عادي
توفر بيئة هادئة ومناسبة للقراءة

مكتبة معسكر آل نهيان مقصد الباحثين عن العلم والمعرفة

01:29 صباحا
قراءة 6 دقائق
أبوظبي - فدوى إبراهيم:

تحرص المكتبة الوطنية في أبوظبي على أن تقترب من سكان العاصمة لتكون مصدرهم الأول للمعرفة والقراءة، إذ تنتشر مكتبات دار الكتب الوطنية التابعة لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، في المدينة في 4 أفرع، كل منها يلبي احتياجات منطقة بأسرها ويتيح لكل فرد الاستفادة من خدماتها المعرفية المجانية، كما تخصص مكتبات ضمنية للأطفال تضم كل الوسائل التي تنمي وتعزز من حب المطالعة لديهم. ومن بين فروعها فرع المكتبة العامة في منطقة معسكر آل نهيان في قلب المدينة.
تقع المكتبة الوطنية، فرع معسكر آل نهيان، في منطقة غاية في الحيوية والاكتظاظ السكاني عند تقاطع شارعي دلما وسلطان بن زايد (المرور)، مقابل محطة النقل بالحافلات، وهي أحد أفرع دار الكتب الوطنية التي تأسست في عام 1981 لتكون واحدة من أبرز موارد المعرفة لعموم الناس وخصوصهم. لذلك، عملت على استقطاب جميع الإصدارات العربية والأجنبية التي تعنى بعموم المعارف وخصوصها. ومنذ عام 1988 تولت المكتبة مسؤولية جمع وحفظ وعرض المخطوطات العربية والإسلامية القديمة، وتقتني حالياً ما يزيد على 4 آلاف مخطوطة تتوزع بين مختلف فروع العلم والأدب والدين والفنون. كما تضم المكتبة الوطنية في مجملها وفق آخر إحصائية منشورة، أكثر من مليوني مجلد تشمل الكتب والدوريات والمخطوطات والمواد الإلكترونية، ويبلغ عدد عناوينها العربية أكثر من 300 ألف عنوان بينما تزيد العناوين الأجنبية على 100 ألف عنوان.
من بين رواد المكتبة، التقينا الشاب خلفان سليمان الغيثي، الذي يعتبر مكتبة معسكر آل نهيان من أكثر المكتبات التي توفر له الأجواء المعرفية التي يريدها. فالغيثي موظف ويتردد على المكتبة لأغراض شخصية ومهنية، ويعتبر تكرار مجيئه للمكتبة حالة متكاملة مع الحالة التثقيفية له، فارتيادها يشجعه في كل مرة على الاطلاع على معارض وموضوعات لم يكن يخطط أو يعتقد أنه سيعرج عليها.
يقول الغيثي خلال حديثنا معه: «توفر بيئة الدولة ملاذاً خصباً ومميزاً لمن يرغب في أن يكون على اطلاع دائم بكل المعارف المختلفة، ومن أبرز عناصر تلك البيئة يأتي توفير المكتبات العامة وانتشارها، ومنها هذه المكتبة. وهي مكتبة مجانية توفر لروادها، حتى أولئك الذين لا يأتون لغرض استعارة الكتب، أجواءً مثالية للقراءة، فهناك إنترنت مجاني ونظام يجعل المكتبة تتسم بالهدوء التام، دون استخدام الهواتف المحمولة لغرض المكالمات، مع توفير مناضد ومقاعد واسعة، لذلك هي مكاني المفضل للقراءة والكتابة، حيث تسمح باصطحاب الأجهزة اللوحية».
ويشير إلى أن انتشار فكرة أكشاك المكتبات الصغيرة في الحدائق المنتشرة في أبوظبي، كما يتوفر إلى جانبها أكشاك المشروبات والمأكولات، وهو ما يعتقد أنه يسهم في توسيع أفق القراءة للجميع، ويشجع غير القراء على التجربة، وكل ذلك يأتي تماشياً مع عام القراءة.
