عادي
1400 ساعة و 90 دورة تدريبية خضع لها هزاع المنصوري

الإمارات تستعد لمعانقة الفضاء بطموح زايد

04:22 صباحا
قراءة 7 دقائق

دبي:يمامة بدوان

يومان يفصلان الإمارات عن تجاوز ما كان يسمى بالمستحيل، لتعانق الفضاء، من خلال انطلاق هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي عربي إلى المحطة الدولية للفضاء، في الخامس والعشرين من سبتمبر/ أيلول الجاري، لتصبح الإمارات الدولة رقم 1 عربياً، و19 عالمياً في الوصول للمحطة، حيث سيمضي «هزاع» على متنها 8 أيام، يجري خلال 16 تجربة علمية، بعد أن أمضى عاماً كاملاً، يرافقه سلطان النيادي، رائد الفضاء الإماراتي البديل، في تدريبات مكثفة، بلغت 1400 ساعة، وأكثر من 90 دورة تدريبية في العديد من المراكز المتخصصة بالفضاء عالمياً، حيث كانت البداية في «مركز يوري جاجارين» لتدريب رواد الفضاء في مدينة النجوم في موسكو، بتعلّم اللغة الروسية؛ كمطلب رئيسي لضمان نجاح التدريبات على مركبة سويوز، والإقلاع، والهبوط.
ثم بعد ذلك تدريبات في ألمانيا، والولايات المتحدة، على مختلف مختبرات محطة الفضاء الدولية، ومهامها العلمية.
وتلقى المنصوري والنيادي التدريبات الأخيرة في مدينة النجوم الروسية، وتوجّها مباشرة إلى قاعدة «بايكنور» لإطلاق الصواريخ في كازاخستان، حيث يخضعان للحجر الصحي لمدة أسبوعين قبل مهمة الانطلاق إلى محطة الفضاء الدولية.
«هزاع وسلطان يمثلان مرحلة جديدة لشباب الإمارات، ويرفعان سقف طموحات أجيال جديدة بعدهما»، بهذه الكلمات، هنأ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، كلاً من هزاع المنصوري، وسلطان النيادي، على اختيارهما كأول رائدي فضاء إماراتيين في الثالث من سبتمبر/‏ أيلول 2018، مضيفاً سموه: «أحلامنا تعانق الفضاء.. وشبابنا يرفعون رأسنا للسماء.. ومستقبلنا يرتكز على أساس علمي راسخ».
وتابع سموه: «لدينا اليوم البرنامج الوحيد لإطلاق مسبار للمريخ في المنطقة.. ولدينا قدرات صناعة الأقمار بنسبة 100%.. ولدينا رواد فضاء مواطنون.. ولدينا قطاع فضائي باستثمارات تصل إلى 20 مليار درهم.. والأهم لدينا الإنسان الذي لا سقف لطموحاته إلا السماء.. الخلاصة: أن الإنسان العربي «يستطيع» إذا توفرت له الظروف».
وختم سموه بالقول: «الإمارات تحلق عالياً في الفضاء.. وشبابنا يمثلون كل الشباب العربي».


تطلعات شباب الإمارات


من جانبه، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: إن إنجاز هزاع وسلطان ورغبتهما في تقديم إضافة وطنية نوعية يعكس تطلعات شباب الإمارات وعزيمتهم نحو تبوؤ أعلى المراتب وفي شتى المجالات، مشيراً سموه إلى أن بلوغ هذا الهدف يأتي ثمرة عمل شباب الوطن وجهدهم وعطائهم المتواصل.
وقال سموه: إنه مثلما لا حدود للفضاء.. فلا حدود لطموحاتنا في تحقيق مزيد من الإنجازات لوطننا، وسعي دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الإسهام بدور فاعل في رحلة البشرية إلى الفضاء يأتي من منطلق الحرص على التواجد في المنصات العالمية المتقدمة التي من شأنها خدمة البشرية.


بداية البرنامج


في إبريل/‏ نيسان 2017، أطلقت القيادة الرشيدة برنامج الإمارات لرواد الفضاء، ضمن مشروعات تأسيس البنية التحتية لقطاع الفضاء الإماراتي، وهو من أكثر البرامج إلهاماً وتلبية لطموحات الشباب أصحاب القدرات المتفردة على المستوى العلمي، والمهارات الشخصية، كما يعتبر البرنامج أهم مشاريع البرنامج الوطني للفضاء.
وأعلن في ديسمبر/‏ كانون الأول 2017 بدء التسجيل الإلكتروني لبرنامج «الإمارات لرواد الفضاء»، وفتح باب التسجيل الإلكتروني لكل من يجد في نفسه الكفاءة والجدارة كي يكون أول رائد فضاء إماراتي، ولتمثيل الإمارات عالمياً، للتقدم والتسجيل من خلال الموقع الإلكتروني، من خلال تغريدة أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قال فيها: أدعو شبابنا وشاباتنا للتسجيل في برنامج الإمارات لرواد الفضاء عبر مركز محمد بن راشد للفضاء وسيتم اختيار الأفضل والأقدر والأكثر كفاءة ليكونوا سفراءنا للفضاء.


