عادي
كان من أشدّ المحافظين على تراث الإمارات وعادات شعبه وتقاليده

رحل سلطان بن زايد.. وعطاءاته السياسية والعسكرية والثقافية باقية

06:17 صباحا
قراءة 7 دقائق
إعداد:إيهاب عطا

رحل عن عالمنا المغفور له، بإذن الله، الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، تاركاً إرثاً كبيراً سياسياً وثقافياً وإعلامياً، ورياضياً، وتراثياً. ويشهد له بأنه كان من أشد المهتمين بالحفاظ على تراث الإمارات وعادات شعبه وتقاليده، وقد كان يترأس نادي تراث الإمارات ويتابعه، ويهتم به اهتماماً خاصاً.
النشأة والدراسة
ولد المغفور له الشيخ سلطان بن زايد في إمارة أبوظبي عام 1955، وكان الابن الثاني من أبناء المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراهما، وتلقى تعليمه الأولي في العين ثم أبوظبي، وواصل دراسته في بيروت، ليتخرج بعد ذلك عام 1973 في أكاديمية «ساندهرست» العسكرية، وقد التحق بدورات عسكرية خارجية في باكستان ومصر.

المناصب
في عام 1974 عين نائباً لقائد قوات دفاع أبوظبي، وفي عام 1976 عين قائداً للمنطقة العسكرية الغربية، ثم تولى رئاسة اتحاد الإمارات لكرة القدم من عام 1976 حتى عام 1981، وفي عام 1978 عين قائداً عاماً للقوات المسلحة، وتولى عام 1988 رئاسة دائرة الأشغال العامة في إمارة أبوظبي. كما شغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء عام 1990، ونائب قائد قوات دفاع أبوظبي وقائداً للمنطقة العسكرية الغربية. وفي 28 أغسطس 2009 أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً اتحادياً بتعيينه ممثلاً لصاحب السمو رئيس الدولة، فتولى المغفور له المهام التي يكلفه بها رئيس الدولة في الداخل والخارج.
وشغل عدداً من المناصب، منها عضويته في المجلس الأعلى للبترول، ومجلس إدارة جهاز أبوظبي للاستثمار التي صدر بها مرسوم أميري من رئيس الدولة، في 10 يونيو 2013، وقد أسهم بالمواقع العسكرية التي شغلها في إيصال القوات المسلحة إلى ما وصلت إليه من مستوى رفيع في التدريب والتجهيز والتسليح، بالعمل على تطبيق دراساته في التدريبات الميدانية، كما اهتم بتوسيع نطاق الثقافة العسكرية بالنسبة للضباط وضباط الصف، والجنود، فعمل على تكثيف الدورات والبعثات الداخلية والخارجية إلى الدول الشقيقة والصديقة مرات عدة.
وحققت دائرة الأشغال خلال توليه رئاستها إنجازات حضارية وعمرانية كبيرة، حيث نفذت وأنجزت مشروعات عملاقة أسهمت في البناء والتطوير والازدهار والتقدم لإمارة أبوظبي. ولقد ربط البلاد بشبكة طرق حديثة وبناء الجسور، إضافة إلى تشييد المساكن والمدارس والمعاهد والمساجد، والمستشفيات والعيادات الطبية والأندية الرياضية، والدوائر الحكومية والفنادق والأماكن الترفيهية والسياحية.
فضلاً عن كل ذلك، كان عضواً في مجالس إدارات عدد من المعاهد والمساجد والمستشفيات والعيادات الطبية والأندية الرياضية، والدوائر الحكومية.

أنشطة إنسانية
وإحساساً منه بمعاناة بعض المحتاجين من المواطنين، أنشأ في ديوانه إدارة شؤون المواطنين التي تهتم بطلباتهم، من علاج وتعليم وتوزيع قطع أراضٍ ومساكن ومنح مالية وغير ذلك، فضلاً عن صدور قرار مجلس الوزراء رقم 373/30/2000 بإنشاء مكتب شكاوى وتظلمات الموظفين العاملين في الحكومة الاتحادية وإلحاقه بمكتب سموه.