مروى أبو عيطة، تترد على مكتبة معسكر آل نهيان منذ 6 أشهر، ومنذ أن علمت بها قررت أن تكون مكانها الأول والأخير للقراءة. عن ذلك تحدثنا قائلة: «أحضّر حالياً لامتحانات الطب، وحين علمت بفروع مكتبات دار الكتب الوطنية، كانت هذه المكتبة خياري الأمثل. ومنذ بدأت أرتادها علمت أنها ستكون المكان الأفضل لأحضّر للامتحان، حيث البيئة الهادئة والمرحبة والمنظمة، كما أن هناك وفرة جيدة من الكتب، حتى وإن لم أطالعها، فأنا أستطيع اصطحاب كتبي وجهاز الكومبيوتر المحمول الخاص بي، والجلوس وسط أجواء تشجع على القراءة، لأن كل من حولي يقرؤون، ما يعزز الدافع لدي».
وتشيد أبو عيطة بمقترح تخصيص كافتيريا مخصصة للأطعمة الخفيفة والمشروبات لرواد المكتبة، لأن روادها يمكثون فيها لساعات، وبحاجة لما يسد احتياجاتهم.
محمود خانجي، يحضّر هو الآخر لامتحان الطب، يتردد على المكتبة من عدة أشهر، ووجد فيها العديد من المراجع الطبية، كما وجد المكان المثالي للمطالعة. يحدثنا قائلاً: «كل شخص يحتاج إلى التركيز في وقت مذاكرته، وأجد في المكتبة الهدوء والتنظيم وحسن المعاملة كما لم أجدها في مكان آخر. فالقانون هنا ينطبق على الجميع، ما يجعلها مكاناً للاجتهاد بحق، وأن مرونة الأوقات التي تتسم بها تضيف لمرتاديها ميزة مهمة ألا وهي إمكانية القدوم والبقاء لساعات طويلة، ومع ذلك نتمنى أن تطول أوقات الزيارة الرسمية، وأن تفتح أبوابها في أيام الإجازات الأسبوعية والعطل العامة ليتسنى لكل فرد الاستفادة منها في أوقات الفراغ».
وتتخذ إيمان محمد فضل من المكتبة مكاناً لأغراض البحث العلمي، فهي تدرس الدكتوراه في مجال هندسة المياه، وتتخذ من المكتبة مكاناً للدراسة، وحين يذهب أبناؤها للمدرسة تستغل وقت دوامهم في المجيء إلى هنا، وتعود للمنزل في وقت انتهائه. تقول: «في الحقيقة أحضر مع مراجعي من المواد الهندسية لأغراض البحث العلمي، لكن ثراء المكتبة يدفعني في أحيان كثيرة إلى مطالعة أنواع عدة من الموضوعات المتوفرة في المجالات الاجتماعية وغيرها، وأتمنى لو كان لدي المزيد من الوقت لقضاء وقت أطول في المكان، الذي يتسم بهدوئه التام وانشغال كل شخص من زواره بدراساته ومطالعاته من دون إزعاج للغير، بالإضافة إلى التعاون الكبير من موظفي المكتبة الذين يحرصون على توفير كل ما يمكن ليمنحوا أجواءها المزيد من النظام والهدوء».
ويعتمد الطبيب بليغ أحمد الشريف، على المكتبة في دراسته الإلكترونية للبورد الأمريكي، ويصطحب كومبيوتره المحمول وكتبه، وفي أجواء لا مثيل لها يطالع ويذاكر وينهي متطلباته على كرسي واحد. ويشير الشريف إلى أن السماح بجعل المكان مقراً للمذاكرة وعدم اشتراط القائمين عليه باستعارة الكتب من المكتبة أو الاشتراك بالعضوية السنوية، يجعله من أكثر الأماكن ملاءمةً لعموم الناس، ويسهل عليهم القراءة والمطالعة ما يسهم في تعزيز ونشر المعرفة العامة.

