عادي
قمم خالدة

كريستوفر كولومبوس جدلية الاكتشاف والاستيطان

03:33 صباحا
قراءة 7 دقائق

إعداد: عثمان حسن

رغم ارتباط اسمه بتكريس «كولونيالية جديدة»، وتشريع الاستيطان الأوروبي في العالم الجديد، إلا أن ذلك، لا ينفي أنه مغامر وملاح كبير، إنه كريستوفر كولومبوس.. أبحر عبر المحيط الأطلسي؛ لاكتشاف طريق جديدة إلى الهند، وإليه يُنسب اكتشاف الأمريكيتين، وفي رصيده أربع رحلاتٍ كبرى إلى منطقة البحر الكاريبي، وأمريكا الجنوبية.

ولد كريستوفر كولومبوس في مدينة جنوة الإيطالية في 31 أكتوبر/‏تشرين الأول من سنة 1451، وهو بحار ومغامر، درس في شبابه علوم الطبيعة والرياضيات، في سنة 1498 اكتشف أمريكا الشمالية، كما اكتشف جزر «البهاماس» (السلفادور)، وكان هذا أول اكتشاف له.

اكتشف جزراً جديدة؛ مثل: الأنتيل، وعدة مناطق في الهند، وجامايكا، ومجموعة جزر في الجهة الشرقيّة من قارة أمريكا.

آمن كولومبوس بفكرة كرويّة الأرض، وساعدته خبرته في الملاحة البحريّة، ومعلوماته الجغرافيّة، على خوض اكتشافاته.

جهزت له ثلاث سفن من مختلف الأحجام؛ وهي: سفينة القيادة «سانتا ماريا» من نوع «كارافيل»، وتألف طاقمها من 84 بحاراً، الثانية «بينتا» من نوع «كارافيل» أيضاً، وتألف طاقمها من 65 قبطاناً، أما الثالثة وهي من نوع «كارافيل» فاسمها «نينيا»، وطاقمها تألف من 40 بحاراً.

وفاته

تدهورت صحته خلال مكوثه في إسبانيا، وتوفي في 20 مايو/‏أيار سنة 1506 فتم دفنه من دون أية مراسم، ورغم أنه هو من اكتشف أمريكا إلا أنها سميت باسم آخر؛ وهو «أمريجو فيسبوتشي».

وصلت قدما كولومبوس إلى أرض الأمريكيتين، وكانت رحلاته بداية لقرون من الاستعمار عبر الأطلسي؛ من خلال أربع رحلات، بدأت من إسبانيا، في الأعوام: (1492 و1493 و1498 و1502). وصمم على إيجاد طريق مائي مباشر يمر من أوروبا إلى آسيا؛ لكنه لم يفعل، وقد أرخت رحلاته تلك لبداية قرون من الغزو والاستعمار عبر المحيط الأطلسي.

عصر الاستكشاف

خلال القرنين الخامس والسادس عشر، رعى قادة العديد من الدول الأوروبية حملات استكشافية في الخارج على أمل أن يجد المستكشفون ثروة كبيرة، أو أن يصلوا إلى أراض واسعة غير مكتشفة. كان البرتغاليون أول المشاركين في «عصر الاكتشافات» ابتداءً من حوالي عام 1420، وكانت السفن البرتغالية الصغيرة المعروفة باسم «الكارافيل» مندفعة على طول الساحل الإفريقي، تحمل التوابل والذهب والعبيد والسلع الأخرى من آسيا وإفريقيا إلى أوروبا.

لم يكن كولومبوس أول من اقترح أن يصل إلى آسيا عن طريق الإبحار غرباً من أوروبا. في الحقيقة، يجادل العلماء بأن الفكرة قديمة، قدم فكرة أن الأرض مستديرة.. «في الحقيقة، لقد بدأتها روما في وقت مبكر».

كانت الدول الأوروبية الأخرى، ولا سيما إسبانيا، حريصة على المشاركة في ثروات «الشرق الأقصى»، التي لا حدود لها على ما يبدو، وبحلول نهاية القرن الخامس عشر، استعادت مملكة إسبانيا أرضها من اليهود والمسلمين بعد قرون من الحرب، وحولت الأمة انتباهها إلى «الاستكشاف والفتح» في مناطق أخرى من العالم.

الحياة المبكرة

عندما كان كولومبوس مراهقاً، حصل على وظيفة في سفينة تجارية، وبقي في البحر حتى عام 1470؛ عندما هاجم جنود فرنسيون سفينته، وهي تبحر شمالًا على طول الساحل البرتغالي.

غرق القارب؛ لكن الشاب كولومبوس طاف على الشاطئ على قطعة مهترئة من الخشب، واتجه إلى لشبونة؛ حيث درس الرياضيات، وعلم الفلك، ورسم الخرائط والملاحة، كما بدأ يحكم خطة من شأنها أن تغير العالم إلى الأبد.

