عادي
د. علي الخوري مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية لـ «الخليج»:

التحول الرقمي لم يعد خياراً بل ضرورة للتطور وأساس للمستقبل

04:45 صباحا
قراءة 6 دقائق
أبوظبي:فؤاد علي

يسطّر ابن الإمارات إنجازات متميزة في العلم والاقتصاد والتقنية المرتبطة بالتطبيقات الإلكترونية، ووضع بصمات واضحة تسهم في مسيرة التطور التقني في الدولة والعالم العربي، وسعى لتحقيق مزيد من الإنجازات لخدمة المجتمعات الإنسانية. وكما قال صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «ابن الإمارات قادر على معانقة الفضاء».
الدكتور المهندس علي محمد الخوري، أحد القيادات العالمية المفكرة والمؤثرة في ميدان التطوير والتحول الرقمي والتخطيط الاستراتيجي، بخبرة 28 عاماً في القطاع الحكومي، ويشغل حالياً منصب مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ومسؤول ملف الاقتصاد الرقمي في جامعة الدول العربية. كما أنه يشغل وظيفة مدير عام بوزارة الداخلية، ويدير مجموعة من المشروعات التكنولوجية المهمة. وكان ضمن القائمة العالمية للشخصيات المئة الأكثر تأثيراً في الحكومة الرقمية.
يقول المهندس علي محمد الخوري عن المعطيات التي أسهمت في تحقيقه للإنجازات في التطبيقات الإلكترونية: عملت في قيادة مجموعة كبيرة من المشروعات التقنية والتطويرية الاستراتيجية والأمنية والبنية التحتية في القطاع الحكومي وإدارتها وإنجازها، على مدى ثمانٍ وعشرين سنة، وكانت بدايتي المهنية في شرطة أبوظبي في 1990.
وأهدي هذه الإنجازات إلى صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي شرفت بالعمل تحت رئاسته لمجلس إدارة هيئة الإمارات للهوية، وسموّ الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي، والفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، القائد الاستثنائي الذي كان له دور محوري في توجيهي وإكمال دراستي، ودعمي طوال مسيرتي العلمية والعملية، فهو مثال للقائد الذي يصنع الرجال، وبمثل مصانع الرجال هذه تبنى الأمم وتتقدم. وحظيت بشرف العمل ضمن فريق مشروع بطاقة الهوية الإماراتية، منذ بداية الفكرة، وحتى تأسيس هيئة الإمارات للهوية، واستطعت مع زملائي، بقيادة الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد، إنجاز خطة حكومة الإمارات والانتهاء من تسجيل كل سكان الدولة، وتشغيل منظومة حديثة وآمنة لإدارة الهوية الرقمية، بوصفها مشروعاً ممكناً للحكومة الرقمية والتحول الرقمي، فحصلت على جائزة الأمم المتحدة لأبرز مشاريع القطاع العام في العالم، وتمكنت الهيئة أن تكون أفضل هيئة في الحكومة الاتحادية، وفازت بجائزة التميز بدورتي عامي 2012 و2014. كما كان لنا إسهامات في مؤسسات الجامعة العربية، حيث أطلقنا استراتيجية التجارة الإلكترونية مع الاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية، الذي شرفت برئاسته، والدراسة الخاصة بدور التجارة الإلكترونية العربية في تعظيم العائد من التجارة العربية البينية، ثم مؤخراً تأسيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي.
ويتابع: عملت كذلك عضواً استشارياً في مؤسسات دولية مختلفة، من أبرزها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لمشروع STORKE 2 الخاص بالهوية الموحدة للاتحاد الأوروبي، ومجلس الأجندات العالمي التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي. وشاركت في إعداد تقارير دولية مختلفة عن أنظمة الأمن الاجتماعي والتنمية المعتمدة على المعلومات والبيانات، وشاركت في أوراق العمل في المؤتمرات والمنتديات العلمية الدولية والمحلية، وكان لها دور كبير، وألّفت أكثر من 100 كتاب وبحث علمي في الحكومة الرقمية والمشاريع الحكومية والإدارة الحكومية وعلوم الإدارة والاجتماع، وكان لها أثر في تبني الأمم المتحدة والمنتدى الاقتصادي الدولي والمؤسسات الدولية، لكثير من الدراسات والبحوث التي نشرتها وتبنتها مراجع عالمية، ووصفتها الأمم المتحدة بأنها مراجع مهمة في التحول الرقمي، وأدرجتها في مكتبتها العامة في واشنطن.
ويصف الخوري شعوره حال إعلان قيد اسمه في قائمة المئة المؤثرين في تطبيقات الحكومة الرقمية في العالم بقوله: هذا النجاح يحملني مسؤوليات أكبر، خاصة أن عمل الحكومة الرقمية والاقتصاد الرقمي، يعد اليوم المحرك الرئيسي لدولة المستقبل، وهو ما نأمل بأن نسهم فيه في الوطن العربي والعالم بأكمله.
ويوضح، أن مجلس الوحدة الاقتصادية في جامعة الدول العربية، يعمل على توحيد الأسس التشريعية الاقتصادية والمالية، وإيجاد أرضية من التعاون بين الدول العربية، وقد أسس المجلس الكثير من الاتحادات العربية المتخصصة بالاقتصاد والتجارة. وانطلاقاً من إدراكه للمتغيرات العالمية، وخاصة في المجال الرقمي، أطلق الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي في 2018، ثم قرر مؤخراً أن يعد رؤية استراتيجية شاملة للدول العربية تراعي المعطيات الحالية والتباين، من حيث مستويات استكمال البنية التحتية، ثم عرضها على القيادات السياسية والاقتصادية العربية، لمناقشتها واعتمادها.
