عصام رجّي. ويلاحظ أخيراً أن ميقاتي أسند شخصيتين إلى كل ممثل بدلاً من واحدة، حصراً للنفقات.

تؤدي ديانا ابراهيم شخصيّة زوجة شوشو، وهي من النساء اللواتي يجمعن القوة مع الضعف، فهي قوية أمام الناس وعلى حماية عائلتها وضعيفة أمام زوجها، وترضخ لأوامره، ودوماً كلمة الزوج هي التي تنفّذ، رغم اعتراضها على ذهاب ابنها إلى مدرسة ليليّة وعلى أن تسهر ابنتها في شارع الحمرا. الممثل هيثم اسماعيل يؤدي شخصية منصور صاحب البيت الذي يعش فيه شوشو وعائلته، ويصف الشخصيّة بأنه رجل يحب المال، فيقبض أجرته كلاماً في الهواء، والشخصيّة الأخرى في الفصل الثاني هو التحري الذي يبدو أيضاً ساذجاً، لا يريد أن يعرف أحد أنه كذلك.

وتتوقف شادن أبو دهن خريجة التمثيل التي تعمل في فرقة فهد العبدالله منذ ثماني سنوات، عند شخصيّة إلهام ابنة شوشو التي تؤديها في العمل. وتكشف أن ابنة شوشو فتاة مودرن، تعشق السهرات، وبعكس شقيقتها الملتزمة، تستغل المواقف المحرجة لتحقق مبتغاها. تعتبر شوشو مدرسة بحد ذاتها، وحين يعرض على أحد عمل له، فعليه أن يسارع إلى المشاركة فيه، أضف إلى ذلك الممثل القدير عمر ميقاتي، ومجرد وجودي في العمل مسألة مهمة بالنسبة إليّ.

جوزيف عبود شارك شوشو الابن في ثلاث مسرحيات في السنوات الماضية، ويؤدي في هذا العمل شخصيّة لطّوف سكرتير منير بك، وهو الذي يحاول التنسيق بين شوشو ومنير بك. بينما يلعب الممثل الشاب مروان النعيمي، دور الجارسون في الفندق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"