عادي
شاعر ومترجم للشعر

د . شهاب غانم: أشعر بالفرح عند دخولي أية مكتبة

01:34 صباحا
قراءة 5 دقائق

د .شهاب غانم شاعر ومترجم للشعر وكاتب إماراتي درس الهندسة في الخارج، وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد، له أكثر من أربعين كتابا منها عشرة دواوين شعرية، ومنها سبع مجموعات من الشعر الأجنبي مترجما إلى العربية وتسع مجموعات من الشعر العربي المعاصر مترجما إلى الإنجليزية وعدد من الكتب النثرية منها كتاب الصناعة في دولة الإمارات الصادر في لندن بالإنجليزية، وحصل على عدد من الجوائز في الشعر والترجمة والبحث العلمي . يشارك د . غانم في مؤتمر حول الترجمة في القاهرة، وبهذه المناسبة جرى معه هذا الحوار:

ماذا عن العوامل التي شكلت تكوينك الثقافي؟

نشأت في أسرة أدبية ومثقفة بداية من جدي الدكتور البروفيسور محمد عبده غانم أول خريج في الجزيرة العربية يتخرج في جامعة مدنية، وقد عمل أستاذا في قسم الدراسات العليا في جامعة صنعاء، وكان والدي يمتلك مكتبة ضخمة تحتوي على أمهات الكتب، فقد قرأت ما يقرب من عشرين رواية في سن الثانية عشرة وفي مقدمتها أعمال عبد الحميد جودة السحار وجورجي زيدان، ووالدتي قارئة ومثقفة وخالي أيضا نشأ في أسرة متعلمة ونشأت على حب الكتب حتى يومنا هذا، فأشعر بالفرح عند دخولي أية مكتبة .

لماذا تخصصت في ترجمة الشعر؟

آمنت بإمكانية ترجمة بعض الشعر منذ كنت طالبا في المدرسة الثانوية وذلك عندما قدمت لنا في درس الأدب الانجليزي نماذج من ترجمات الشاعر الإنجليزي الفيكتوري إدوارد فتزجرالد لرباعيات عمر الخيام، وهي ترجمة فاتنة كانت السبب الرئيسي لانتشار ترجمات الخيام إلى لغات أوروبية، بل إن كثيرا من الترجمات العربية لرباعيات الخيام كانت من خلال ترجمة فتزجرالد .

لكن دراستك الأساسية في مجال الهندسة والإدارة . . فلماذا الولع بترجمة الشعر؟

على الرغم من أن مجالات دراساتي المنهجية وخبرتي العملية كانت في الهندسة والإدارة والاقتصاد، فإن حبي للشعر قادني إلى محاولة ترجمة الشعر من العربية إلى الإنجليزية ومن الإنجليزية إلى العربية، وأيضا من لغات أجنبية أخرى إلى العربية من خلال ترجمات إنجليزية جيدة .

واقتصرت جهودي في مجال الترجمة على مجال ترجمة الشعر لإيماني بأن ترجمة الشعر ينبغي أن يقوم بها شاعر إن أمكن، ولذلك لم أقتطع شيئا من وقتي لترجمة غير الشعر .

ألم تكن مغامرة من جانبك في زمن يتراجع فيه الشعر على المستوى العربي والعالمي أيضا؟

غير صحيح، فمازال الشعر يعبر عن روح الأمة، بل ربما كان أقصر الطرق لفهم أية أمة ومشاعرها، ولذلك فترجمته تشكل وسيلة مهمة للتواصل بين الثقافات خصوصا في زمننا الذي تتردد فيه مقولة صراع الحضارات، بالإضافة إلى رغبتي في نقل بعض القصائد العربية التي فتنت بها في صباي وبعد ذلك إلى غير العرب، وهم بشكل عام يجهلون ما لدينا من شعر راقٍ في مختلف العصور، ولكني قصرت النماذج التي أترجمها إلى العصر الحديث وظللت أنشرها في زوايا أسبوعية في صحف ومجلات إنجليزية محلية لسنوات عدة وكانت ردود أفعال القراء الأجانب طيبة مما شجعني على الاستمرار .

كذلك رغبتي في تقديم نماذج من الشعر الأجنبي للقارئ العربي، وكان بعض أصدقائي من الكتّاب الذين لا يعرفون اللغات الأجنبية يسألونني بجدية: هل للإنجليز والأجانب شعر؟ فأجيب: يكفي أن لديهم شكسبير .

