عادي
مؤسسة عبد الحميد شومان اختارته شخصية العام

خالد الكركي: لا حوار بين المثقفين والإرهابيين

02:16 صباحا
قراءة 4 دقائق
عمّان: ماهر عريف

د. خالد الكركي، رئيس مجمع اللغة العربية في الأردن، شخصية فكرية معروفة عربياً ودولياً، كاتب وشاعر لديه إصدارات أدبية ودراسات أكاديمية، عمل وزيراً سابقاً للثقافة والإعلام، والتعليم العالي، والتربية والتعليم، ورئيساً للديوان الملكي، ورئيساً للمؤسسة الصحفية الرسمية، ورئيساً للجامعة الأردنية، وترأس قبل ذلك رابطة الكتاب الأردنيين في فترة صعبة، وواجهه في كل موقع ملاحظات وتساؤلات حامت أغلبها حول علاقة المثقف بالسلطة.
«الخليج» حاورت الكركي، وذلك على هامش اختياره «شخصية العام» من قبل مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافية في عمّان.

بداية ماذا تقول عن اختيارك «شخصية العام» في الأردن؟

- كان مفاجئاً وأعادني إلى مراجعة مشواري.. كتبت نصّاً بهذه المناسبة لخّص سبعة عقود من عمري، وحمل إسقاطاً على الراهن السياسي والفكري.

لماذا انحاز النص الذي كتبته إلى التشاؤم؟

- لأننا وسط أمّة تحتدم وتتقاتل وتتنازع باسم الإسلام، ولا تتحرك من داخلها لإصلاح حالها، وانسحب ذلك على الثقافة.

كيف ترى دور المثقف في خضم تداعيات الإرهاب واختلال المفاهيم والراهن العام؟

- يجب أن يحفر بيديه وقدميه عبر رؤى استباقية فكرية عميقة، ولا يجوز أن «يُحايد» ويصمت من باب النأي بالذات، ولا مجال في المقابل للحوار مع الإرهابي الذي يُكفّرك ويدمر الثقافة والحضارة ويحرق تاريخك.

ما الرابط اليوم بين المشهدين الثقافي والسياسي في الأردن؟

- هدوء الحكومة على جبهة الثقافة، وانتخاب المجالس الثقافية والفنّية بديمقراطية وعدم التدخل في النشاط الثقافي الشعبي، وهناك معارض ومنتديات ومهرجانات.

بصفتك وزيراً سابقاً للثقافة كيف تجد الحديث عن تراجع دور الوزارة والمؤسسات الثقافية الرسمية؟

- في الأردن هناك إصلاحات في جميع المجالات، لكنها لا تمر على القطاع الثقافي مع أنه القاعدة الأهم، ولم تزد مثلاً موازنة المسرح، ولا توضع موازنات كافية للدراما من قبل القطاع العام.. لدينا كتاب وأدباء وشعراء لا نمنحهم ما يكفي للإبداع، إلاّ في استثناءات محدودة كما في حالة جائزة التفرغ الإبداعي.

ألا يتحمل وزراء الثقافة جزءاً من المسؤولية؟

- بالطبع وبعضهم يأتي بلا رؤى ولا يغيّر شيئاً، وأصبحنا نقول هذا أفضل من الذي يأتي، وهو لا يعرف معنى الثقافة.

تحدثت سابقاً عن معاناة المثقف من أزمة نفسية، بانتقاله من المناداة بالحرية، إلى تسلم منصب رسمي، فهل عانيت هذه الأزمة؟

- نعم ولا أنكر أنني «حضرت التناقضات» من رئاسة رابطة الكتاب الأردنيين، إلى وزير ثقافة، ووزير إعلام، ورئيس المؤسسة الصحفية الرسمية، ورئيس الجامعة الأردنية، لكنني في كل موقع كنت أحاول الإمساك بخيط الحرية، وإدراك المصلحة الوطنية، وواجهت انتقادات من بعض المثقفين لاسيما المقرّبين، وذات مرّة دعاني الكاتب الراحل محمد طملية إلى «جلسة استنطاق» وقدّمني على أن «حياتي زكزاك» أي مُتعرّجة.