مرحلة نهائية


بلغ عدد المتقدمين 4022 متقدماً، وكانت نسبة الفتيات 34%، وبلغ عمر أصغر متقدم 17 عاماً، والأكبر 67 عاماً، ووصل عدد تخصصات المتقدمين إلى 38، شملت الهندسة، الطيران، الطب، القطاع العسكري، وإدارة الأعمال.
ومع منتصف مايو/‏ أيار 2018، تم البدء بتقييم المتقدمين. وعملت لجنة متخصصة باختيار المرشحين على حصر الطلبات، ومراجعتها بتمعن، وفق أعلى المعايير العالمية لتأهيل أكثر من 200 مرشح، استدعوا لإجراء سلسلة من الاختبارات الذهنية، والنفسية المتخصصة، واستمرت كل مقابلة 6 ساعات متواصلة، لقياس مدى استعدادهم على المستويين النفسي، والعلمي، وقدراتهم على التكيف في أجواء معينة، وغيرها من المعايير التي تضمن قدرة المشاركين على العيش والعمل في محطة الفضاء الدولية.
وفي مطلع يونيو/‏ حزيران 2018، تم حصر العدد ب95 مرشحاً إماراتياً ممن تتراوح أعمارهم ما بين 23 و48 عاماً، منهم 75 شاباً، و20 فتاة، وكان 64 مرشحاً منهم دون سن 35 عاماً، و31 مرشحاً تجاوزوا 35 عاماً، من جميع إمارات الدولة، لتدريبهم وإرسال أربعة منهم إلى الفضاء الخارجي، كأول رواد فضاء إماراتيين. وفي نهاية الاختبارات تم الإعلان عن اسمي «هزاع»، و«سلطان»، ليصبحا أول رائدي فضاء إماراتيين. وكان كل من المنصوري والنيادي نجحا في الوصول إلى المرحلة النهائية بعد أن اجتازا 6 مراحل من الاختبارات الطبية، والنفسية، والمتقدمة، ومجموعة من المقابلات الشخصية، بالتعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، والاختبارات الطبية المتقدمة في وكالة الفضاء الروسية «روسكوسموس».


تدريبات مكثفة


ومنذ لحظة اختيارهما كأول رائدي فضاء إماراتيين، أساسي وبديل، خضع «هزاع» و«سلطان» لتدريبات ودورات مكثفة، بإجمالي بلغ 1400 ساعة، وأكثر من 90 دورة تدريبية، حيث كانت البداية في مركز يوري جاجارين لتدريب رواد الفضاء في مدينة النجوم في موسكو، بتعلّم اللغة الروسية؛ كمطلب رئيسي لضمان نجاح التدريبات اللاحقة على مركبة سويوز، والإقلاع والهبوط.
ومن التدريبات التي خضعا لها، التدرب في الغابة الثلجية الشتوية في درجة حرارة متدنية تصل إلى 10 درجات تحت الصفر، في إطار دورة البقاء على قيد الحياة، وتضمنت الدورة تكتيك عمل رواد الفضاء بعد الهبوط الاضطراري للمركبة الفضائية، حيث يترتب عليهم أولًا نزع البزات الفضائية وارتداء الملابس الشتوية، والخروج من الكبسولة، وإنشاء بضعة أنواع من المخابئ، وسرعة الاتصال بمركز القيادة، وتقديم الإسعافات الأولية للمصابين، والتعامل مع رجال الطوارئ، وإدارة الموارد المتاحة في البيئة المحيطة، والتواصل مع فرق البحث والإنقاذ من حيث الإشارات المرئية، كالمشعل الحراري، والاتصال اللاسلكي، حيت تمت تسمية «زايد» كاسم نداء للفريق يستخدمه للتواصل.
وتهدف هذه التدريبات إلى تزويد رواد الفضاء بعدد من المهارات التي تمكنهم من البقاء ثلاثة أيام على الأقل، في بيئة بالغة القسوة في حال انحراف كبسولة الهبوط عن مسارها، واضطرارها للهبوط في مناطق، أو غابات غير مأهولة، شديدة البرودة، باستخدام معدات وأجهزة موجودة على متن الكبسولة.