الرحلة الأولى

في نهاية القرن الخامس عشر، كان من شبه المستحيل الوصول إلى آسيا من أوروبا عن طريق البر، كان الطريق طويلًا وشاقاً، وكان من الصعب تجنب المواجهات مع الجيوش المعادية. قام المستكشفون البرتغاليون بحل هذه المشكلة عن طريق النزول إلى البحر: لقد أبحروا جنوباً على طول ساحل غرب إفريقيا وحول رأس الرجاء الصالح.

لكن كان لدى كولومبوس فكرة مختلفة: لماذا لا يبحر غرباً عبر المحيط الأطلسي بدلاً من الالتفاف حول القارة الإفريقية الضخمة؟ كان منطق المستكشف الشاب سليماً؛ لكن حساباته الرياضية كانت خاطئة. جادل (بشكل غير صحيح) أن محيط الأرض كان أصغر بكثير مما كان يعتقد معاصروه؛ وفقاً لذلك، كان يعتقد أن الرحلة بالقارب من أوروبا إلى آسيا، يجب ألا تكون ممكنة فحسب؛ بل سهلة نسبياً.

قدم خطته للمسؤولين في البرتغال وإنجلترا؛ ولكنه لم يعثر على متعاطفين مع خطته، حتى قدوم عام 1491، وجده عند ملوك إسبانيا: فرديناند ملك أراغون وإيزابيلا في قشتالة.

أراد كولومبوس الشهرة والثروة، أراد فرديناند وإيزابيلا نفس الشيء، إلى جانب فرصة تصدير الكاثوليكية إلى الأراضي في جميع أنحاء العالم. (كان كولومبوس، وهو كاثوليكي متدين، متحمساً بنفس القدر لهذا الاحتمال).

في اتفاقه المكتوب مع الحكام الإسبان وعد كولومبوس بأن يحتفظ بنسبة 10 في المئة من الثروات التي يعثر عليها، إلى جانب حصوله على لقب نبيل، وحاكم لأي أرض تواجهه.

أبحر في 3 أغسطس/‏آب 1492، في السفن الثلاث، «نينا، وبينتا وسانتا ماريا» وفي 12 أكتوبر/‏تشرين الأول، وصلت السفن إلى اليابسة - ليس في آسيا كما توقع كولومبوس، ولكن في إحدى جزر البهاما.

لعدة أشهر، أبحر كولومبوس من جزيرة إلى أخرى، فيما نعرفه الآن باسم منطقة البحر الكاريبي؛ بحثاً عن «اللؤلؤ والأحجار الكريمة والذهب والفضة والتوابل وغيرها من الأشياء والبضائع» التي وعد بها رعاته الإسبان، ولكن لم يجد الكثير. في مارس/‏آذار 1493، ترك نحو 40 رجلاً في مستوطنة مؤقتة في هيسبانيولا (هايتي الحالية وجمهورية الدومينيكان) ثم عاد إلى إسبانيا.

شخصية أسطورية

على مر القرون، أصبحت قصة كولومبوس تحكى كما لو أنها مخبأة داخل أسطورة، فقد ظلت حياته لغزاً إلى حد كبير للجميع باستثناء حفنة من العلماء. ومع ذلك، يشار إلى أنه يبرز بين الشخصيات التاريخية «كرجل بين الوثنيين».. أكثر من ذلك فقد كتب كولومبوس عن نفسه بهالة من القداسة في توصيف رحلته، في هذا الكتاب يكشف المؤلف «كلارك ب. هينكلي» عن رجل يمتلك حلمين عظيمين. ومع ذلك، فإن الجانب الأكثر بروزاً في حياته، هو الدرجة التي فهم بها مهمته ومكانته في التاريخ.

حياته ورحلاته

حياة ورحلات كريستوفر كولومبوس، هي سيرة ذاتية كتبها واشنطن إيرفنغ في كتاب عام 1828تم نشره في أربعة مجلدات في بريطانيا، وثلاثة في الولايات المتحدة، ويعد الكتاب - السيرة الذاتية، الأكثر شعبية لكولومبوس في العالم الناطق باللغة الإنجليزية، حتى قام «صموئيل إليوت موريسون» بنشر كتابه الشهير «أميرال البحر المحيط» في 1942.

تمت دعوة ايرفينج إلى مدريد؛ لترجمة المراجع الإسبانية إلى الإنجليزية، لكنه استخدم هذه المراجع في إنجاز سيرة لكولومبوس من أربع مجلدات، موظفاً موهبته الروائية لصنع قصة تليق بمكتشف من طراز فريد.. يعد الكتاب من الأمثلة على الخيال التاريخي الأمر]كي الذي قام به كتاب وشعراء أمريكيون في القرن التاسع عشر.

البحّار

لم تكن رحلة كولومبوس الأولى عبر آلاف الأميال في المحيط المجهول، بصحبة طاقم من البحارة المتمردين، مجرد واحدة من أهم الإنجازات، التي حققها تاريخ البشرية المسجل؛ بل كانت أيضاً دليلًا على تفوقه كقائد بحري وملاح. هذه هي قصة كولومبوس البحار، التي يرويها الملاح الماهر الذي اتبع بالفعل تدريبات أتقنها في مهمة الإبحار.