ويقول: التحول الرقمي أصبح ضرورة ملحة ولم يعد خياراً، فهو في الوقت الحاضر أحد أهم العناصر التمييزية بين الدول المتقدمة والدول النامية، والتباطؤ في استغلال التكنولوجيا، أو التعامل معها بسطحية، قد تكون مخاطرهما وخيمة، وتؤثر في استقرار الدول.
وفيما يتعلق بالعوائق أو التحديات التي تواجه التجارة الإلكترونية أو التحول الرقمي العربي، يقول: تشير الدراسات التي أعددناها في مجلس الوحدة الاقتصادية إلى أن هناك مجموعة من التحديات، وأكبرها الاستقرار الأمني، وإفرازات الواقع السياسي في المنطقة العربية، واتجاه كثير من الدول، لتوجيه موازناتها للدعم بدلاً من التنمية. كما أن كثيراً من الدول العربية ما زالت مرتكزة على الاقتصادات الريعية، والقائمة على تجارة المواد البسيطة والمعادن والنفط والمنتجات الزراعية، من دون إضافة قيمة صناعية، وقد يكون ذلك سبباً واضحاً في تدني حجم الاستثمارات الموجهة للتنمية المستدامة في الاقتصاد الرقمي، بل سبباً في افتقار الدول العربية إلى المعرفة والخبرات الضرورية، لتحقيق عمليات التحول والانتقال إلى مستويات تطبيقية جديدة.
كما أن من اللافت تراجع مستويات اكتمال البنية التحتية التكنولوجية وتطورها من دولة عربية وأخرى، وهو من أهم الأسباب التي تجعل مساعي تطوير الاقتصاد الرقمي أمراً صعباً، فسرعات الاتصال وسهولته وانخفاض كلفته، أهم عناصر دعمه، وتمثل الشرايين للجسد. ثم يأتي التحدي المرتبط بضعف شبكة المواصلات العربية التي لها تأثيراتها السلبية في التجارة البينية العربية، رغم أنها دول متجاورة؛ ولنتخيل لو ارتبطت الدول العربية بخطوط سكك حديدية وقطارات، فيمكن أن ينتج عنه تحقيق حلم «السوق العربي المشترك» وهو ما يعد دافعاً رئيسياً في دعم التنمية الاقتصادية والتكامل الاقتصادي العربي.
وعن مدى إسهام الاقتصاد الرقمي، في الناتج القومي للدول العربية، قال: لا توجد إحصاءات دقيقة عن الاقتصاد الرقمي العربي، رغم وجود بعض المعلومات التي تنشرها المؤسسات العربية على المواقع الإلكترونية، ويسعى المجلس إلى وضع مؤشر، ضمن محاور تمكين التنافسية العربية الإقليمية والدولية في المستقبل القريب. ووفق بعض الدراسات التي نعدها في مجلس الوحدة، يمكن القول إن إسهام الاقتصاد الرقمي في الناتج القومي العربي بين 1% و4%، وتتصدر الإمارات القائمة.
ودولياً، فإن إسهام الاقتصاد الرقمي في الاقتصادات المتقدمة، متوسطه 18.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي - الذي يراوح بين 35٪ و10٪، في الاقتصادات النامية، مع نطاق يراوح بين 19٪ و 2 ٪. وتمتلك الولايات المتحدة أكبر اقتصاد رقمي بنسبة 35٪. وأشير إلى ما أعلنته شركة «أبل» عن تخطي قيمتها السوقية تريليون دولار، وهو ما يمثل نصف إجمالي الناتج العربي، وهناك تباينات دولية في هذه النسب، والسبب طريقة حساب المؤشر، وتختلف بين حساب القيمة المضافة، نتيجة لتوظيف الاقتصاد الرقمي، أو النظر لإجمالي الاقتصاد المتأثر بتكنولوجيا المعلومات والإنترنت.
وعن دور الاقتصاد الرقمي، في ترشيد النفقات الحكومية، ذكر أنه ينطوي على أساس مهم، وهو إعادة هندسة الإجراءات الحكومية، لجعلها أكثر ذكاء وسرعة وسهولة.
وبخصوص إسهام التحول الرقمي في زيادة أعداد البطالة، بإلغاء وظائف كثيرة، قال إن الرجوع للتاريخ الحديث منذ ظهور الآلة وما تبعها من أتمتة، سيظهر الكثير من الوظائف التي اختفت بالتدريج أو ندرت أو قلت الحاجة إليها.
وأضاف: الأمر لا يرتبط بالتحول الرقمي ولن يقف عنده، ستتطور الميكنة وستترابط الآلة مع الحوسبة الرقمية الذكية، وستلتحم العلوم بعضها ببعض، وسنرى علوماً تطبيقية متقدمة، مثل تقنية «النانو»، تتداخل مع علوم الحاسبات الإلكترونية، وغير ذلك الكثير. ومن المؤكد أن عصر الثورة الصناعية الرابعة سيخلق مهناً ووظائف جديدة.
ويضيف: في المنطقة العربية، اليوم، ليس أقل من ربع مليون شاب يعملون على شركات مثل «أوبر» و«كريم»، وهو مثال على نظام الاقتصاد التشاركي الذي جاء نتيجة لتطبيقات الاقتصاد الرقمي. ووفقاً لدراسة لجامعة «أكسفورد»، فإن 47% من الوظائف في الدول النامية، سوف تختفي في السنوات الخمس والعشرين المقبلة، وتبدو حكومات العالم غير مستعدة. ودراسة أخرى لشركة «ماكينزي» في 46 دولة، أشارت إلى أن خمس سكان الأرض، سيتأثرون بالتكنولوجيا الرقمية، وأكثر من 800 مليون وظيفة سوف تختفي بحلول 2030.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"