ويستعير الشريف عدداً من كتب اللغة العربية لأبنائه، لرغبته في تقويتها لديهم، فأبناؤه يدرسون الإنجليزية، وينوه هنا إلى دور الأهل الكبير في تعويد أبنائهم على القراءة الخارجية، أي ما هي خارج المنهاج المدرسي، وزراعة تلك الهواية والسلوك فيهم، وتحويله إلى عادة لا يمكنهم الاستغناء عنها لاحقاً.
ويضيف: «يجب على المدارس أن تروج للمكتبات العامة الموجودة في أبوظبي وتأخذ الأطفال لزيارتها بين حين وآخر، لتذكرهم بأهمية القراءة»، ويشير إلى حاجة المجتمع للترويج لتلك المكتبات العامة فكثير منهم لا يعلم بوجودها، ولعل معرفتهم تفتح لهم آفاقاً جديدة يطلعون فيها على الكتب القيمة التي توفرها المكتبة.

منهج سليم

يمنى رجب إبراهيم لا تعمل حالياً، ولكن ذلك لا يعني انقطاعها عن المطالعة، طالما أن هناك بيئة حاضنة للمعرفة في أبوظبي، فإبراهيم كانت تعمل منذ أشهر قليلة أستاذاً للأدب والنقد في جامعة عين شمس في مصر، لكن انضمامها للعيش مع زوجها في أبوظبي جعلها توقف عملها لفترة محدودة. وبحسب إبراهيم فإن المناخ ملائم في مكتبات أبوظبي ومكتبة معسكر آل نهيان تحديداً، لتطوير الذات والمعرفة، ما دفعها لإكمال بحوثها فيها.
وتضيف:«أعتقد أن تحديد عام القراءة نهج يجب أن تتبعه جميع الدول العربية، فنحن في أمسّ الحاجة إلى القراءة لسببين رئيسيين، أولهما قلة الاعتماد على الكتاب الورقي بسبب الأجهزة التقنية، ما جعل كثير من الناس يعتمد على المعلومات المنقولة من خلالها ومطالعة المدونات، وهو أمر غير دقيق، أما السبب الآخر فهو أننا نعيش فترة من الغزو الثقافي والعولمة الشديدة التي يجب أن نواجهها بسلاح المعرفة الناتج عن القراءة، فدون ذلك سنصبح بلا ثقافة أو هوية، وستسيطر علينا الثقافة الغربية بسهولة».
وتنوه إبراهيم إلى أن حسن تعامل موظفي المكتبة يدفعها ويدفع أغلبية رواد المكتبة إلى تكرار الزيارة، بل بعضهم اعتبرها منزلهم الثاني، وعقدت فيها علاقات فكرية ثقافية متينة بسبب تكرار وجود أشخاص بعينهم.


مواعيد وقوانين

تفتح مكتبة معسكر آل نهيان أبوابها للزوار، ممن يحملون العضوية أو غيرهم من الساعة 8 صباحاً حتى 9.45 مساءً أيام الأسبوع، ويوم السبت من 10 صباحاً حتى 7.45 مساءً، ويمكن لكل فرد ارتيادها واستخدام الكتب المتوافرة وطلب تلك غير المتوفرة، ويستخدم الإنترنت اللاسلكي (واي فاي) المجاني.
وتتيح المكتبة العضوية السنوية للراغبين في استعارة الكتب إلى خارج المكتبة مقابل مبلغ محدد مسترد بعد عام من إلغاء العضوية، وتؤمن خلال تلك الفترة استعارة 3 عناوين عربية وأجنبية في المرة الواحدة، بحيث تصل مدة الإعارة إلى 3 أسابيع قابلة للتجديد إلكترونياً أو هاتفياً. وتوفر المكتبة القدرة على نسخ بعض صفحات الكتب بأسعار رمزية. ويتاح فهرس المكتبة على موقعها الإلكتروني. كما يوجد عدد من أجهزة الكمبيوتر في المكتبة تتيح لزوارها تصفح الفهرس الإلكتروني وتحديد الكتب التي يرغب في قراءتها من خلال أرقامها المعنونة، وإن لم يكن الكتاب متوفراً يعمل الموظفون على وضعه على قائمة الكتب التي يتم استقدامها من المستودعات التابعة لدار الكتب الوطنية خلال يومين.
وتشترط المكتبة على زوارها احترام الآخرين من خلال المحافظة على هدوء المكان ومنع الأحاديث الجانبية، وعدم استخدام الهاتف لأغراض الحديث بينما يمكن استخدامه لشبكة الإنترنت، ويسمح بإدخال الوجبات الخفيفة والمشروبات على أن تكون ذات أغطية محكمة حفاظاً على نظافة المكان.

تزور «الخليج» أسبوعيا واحدة من المكتبات الوطنية المنتشرة في ربوع الدولة، لتتجول فيها وتتعرف عن الكنوز التي تضمها والخدمات التي توفرها، من إنترنت وكتب مسموعة ومتعددة الوسائط ووثائق، وتلتقي روادها والقائمين عليها بهدف نقل القارئ إلى عالم غني بالمعرفة والخيال، ولتتيح له كماً هائلاً من المعرفة والفكر. وذلك تماشياً مع «عام القراءة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"