يكتب صموئيل إليوت موريسون: «لقد توصلت إلى الاستنتاج» أن ما أراده كولومبوس كان سيرة بحارة، كان يعرف السفن والإبحار، وكان قد خبر طبيعة العديد من الجزر والبراري التي اكتشفها بنفسه.

ثمرة هذه الرحلات، جاء بعد بحث مضنٍ استمر لسنوات..سيرة ضخمة لموريسون حول «أمير البحار» فاز على إثرها بجائزة بوليتزر لعام 1942، الذي أصبح فيما بعد أميرالًا خلفياً، ومؤرخاً رسمياً في البحرية الأمريكية للحرب العالمية الثانية، أعاد الآن كتابة قصة كولومبوس بأكملها في شكل أقصر تحت عنوان كريستوفر كولومبوس، مارينر.

رحلة كريستوفر كولومبوس

هو كتاب عن رحلة كولومبوس التاريخية لاكتشاف العالم الجديد، بما فيها من آمال وتوقعات ومخاوف يومية رافقته خلال الرحلة.

في الكتاب سرد للمواجهات الأولى بين الأوروبيين والأمريكيين الأصليين، وما فيها من أحداث مثيرة، وما له صلة بنوايا كولومبوس في تقييم استعداد الناس لخدمة المصالح الاقتصادية الأوروبية، لقد لعبت المسألة الدينية دوراً في هذه الرحلة، فقد كان كولومبوس يتوقع نجاحاً سهلاً للمبشرين في أداء مهامهم الدينية.

الكشف عن العالم الجديد

هو كتاب روائي ل «تشارلز سي مان» بعنوان: الكشف عن العالم الجديد، نشر في عام 2011، ويغطي الفترة التي هبط فيها كولومبوس للأمريكيتين، والتي أدت بحسب المؤلف إلى الحضارة المعولة الحالية، وهو تتمة لكتابه السابق «الأمريكتين ما قبل كولومبوس 1491».

في كتابه، يجادل مان، بأن كولومبوس قد مهد الطريق إلى الهوموسوسين، وهي خاصية من خواص الأنثروبوسين، الذي يتميز بالتجانس العالمي للأنواع (الزراعية) والأمراض، والأدوات الناجمة عن الهجرة والنقل، التي انطلقت مع اكتشاف العالم الجديد.

نشر الكتاب في بريطانيا بعنوان: 1493.. كيف صعد التصادم الإيكولوجي في أوروبا والأمريكيتين إلى العالم الحديث.

الرحلات الأربع

لم يكن كولومبوس يعرف شيئاً عن الملاحة بواسطة النجوم، أو عن وجود المحيط الهادئ. لقد كان رائد أعمال طموحاً، وكانت خرائطه مزيجاً من الخيال والوهم. كانت ميزة واحدة أحدثت جميع الفوارق، شعوره الفطري بالبحر، معرفته بحركة الرياح والطقس، اختياره للمسار الأمثل في كل ما خطط له من رحلات.

الكتاب لا يسلط الضوء على رحلته في 1492 فقط، فقد قام كولومبوس بثلاث رحلات أخرى بين عامي 1494 و1504، محاولاً إثبات أنه يمكن الوصول إلى الصين في غضون أسابيع، وتحويلها إلى المسيحية. تمثاله في بروفيدانس /‏ رود آيلاند

تمثال تاريخي من البرونز لكولومبوس في بروفيدانس، رود آيلاند، الولايات المتحدة، يقع على قاعدة من الجرانيت، صنعه النحات فردريك أوغستبارثولدي في عام 1893.. تمت إضافته إلى السجل الوطني للمعالم التاريخية في عام 2001.

غوانهاني.. سان سلفادور

في 12 أكتوبر عام 1492، وصل المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبوس إلى ما يسمى الآن جزر البهاما، التي كان يطلق عليها سكانها الأصليون اسم غوانهاني، بينما أعاد كولومبوس تسميتها بسان سلفادور.

لا أحد متأكد من مكان غوانهاني/سان سلفادور، يصف كولومبوس الجزيرة بأنها مسطحة جداً، بها أشجار خضراء جداً وبحيرة كبيرة جداً في المنتصف. ويصف مئات الجزر، والجزر المرجانية في جزر البهاما.

كان خوان دي لا كوسا رسام خرائط يرافق كولومبوس في رحلاته البحرية، كان أيضاً مالك أكبر سفينة استخدمها كولومبوس واسمها سانتا ماريا.

قام دي لا كوسا بوضع خريطة لهذه الرحلة بعد سنوات، مثل فيها بدقة مواقع وشكل الجزر التي نعرفها باسم كوبا وهيسبانيولا، في حين لا يظهر ما يشير إلى غوانهاني/سان سلفادور، بشكل واضح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"