عادي
تنويع الأساليب والطرق التعليمية لإخراج الطالب من حالات الجمود

البرمجة اللغوية العصبية في قلب العملية التربوية

03:53 صباحا
قراءة 4 دقائق

يعد موضوع البرمجة اللغوية العصبية عند الكثيرين، موضوعاً جديراً بالاهتمام والحرص على اكتشاف مكنوناته وتتبع صدفاته وجمعها ومحاولة الظفر بلآلئه . وفي هذا السياق، يقول صالح الجرمي معلم اللغة العربية في معهد ادنوك الفني، والمحاضر في مهارات التفكير والأساليب التربوية، إن علم البرمجة اللغوية العصبية هو العلم الذي يقوم على اكتشاف قوانين التفاعلات المختلفة والمحفزات الفكرية والشعورية والسلوكية التي تحكم تصرفات واستجابات الأفراد على اختلاف مشاربهم وأنماطهم الشخصية، مشيراً إلى أنه العلم الذي يكشف عن عالم الإنسان الداخلي متمثلاً في القدرات والطاقات الكامنة ليمدنا بالأدوات والمهارات التي يستطيع بها الفرد التعرف إلى شخصية نظيره الإنسان وطريقة تفكيره وسلوكه وأدائه وقيمه .

قال صالح إن نظرة الناس إلى البرمجة متباينة إلى حد كبير من حيث القدرة على فهم مصطلحات هذا الموضوع واستيعاب مضامينه المتنوعة، ولذلك قام بإعداد كتاب خاص بمفردات سهلة خالية من الصعوبة والتعقيد وبأسلوب يميل إلى التوضيح وبيان ماهية الشيء دونما كلالة أو ملالة، وبطريقة حية استوحاها من دراسات عدة قام بها في هذا المجال، كما شارك الجرمي في الدورة الدولية للبرمجة اللغوية العصبية والتي حصل من خلالها على شهادة الدبلوم فيها .

وأكد الجرمي في كتابه برمج عقلك على المبادئ الأولية للبرمجة في صورة مبسطة بدءاً من سلم التعلم والافتراضات المختلفة ومروراً بالنظام التمثيلي (إرهاف الحواس) والمرونة والحصيلة والألفة وانتهاء بالإرساء، مشيراً إلى أن مايحدث لنا في هذه الحياة والذي يتمثل في سلوكاتنا المختلفة ومعتقداتنا التي لاحصر لها يحتم على الفرد أن ينقب عن دوافعه وأهدافه وإجراءاته النظرية والعملية من أجل الوصول إلى حقيقة مهاراته وإزاحة الستار عن طاقاته الكامنة وقدراته الدفينة من أجل استثمارها الاستثمار الأمثل بما يتفق مع الميول والرغبات التي تحقق الأهداف التي تسعده وترضيه .

ولم يكتفِ بتأليفه للكتاب برمج عقلك، الذي يتناول أهم المبادئ الأولية للبرمجة اللغوية العصبية، بل شرع وبصفته معلماً للغة العربية بتتبع كل مايمس جانب العلاقة بين المعلم والطالب مستفيداً من علمه في هذا المجال وذلك من الناحية التربوية والتعليمية من خلال تلمسه لتلك المبادئ ولعدد من قوانينها التي تحكم العلاقة بين المعلم والطالب، حيث أعد في هذا السياق دورة تربوية بعنوان أنا معلم تربوي، عبر عدد من قوانين البرمجة اللغوية العصبية وقدمها في أكثر من محفل تربوي شمل عدداً كبيراً من المعلمين والمعلمات في الميدان، تناول فيها قوانين شتى، منها قانون الألفة وهو القانون الذي يتصل ويُعنى بأهمية مد جسور المحبة والعلاقة الطيبة مع الطالب من خلال عدد من الممارسات التربوية العملية التي يسلكها المعلم مع طلابه، وقانون التوقع والذي يؤكد ضرورة البحث عن نقاط القوة والإيجابية لدى الطالب وليس العكس، بمعنى تجسيد نظرة المعلم التفاؤلية لهؤلاء الطلاب واستبعاد الافتراضات السلبية من النفس تجاه سلوكياتهم ومستوياتاهم وبالتالي إشعارهم بكل تلك الأفكار عن أنفسهم، الأمر الذي يشجعهم ويعزز الثقة في أنفسهم .

وأضاف الجرمي أن قانون السبب والنتيجة يعتبر من بين القوانين التي تحكم العلاقة بين المعلم والطالب حيث إنه يُظهر أهمية تغيير الفعل للحصول على نتائج مختلفة غير مألوفة، إذ لابد من التنويع في الأنماط من حيث الأساليب التعليمية والتربوية التي يتبعها المعلم المربي في علاقته مع أبنائه الطلاب، ثم يأتي قانون كسر الأنماط والذي يُعنى بإخراج الطلاب من حالات الجمود في كثير من الأحيان أثناء سير الدرس، وهذا يتمثل في طرق وأنماط صياغة وإلقاء الأسئلة والتنويع في الأساليب والطرق المختلفة من حيث التعامل مع كافة الظروف على امتداد سير الدرس .

وتناول صالح في الدورة قانون التكرار وهو الذي تحث عليه البرمجة باعتباره أحد القوانين المهمة التي تعمل على البرمجة عن طريق غرس المعلومات في لاوعي الطالب من خلال الإعادة المستمرة ولو بأنماط مختلفة، أما قانون التأثير فيُقْصد به التأثير في الحالة الذهنية للطالب من خلال استخدام أسلوب المدح والتعامل مع كل فرد حسب نمطه الغالب، إذ إن لكل طالب خصوصيته ونمطه الغالب وقنواته الخاصة التي يستقبل بها المؤثرات الخارجية من صوت وصورة .

المعلم والذكاء العاطفي

شرح صالح الجرمي في محاضرته قانون التدريج والمعايرة الذي يهتم بضرورة تمتع المعلم بالذكاء العاطفي الذي يُمكنه من ملاحظة التغيرات الفسيولوجية والنفسية التي يكون عليها الطالب، إذ إن هاتين الحالتين ومايتصل بهما من تبعات تشكلان حجر الزاوية لأي تربية سليمة سوية، فيما يمثل قانون معرفة الأنماط قدرة المعلم على الاستدلال على حالة الطالب الذهنية والمزاجية من خلال نظرات عينيه وملامح صورته ونبرة صوته، الأمر الذي يعينه على التعامل معه بطريقة سليمة .

وقال: تطرقت إلى جميع تلك القوانين، إضافة إلى عناصر أخرى نبه فيها إلى أهمية انتقال المعلم، من المعلم صاحب المهمة إلى المعلم المبدع صاحب المبادرة، مع ضرورة زيادة ثقافته ووعيه والعناية بمخاطبة لاوعي الطالب قبل الاهتمام بالجزء الظاهر من شخصيته وهو وعيه، مؤكداً أن المعلم الحاذق هو الذي يهتم بمخاطبة الجزء الداخلي المخفي من نفس الطالب والتركيز على لغة العقل اللاواعي الداخلية، لأن المشاعر الداخلية كلها مدفونة هناك، ولم ينس المحاضر في هذا السياق حث المعلمين والمعلمات على ضرورة العناية بأهمية تعليم الطلاب كيف يتعلمون وكيف يفكرون وذلك بتوضيح الطرق السليمة للمذاكرة والطرق الناجحة للتفكير .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"