الحفاظ على التراث
اهتم الشيخ سلطان بن زايد، بالتراث اهتماما كبيراً، وكان من أشد المهتمين بالحفاظ على تراث الإمارات وعادات شعبه وتقاليده، فترأس نادي تراث الإمارات، وأنشأ عام 1999 «مركز زايد للتراث والتاريخ» في مدينة العين، وفي عام 1993م أنشأ نادي تراث الإمارات برئاسته، فضلاً عن اهتمامه بالكتب وله مكتبة خاصة عامرة بأمهات الكتب ونصوص التراث.
ولا أدل على عشقه لتراب هذا البلد ومفردات تراثه أكثر مما قاله في كلمته الافتتاحية في مهرجان سلطان بن زايد التراثي «يستحق التراث الغني لدولة الإمارات، بكل مفرداته وجزئياته، أن نوليه جلّ اهتمامنا ونتابع العمل على توثيقه وحفظه ونقله بكل أمانه إلى الأجيال القادمة، بوصفه جزءاً من رسالتنا الحضارية، فهو وثيقة ماضينا البهي بكل ما فيه من عراقة وأصالة وقيم».
وتعد الإبل رمزاً مهماً من هذا التراث، فقد ارتبطت بحياة آبائنا وأجدادنا، وكانت خير معين لهم في حلهم وترحالهم، وفيها من المنافع ما يستوجب المحافظة عليها، ومنحها الاهتمام لتبقى حاضرة في مجتمعنا الأصيل الذي حافظ على عاداته وتقاليده، بالتوازي مع ما وصلنا إليه من مدنية وتقدم ورفاهية، لتحقيق المعادلة التي تمزج بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر، ومجسدين بالفعل والسلوك ذاك القول الشهير الأثير للوالد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد: «من ليس له ماض، فليس له حاضر ولا مستقبل».