تجربة «دوار الفضاء»


كذلك خضع الرائدان لتجربة «دوار الفضاء» لمدة 10 دقائق على الكرسي الدوار، الذي يعمل على تحفيز جهاز التوازن في الأذن الداخلية، بهدف تقليل الأعراض الجانبية على جسم الإنسان بسبب انعدام الجاذبية في الفضاء، كذلك تدريبات نوعية تساعدهما على كيفية التعامل في حال التواجد في بيئة مائية كالبحار، والتواجد في غرفة الضغط التي تحاكي الارتفاع عن سطح البحر ب 5 و10 كيلومترات، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض الضغط الجوي ونسب الأوكسجين عن المعدلات الطبيعية.
كما خضعا لمجموعة من الفحوص الطبية الضرورية لقياس مستوى اللياقة البدنية والذهنية، بناء على معايير عالمية قبيل تنفيذ المهمة، منها اختبار جهاز الطرد المركزي، حيث تعرضا إلى قوة جاذبية تصل إلى 8 أضعاف وزنيهما الطبيعي، لمحاكاة الدفع الكبير لرواد الفضاء نحو مقاعدهم، خصوصاً عند انطلاقهم بسرعة نحو الفضاء، ومرحلة العودة، وصممت هذه التجارب للتدريب على التكيف مع حالات نقص الأوكسجين في الدماغ، ومنع فقدان الوعي بسبب قوة التسارع الضخمة التي يتعرضون لها.


تصميم كرسي خاص


وفي السادس من مايو/‏ أيار الماضي، دخلت دولة الإمارات مرحلة انتقالية هامة في رحلة الوصول إلى الفضاء، بعد أن باشر فريق من المهندسين المختصين من وكالة الفضاء الروسية تصميم كرسيين خصيصاً لرائدي الفضاء الإماراتيين على متن مركبة الإطلاق «سويوز إم إس - 15».
ويعتمد تصنيع كرسي على مركبة الإطلاق بشكل كبير على عدة عوامل للأمان، والسلامة، منها توافق أحجام الكراسي المصنعة مع أحجام رائدي الفضاء، إضافة إلى تجربتها في مختلف وضعيات الجلوس داخل المركبة، كإجراء ضروري يضمن سلامة رائدي الفضاء خلال الرحلة، وحتى الوصول إلى محطة الفضاء الدولية.


30 ساعة نظرية وعملية


وفي الأول من يوليو/‏ تموز الماضي، أتم رائدا الفضاء تدريباتهما في المركز الأوروبي لرواد الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، بمدينة كولون في ألمانيا.
وتضمن البرنامج تدريبات على الوحدة الأوروبية- كولومبوس من محطة الفضاء الدولية، وهي عبارة عن مختبر للأبحاث العلمية تُجرى في الفضاء، وشملت نحو 30 ساعة من التدريبات النظرية والعملية، أشرف عليها مجموعة خبراء مختصين من وكالة الفضاء الأوروبية، وركزت على الأجهزة والأنظمة الموجودة في الوحدة الأوروبية من محطة الفضاء الدولية، ومنها نظم دعم الحياة التي تضمن الحفاظ على حياة الرواد في المحطة.


تجربة بدلة السوكول


وفي الأول من أغسطس/‏ آب الماضي، أجرى هزاع المنصوري، تجربته لبدلة الفضاء السوكول، ومعناها بالعربية «الصقر»، ويبلغ وزنها 10 كيلوجرامات وكان عليه ارتداؤها في غضون 25 30 ثانية فقط.

ليلة إماراتية تقليدية


يستضيف «هزاع» على متن المحطة الدولية للفضاء، ليلة الطعام الإماراتي التقليدي، حيث سيرتدي خلالها الزي الإماراتي التقليدي، ويقدم لزملائه من رواد الفضاء ثلاثة أطعمة إماراتية، هي «المضروبة» و«الصالونة» و«البلاليط».


هزاع المنصوري


يبلغ هزاع علي عبدان خلفان المنصوري 35 عاماً، وهو حاصل على بكالوريوس في علوم الطيران، تخصص (طيار عسكري) من كلية خليفة بن زايد الجوية، ويمتلك خبرة تزيد على 14 عاماً في الطيران الحربي، وقد خضع لمجموعة برامج تدريبية في الدولة وخارجها، منها: دورات تخصصية متقدمة في النجاة من الغرق، وتدريب على الدوران وقوة التسارع تصل إلى 9 جي، وعلى مناورات العلم الأحمر في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومنذ عام 2016، تأهل هزاع المنصوري ليكون طيار استعراض جوي منفرد، ويشغل حالياً منصب طيار.


سلطان النيادي


يبلغ سلطان سيف مفتاح حمد النيادي من العمر 38 عاماً، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في تكنولوجيا المعلومات (منع تسرب البيانات) من جامعة جريفيث في أستراليا عام 2016، وعلى الماجستير في أمن المعلومات والشبكات من الجامعة نفسها، وبكالوريوس في هندسة الإلكترونيات والاتصالات من جامعة برايتون في المملكة المتحدة، وأتم برنامج التعليم العام في تكنولوجيا المعلومات من المملكة المتحدة عام 2001.
ويعمل النيادي مهندس اتصالات وإلكترونيات، وباحثاً في أمن المعلومات، ولديه خبرة في العمل لدى القوات المسلحة الإماراتية في هندسة أمن الشبكات منذ العام 1999 حتى اليوم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"