والنماذج التي كنت أترجمها من الشعر الأجنبي كانت من عصور مختلفة، ولكن كنت أطمح أيضا من خلال ترجمة نماذج حديثة راقية أن أقنع العرب الذين يكتبون ما أظنه هلوسات من شعر زائف بأن الشعر الحديث في الغرب ليس هلوسات كما يظن بعضهم، أو على الأقل أقنع القارئ العربي الذي يسيء الظن بالشعر الغربي أن فيه الكثير من الشعرية والمتعة، وكنت في كل الأحوال أهتم باختيار النصوص التي أخالها ستعجب المتلقي .

هل تراعي أيديولوجيات الشعراء الأجانب عند ترجمة أشعارهم؟

أنا أتعامل بأمانة مع النص الأجنبي وليس بحرفية، وأنقل القصيدة كنص موازٍ وليس كنص حرفي بشرط أن يتوافر عنصر الإدهاش والشاعرية في الترجمة لكن اللغة تختلف .

وأحرص على أن تكون اللغة غير مزعجة وفيها روح العربية وميزات الشاعرية والأمانة بقدر المستطاع .

أنت شاعر ولكن يغلب عليك صفة المترجم لماذا؟

هذه مأساة والسبب أنني منذ أن انطلقت مجلة دبي الثقافية منذ خمس سنوات وأنا أنشر فيها قصائد مترجمة بانتظام، اعتقد الناس أني مترجم فقط بالرغم من أني حصلت على جوائز شعرية كثيرة، وأعتبر الشعر أهم من الترجمة، ولكن لدينا نقصا حادا في عدد المترجمين المتخصصين في ترجمة الشعر فأردت أن أسد فراغا في هذا الجانب .

هل أثرت هذه الترجمات في نصك الشعري؟

هناك جانبان: الأول أني أترجم أشعارا جميلة وأكون مثل الإنسان الذي يتبنى أطفالا ويصبح أقل شغفا في أن ينجب أطفاله، والثاني: قد تكون هذه الترجمات لها أثر نوعي وكمي إيجابي وقد علمتني ألا أكتب قصائدي إلا تحت الإلحاح الشديد، وأحيانا أشعر بأن القصائد التي ترجمتها جزء مني وأنا أترجم فقط منذ عشرين عاما وأنا أكتب الشعر منذ الصغر فالترجمة لاحقة للشعر .

إلى متى ستظل الترجمة توصم بالخيانة؟

الترجمة ليست خيانة لأنك تنقل مشاعر ونصوصا فيها شيء من الغموض والإبهار ولابد أن تقدم نصا يمتع القارئ، ويعرف الشاعر الذي أبدع هذا النص، وفي تجربتي الشخصية كنت أكتفي في معظم الأحوال بالقيام بترجمة نثرية، ولكني كنت في بعض الأحيان القليلة أترجم القصائد الإنجليزية الموزونة إلى شعر عربي بيتي أو تفعيلي إذا قادني تفاعلي التلقائي مع النص إلى ذلك الشكل .

ما صعوبات ترجمة الشعر؟

لا أعتقد أن ترجمة الشعر صعبة على شاعر متمرس، ويعرف اللغتين المنقول عنها والمنقول إليها معرفة جيدة، وأن يكون ملما بالمفردات والتيارات الثقافية بين اللغتين، ويشترط أن يكون شاعرا لكي ينقل روح الشعر ومناخ القصيدة بشرط أن يكون أمينا في النقل، والقصائد التي حولتها إلى شعر موزون هي جزء مني ومشتركة بيني وبين المؤلف الأصلي، وإذا كانت قصيدة نثرية فأشعر بأني قدمتها للقارئ، أحافظ عليها لأن فيها إحساسا مختلفا وصارت جزءا مني .

جمعت بين الشعر والترجمة والهندسة والإدارة . . ألا يعد ذلك تشظيا في الموهبة؟

طبعا إرهاق كبير ومخ الإنسان الأيمن يهتم بالإبداع، أما الجانب الأيسر من المخ فيهتم بالتحليل، وقد أجريت فحصا علميا لطريقة تفكيري وكانت النتيجة أني أستخدم الجانب الأيمن بنسبة خمسين في المائة والجانب الأيسر بنسبة خمسين في المائة ولذلك أحب العلوم والشعر والإدارة بشكل متوازن كأني أطير بجناحين .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"