عادي
أطروحات جديدة تبحث علاقة التشكيل بالجمهور

«لقاء مارس».. عصف ذهني يختبر طاقة الفن

03:45 صباحا
قراءة 3 دقائق
الشارقة: عثمان حسن

تنطلق ما بين 21 و 23 مارس/آذار المقبل فعاليات «لقاء مارس» الذي يتضمن ملخصات بحثية جديدة تقدم تحت عنوان «تجليات الحاضر»، وهذا اللقاء يعتبر ركناً أساسياً من أركان «بينالي الشارقة للفنون» الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون، بوصفه يشكل تجمعاً سنوياً للفنانين والقيّمين وممارسي الفنون من جميع أنحاء العالم.

تتزامن انطلاقة الدورة الجديدة ل «لقاء مارس» مع انطلاقة الدورة 30 لبينالي الشارقة للفنون، ما يؤكد أهمية هذا التجمع الفني العالمي الذي يدعم الفنون المعاصرة بأشكالها المختلفة من تركيبات ومنحوتات وفنون أدائية وعروض مسرحية وفلكلورية من شتى أنحاء العالم.

يعتبر «لقاء مارس» محفزاً نقدياً وفكرياً، ولقاء ثقافياً عابراً للقارات، بما ينطوي عليه من ميزات عدة، فهو أولاً يفتح الباب واسعاً لمناقشة الهويات الثقافية والحضارية في العالم، وهو كذلك يفتح أفق التنوع والتعدد على مستوى الطرح، كما يتضمن العديد من المبادرات والبرامج والحوارات التي تناقش أبعاد ما تطرحه مشاركات البينالي، بوصفها مشاركات تتخطى حدود الجغرافيا الواحدة، التي تتجاوز فضاء الفنون المحلية والشعبية والفلكلورية، إلى جبهة الفنون المعاصرة بتجلياتها وأساليبها، وما تطرحه من انتقالات تستفيد من المنجز الفني العالمي.

ومن المهم هنا، تأكيد أن هذا اللقاء يعنى بأشكال التجديد الشاملة للمفاهيم الفنية وطرق التعبير عنها، ابتداءً من نظرة الفنان للمجتمع والفن، ونظرة المجتمع للفن أيضاً، خاصة ما بعد الثورة الصناعية، وبروز ما يعرف بتعدد الأنماط والأشكال الفنية، التي جاءت كرد فعل على تحولات المجتمع السياسية والاقتصادية والفكرية، وتغير مفاهيم الفن لاستيعاب كافة أشكال الفنون المعاصرة التي باتت اليوم تستفيد من التكنولوجيا التي أصبحت بدورها مكوناً أساسياً في كافة الطروحات والمشاركات الفنية التي تشارك سواء في بينالي الشارقة أو في غيره من متاحف العالم المتقدم.

هذه الرؤى التي يطرحها «لقاء مارس» لا شك أنها أسست لفهم جديد، أولاً في كيفية استيعاب الفن من قبل المشاهدين أو المتلقين، وثانياً، في إمكانية تحول الفنون إلى نافذة، بل وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها، لتقديم طروحات جوهرية تحاول الإجابة عن أسئلة اليوم في استشرافها للمستقبل، ما يعني بكل تأكيد استشرافها لمستقبل الإنسان في صلته بالبيئة، وفي قراءتها كذلك للواقع السياسي والاجتماعي، بما فيه من صراعات، وحروب، وأوبئة، وهواجس مقلقة، لها علاقة بالمناخ.

بقراءة سريعة لما قدمه «لقاء مارس» في دوراته السابقة، يمكن تأكيد جملة من المقاربات الفكرية والجمالية، التي اجترحتها ذائقة الفنانين والنقاد والقيمين المشاركين في هذا اللقاء، وهي مقاربات تحفز الطاقات المبدعة لمخيلة الفنان، وما ينتجه من أطروحات بصرية تسعى إلى إنتاج ما هو مغاير من خلال المقترح الفني، كوسيلة تعبيرية، وتفاعلية، تعزز منهج البحث والاستقراء والتأمل.

في الدورة 14 من بينالي الشارقة للفنون -على سبيل المثال- طرح لقاء مارس جملة من المقترحات الجمالية، التي ركزت على المنتج الفني الشعبي أو الفولكلوري لشعوب مختلفة، من المكسيك إلى كوبا إلى آسيا وإفريقيا، وكانت هذه العروض والأداءات الفنية والمسرحية، بما في ذلك العروض الراقصة والفولكلورية، وما فيها من حكايات، وقصص، وأساطير، قد عمقت مفهوم الفن، ليصبح قريباً من هاجس البشر، بل قريباً جداً من سعيه للتعامل مع واقعه الجديد، عبر تلك المنصات التفاعلية التي تحاكي تاريخ الإنسان، وتحاول أن توظف الفن، ليشكل مقاربة تستفز مخيلة الفرد في هذا الواقع المضطرب بتأثيراته المحلية وأوضاعه الاجتماعية والسياسية.

إن رهان مؤسسة الشارقة للفنون على «لقاء مارس» بات اليوم رهاناً ناجحاً، في إمكانية الإجابة عن أسئلة الفن؟ وهي الأسئلة التي تنطلق منها طاقات إبداعية مبتكرة، في إطار تقديم الفن برؤية واعدة، تحمل إرادة التغيير على المستوى المحلي والعالمي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"