أقواله
- إن تنظيم مهرجان سويحان للابل، يأتي سيراً على نهج وخطى الوالد المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في إحياء رياضة الآباء والأجداد، وتنظيم المسابقات والمهرجانات المخصصة لها، لأنها من الرياضات المحببة إلى نفوس أبناء الإمارات.
- إن رياضة الهجن، وبخاصة المزاينة، شيء نعتز به، كونه جزءاً مهماً من تراثنا، ولا بد لنا من المحافظة على مفرداته وتقاليده.
إننا نسير على نهج الوالد، رحمه الله، في إحياء عادات وتقاليد الرياضات والسباقات التراثية المحلية، والمحافظة على مفرداتها من أية مظاهر دخيلة.
سنبقى على الدوام من أول المشجعين والداعمين لمحبي رياضة الهجن في الدولة، وأهديهم «الناموس» لجهودهم وسعيهم الصادق، نحو إحياء تراث الآباء والأجداد الذي يتأكد اليوم.
- إن سباق الهجن بسويحان ليس سباقاً للإبل فقط، وإنما هو أكبر من ذلك، فهو مهرجان شعبي يضم الجميع، وهو بذلك وسيلة للتوادّ والتعارف وتحقيق الإخاء الإنساني والتقاء المسؤول بالمواطن، وتفاعل أكثر بين كل العناصر التي تعمل لحماية التراث الوطني والمحافظة عليه.
- إن متابعة أبناء مجلس التعاون، للفعاليات التراثية بالدولة، ينسجم تماماً مع مشروع نادي تراث الإمارات، في نشر التراث الوطني بين الفئات والشرائح والجنسيات، بما يصب فعلياً في نشر ثقافة التراث وتقاليده ضمن استراتيجية النادي للتفاعل مع المقيمين على أرض الإمارات، استمراراً للنهج الذي وضعه المغفور له الشيخ زايد، حينما قال: لا بدّ من الحفاظ على تراثنا، لأنه الأصل والجذور، وعلينا أن نتمسك به بأصولنا وجذورنا العميقة.
- إن عودة أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، سالماً معافى، بعد رحلة العلاج الموفقة عودة للفرح إلى ربوع الوطن، وعيد للإمارات نحتفل به مع شعبنا، عرفاناً لسموه الذي يقود البلاد بحكمة وعزم لا يلين.
إن ما يعيشه الوطن من فرحة بشفاء صاحب السمو رئيس الدولة، ما هو إلا تأكيد على أن القيادة والشعب جسد واحد على هذه الأرض الطيبة الخيرة.
أصبحت الإماراتية بفضل سياسات قيادتنا الحكيمة، ركيزة أساسية لسوق العمل، الحكومي أو الخاص.
نؤكد أهمية زيادة دور الإماراتية في التراث والرياضات المختلفة، لأهميتها في تربية الجيل الجديد، وغرس القيم في نفوسهم.
إن مشروع متحف زايد الوطني تأكيد أن عطاء زايد لهذا الوطن ما زال مستمراً، وما زال يؤتي أكله يوماً بعد يوم، وأنه هو الغائب الحاضر دوماً في عقول وأفئدة أبناء هذا الوطن الذي حمل زايد، رحمه الله، همه في عقله وفي فؤاده. كما أنه تأكيد أن الوفاء ما زال قائماً ومتبادلاً بين الشعب وبين قيادته.
- لقد آمن زايد، طيب الله ثراه، دائماً بأن هذا الشعب يستحق الكثير، وفي المقابل آمن الشعب دائماً بأنه يستحق الكثير، فتلاقت الرؤى والأفكار، وقدم زايد، رحمه الله وغفر له، الكثير لهذا الوطن فحمل له الشعب الكثير وما زال يقدم له الكثير، وما افتتاح متحف الشيخ زايد إلا دليل على الصلة التي لم تنقطع بين الشعب وبين القائد التاريخي والمؤسس الحقيقي لهذا الوطن.
- إن الشعوب لا تنسى، ولو نسيت فلا تنسى من أثروا في حياتها ومن أثروا هذه الحياة، وإن زايداً، غفر الله له، واحد من قليلين، بل ومن القليلين جداً الذين أثروا في حياة شعبه بالعمل من أجله ومن أجل رفعته، وأثرى حياة شعبه بالعطاء الوافر غير المحدود، ولذلك فإن ذاكرة أبناء الإمارات تظل على الدوام مشبعة بعطاءاته ومتخمة بوقفاته ومتوهجة باسمه، ويظل اسمه لامعاً فيها تستحضره في كل وقت وحين، فيقفز منها من دون قصد عند كل إنجاز، بل ويسبق تفكيرها رغماً عن إرادتها عند كل منعطف للخير أو موقف للمجد أو وقفة للفخار، فيقع على الألسنة لتنطق به مستحضرة عظمة صاحبه، ومستعظمة عطاءاته ومنجزاته.
- ليس غريباً أن يحمل متحف أو غيره من المنشآت اسم زايد، لأن الاسم فرض نفسه من خلال العطاءات الكثيرة على الجميع، ولأن وطناً بأسره حمل اسم القائد الكبير، رحمه الله، واقترن الاثنان بعضمها ببعض، فلا يذكر زايد الخير، إلا وتذكر إمارات الخير، وقد شرف الناس ونحن معهم بحمل هوية الإمارات بعد أن وحدها زايد، فأصبحوا يعرفون بأولاد زايد، ومهما أعطينا، فلن نفي الرجل حقه، ولن نصل إلى ما وصل إليه، ولكنها مناسبة لنستعيد بريق الذكرى، ونقبض على وميض الذاكرة، ونستخلص المعاني الكامنة من وراء استحضار العقول والأفئدة للغائب الحاضر وإصرارها على إهداء أي منجز لاسمه.
- لا نجتمعُ اليوم لنتذكر القائد المؤسس، والد الجميع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فذكراه لا تتصل بيوم أو مناسبة، وهو لم يغب عنا أبداً، بل إن غيابه قبل ستة أعوام كان تأكيداً لحضوره بيننا وبين أبناء شعبه وأمته.
- لقد رفع الوالد الشيخ زايد، طيب الله ثراه، اسم الإمارات عالياً في العالمين، بعد ما بذل من الجهد والوقت والمال، ما أسس للنهضة المباركة التي تتواصل اليوم على يد صاحب السمو الأخ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، فإذا كان عهد صاحب السمو الشيخ زايد مرحلة التأسيس والانطلاق، فإن عهد الشيخ خليفة يمثل مرحلة التمكين، والإنسان هو غاية كل تنمية في إماراتنا الحبيبة.
يبقى الوالد الشيخ زايد، صاحب السيرة والمسيرة، الرجل الذي لا يختلف حوله اثنان، فقد أسس الدولة، وعزز الاتحاد، وبنى المؤسسات، ومنحها القوة والقدرة على الاستمرار ومواصلة العطاء، ولا يسعنا إلا أن نوجه جزيل الشكر إلى ضيوفنا الكرام الذين لبوا دعوتنا، متمنين لهم طيب الإقامة في بلدهم الثاني، وكذلك إلى المشاركين في أعمال الملتقى والحضور جميعاً.

الثقافة والإعلام
كما حرص على دعم الثقافة والإعلام، فأسس عام 1999، مركز زايد للتنسيق والمتابعة وترأسه، ومن ثم المركز الثقافي الإعلامي الخاص به «مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام». كما أطلق مسابقة سلطان بن زايد للشعر لطلبة الجامعات، لتشجيع المواهب الشعرية من طلبة الجامعات.

الرياضة والهوايات
ولم يكن الفقيد غائباً عن الرياضة ودعمها، فقد تولى رئاسة اتحاد الإمارات لكرة القدم في عام 1976، وأطلق كأس سلطان بن زايد، وامتدت إلى رياضة الصيد بالصقور، وأعطى الفروسية أهمية بالغة، حيث أقام نادياً للفروسية على أسس مدروسة.

أبناؤه
وللمغفور له ستة أبناء، هم: هزاع وخالد وسلامة واليازية ولطيفة ومريم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"