لكنك تقول إن المثقف إمّا أن يكون «مُطبّلاً» أو «صامتاً خائفاً» عندما يصبح جزءاً من السلطة فما توضيحك؟

- لا مشكلة من حيث المبدأ أن يكون جزءاً من السلطة إذا امتلك رؤية خارج «التطبيل»، والخوف الصامت، وأترك الحُكم للتاريخ إن كنت مثقفاً مدجناً بحب السلطة خلال التنقل بين المواقع الرسمية السابقة، أو مستقلاً داخل الحكومة وهذا سؤال للباحثين.

لماذا تطالب دائماً الجيل الجديد من المثقفين بالانعتاق من سابقه؟

- لا وصاية في الثقافة، ولا يجوز أن يُعلّمك إلاّ الحُر، ولذلك لابد من التخلي عن قمع الأب والأستاذ وكل من يمكن أن يمارسه.

هل يجب أن يدفع المثقف ثمناً لمواقفه؟

- الأمر مرتبط بالأنظمة والحريات، وفي الأردن مثلاً يجهر المثقفون برفضهم التطبيع مع «إسرائيل»، وشخصياً كنتُ صوتاً معارضاً للقاءات مع أطراف رسمية «إسرائيلية»، حتى حين توليت رئاسة الديوان الملكي، وإن لم أعلنها ويُحسب للدولة والنظام احترام ذلك.

شاركت بنصٍّ مؤثر في تأبين الشاعر الراحل محمود درويش فأي فقدٍ لا يلتئم بعده؟

- محمود درويش لم يكن شخصاً وإنما مناخ.. وعندما تقول فلسطين فإنك تقول محمود درويش، وعندما تقرأ «لماذا تركت الحصان وحيداً؟.. لكي يؤنس البيت يا ولدي» ترجع لك فلسطين.. في قصائده الأخيرة وصل إلى ذروة الشعر، وفي «عاشق من فلسطين» جعل الثورة الفلسطينية جزءاً من حياة الناس.

ماذا تقول عن إصدارك الأخير «ليالٍ عشر مع المتنبي» في استكمال جديد لثلاثية علاقتك مع شعره؟

- علاقتي مع شعر المتنبي توطدت بعد عام 1999، وكتبت عنه في إصداريّ «الصائح المحكي» و«الرونق العجيب»، وخفت من هذا الانبهار، وأن أصبح تابعاً له، ولذلك قدمت عبر الإصدار الأخير «ليالٍ عشر مع المتنبي» حواراً هو أشبه بالمجادلة والتساؤل عن استخدامه «أنا» من خلال عشر ليالٍ متخيّلة.

هل صحيح أنّك تتجه إلى الكتابة ضمن ما يُعرف بـ «أدب الاعتراف»؟

- ربما أصدر جزءاً يستكمل «سنوات الصبر والرضا» ضمن سياق المذكرات، لكنني تراجعت عن «أدب الاعتراف»؛ لأنني شعرت بأنه ليس منطقياً في هذه المرحلة؛ كوني ما زلت أعيش بين الناس، وهو يحتاج إلى تخلّص كامل من كل شيء، ولا يتقبله مجتمعنا العربي غالباً.

ما دور حصول مجمع اللغة العربية الأردني على جائزة الملك فيصل العالمية مؤخراً؟

- كانت الجائزة دافعاً مهماً للاستمرار وإطلاق إذاعة صوتية باسم المجمع، والمضي في مشروع التعريب، ومواصلة مشروع وقف «التلوث اللغوي»، ابتداء من خلط عناوين وشعارات وأسماء محالّ بين اللغة العربية واللهجات العامة، وتطبيق قانون يُعاقب المخالفين، والوقوف عند مستجدات إنجاز دليل ضخم لحوسبة اللغة العربية، استناداً إلى آلاف الأبحاث.

بماذا توصي المثقفين؟

- بالحرية والحرية فقط، وألاّ ينطفئ جمر الإبداع، حتى لو بقي عندهم ورقة واحدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"