عادي

جامع عمرو بن العاص.. شاهد على تاريخ مصر الإسلامي

01:56 صباحا
قراءة دقيقتين
القاهرة:«الخليج»

يزداد مسجد عمرو بن العاص تألقاً على مدار أيام شهر رمضان، حيث يحلو لكثير من المصريين أداء صلاة القيام في المسجد العتيق، والاستمتاع بما يشع من جدرانه من روحانيات.
ويعد مسجد عمرو بن العاص هو أول مسجد يتم بناؤه ليس في مصر وحدها وإنما في إفريقيا كلها، إذ يرجع تاريخ بنائه إلى الفاتح العظيم عمرو بن العاص، في العام 21 هجرية الموافق 642 ميلادية، ويعرف المسجد باسم «تاج الجوامع» أو «الجامع العتيق» نظراً لعمره الموغل في تاريخ مصر الإسلامي.
كان مسجد ابن العاص وقت بنائه، يشرف على النيل، فلم يكن البناء وصل في القاهرة إلى حد أن يحجب رؤية النيل للمسجد العتيق، الذي يقول كثير من الرواة إن جمعاً من الصحابة الذين شاركوا عمرو بن العاص فتح مصر، هم الذين قاموا على تحديد قبلة المسجد الذي لم تتعد مساحته وقت إقامته نحو 50 *30 ذراعاً، وكان الطريق يحيط من كل جانب بالمسجد الذي كانت تسوده البساطة، فلم يكن له صحن ولا محراب ولا منارة ولا فرش، حتى جدرانه كانت خالية من البياض والزخارف، بل إن المنبر الذي كان يميز المسجد اضطر عمرو بن العاص إلى كسره، بعدما أرسل له الخليفة الفاروق عمر رسالة يقول فيها: «أما يكفيك أن تقوم قائماً والمسلمون جلوس تحت عقبيك».

ظل جامع عمرو على حاله حتى عصر مسلمة بن مخلد الأنصاري، أمير مصر في عهد معاوية بن أبي سفيان، فزاد في مساحته وزخرف جدرانه وسقفه وأنشأ به 4 صوامع للمؤذنين في أركانه، ونقش اسمه عليه وأمر بعمل المنائر في المساجد «المآذن»، كما فرشه بالحصر بدلا من الحصباء ثم توالت أعمال التطوير، فأزال والي مصر عبد العزيز بن مروان جدرانه وقام بتوسعته من جوانبه، قبل أن يأمر الأمير قرة بن شريك العبسي، والي مصر، بزيادة مساحته، فأحدث فيه محراباً مجوفاً ووضع به منبراً خشبياً ومقصورة، وقام بتذهيب تيجان أربعة أعمدة تجاه المحراب وصار للجامع أربعة أبواب في شرقه وأربعة في غربه وثلاثة في الجهة الشمالية، واستمر على هذه الحال سنوات طوال قبل أن يأمر عبد الله بن طاهر والي مصر من قبل الخليفة المأمون، بمضاعفة مساحته على النحو الذي يجده الزائر اليوم.

بلغ جامع عمرو بن العاص ذروة مجده في عصر الدولة الفاطمية، إذ لم يكن الجامع مسجداً تقام فيه الصلوات فحسب، وإنما كان ملتقى لكثير من الأنشطة والأعمال التي يقوم بها المسلمون حكاماً ومحكومين، وضم الجامع في كثير من الفترات محكمة لفض المنازعات وكانت تعقد جلساتها في المنطقة الغربية، حيث المحراب الخارجي، كذلك كان به بيت المال، وكان يجمع تحت قبابه الأموال المخصصة ليتامى المسلمين، ومثل كل المساجد كانت حلقات الدروس الدينية تقام في جامع عمرو، وكان بعضها لإرشاد العامة إلى ما ينفعهم ويفقههم في الدين، وكان منها حلقات لدروس الفقه والحديث وعلوم القرآن والأدب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"