عادي
العاصفة المتوسطة تولد طاقة تعادل محطة نووية صغيرة

البرق أحدث وسائل الطاقة النظيفة

04:34 صباحا
قراءة 5 دقائق

لا تتوقف جهود العلماء في محاولة اكتشاف الطاقة الخضراء لإنقاذ كوكب الأرض من كارثة الاحتباس الحراري التي تهدد مستقبل التنوع البيولوجي في العالم شرقه وغربه، إضافة إلى ارتفاع نسبة حدوث الكوارث الطبيعية مابين أعاصير وفيضانات في مكان إلى جفاف في مكان آخر، وبعد تطوير مراكز أبحاث عالمية عدة تقنيات لتوليد الطاقة من مجالات جديدة مختلفة أهمها حركة المد والجزر بالمحيطات، لفت عالم الكيمياء البرازيلي فيرناندو غاليمبك الأستاذ في جامعة كامبيناس إلى مصدر متجدد ورخيص وصديق للبيئة وهى الشحنات الكهربية الصغيرة الموجودة بشكل طبيعي في الصواعق أو جزيئات المياه المنتشرة في الجو بسبب الرطوبة .

شارك غاليمبك في المؤتمر الأمريكي لعلماء الكيمياء بمدينة نيوجيرسى مطلع العام بمسودة ابتكار لمشروع عبارة عن جهاز صغير يثبت على أسطح المنازل مخصص لجمع الكهرباء من جزيئات المياه الموجودة في الجو، منطلقاً من إحصائية لمركز أبحاث المناخ التابع للأمم المتحدة التي أشارت إلى أن العالم يشهد 44 ألف عاصفة رعدية و8 ملايين وميض برقي، المتوسط منها قادر على تشغيل محطة توليد كهرباء كبرى .

أثبتت دراسة غاليمبك إن جزيئات المياه الموجودة في الجو تحمل شحنات كهربية صغيرة نتيجة احتكاكها بجزيئات الغبار التي تتحرك بشكل دائم بفعل حركة الهواء . وانه بقياس هذه الشحنات في ذرات الغبار من مادتي السيلكا وفوسفات الألمونيوم المتوفرتين في الجو بكثرة فإن مستويات شحنهما تتزايد إذا كانا في أجواء رطبة، مايؤكد إن وجود الكهرباء في جزيئات المياه . وقدم تصميماً لجهاز يمكنه جمع هذه الشحنات الكهربية من جزيئات المياه المتطايرة بالمناطق الرطبة مثل الدول الاستوائية، ويعكف حالياً على اختبار أنواع من المعادن لمعرفة المناسب منها لتقل طاقة تلك الجزيئات من الجو وتخزينها، كما أضاف أن بوسع الأجهزة التي ستصنع لجمع تلك الشحنات العمل في المناطق غير الرطبة التي تشهد عواصف رعدية إذ إنها ستقوم بجمع الشحنات التي تتركها الصواعق في الجو واستخدامها في المنازل .

ولا تزال بداية تكوين البرق موضع جدال بين العلماء الذين درسوا الأسباب الجذرية لتكونه ابتداء من اضطراب الغلاف الجوى (كالرياح والرطوبة والضغط الجوى) وحتى تأثير الرياح الشمسية وتراكم الجزيئات الشمسية المشحونة بطاقة الشمس .

بينما اقترحت دراسة حديثة إن الجليد المتراكم داخل الغيوم قد يكون العنصر الرئيس في تطور البرق، ويمكن أن يتسبب بالفصل القسرى بين الشحنات الموجبة والسالبة في السحابة ما يساعد على تكوين البرق .

واستعرض تقرير علمي نشرته صفحة Meterology الأرصاد الجوية بملحق بصحيفة THE OBSERVER الأفكار العلمية السابقة منذ عقود طويلة والتي طرحت فكرة الحصول على الطاقة الكهربية من العواصف الرعدية، وكانت أولاها محاولة بنيامين فرانكلين عام 1752 التي سعى خلالها لاختبار نظرية تشابه الشرر الذي يتشارك في بعض الشبه مع البرق باستخدام طائرة ورقية تحلق وصف العواصف الرعدية . ومن أعلى برج كان تحت الإنشاء في فيلادلفيا رفع الطائرة الورقية بمساعدة ابنه وثبت بطرفها مفتاحاً ربطه مع صندوق بريد عن طريق خيط حريري، ومع مرور الوقت لاحظ فرانكلين الألياف التي تم خسارتها تتمدد إلى خارج الخيط، ثم جلب يده بقرب المفتاح ونتج عنه شراره كهربية، واستنتج وقتها إن الأمطار التي سقطت خلال العاصفة أضعفت الخيط وجعلته موصلاً جيداً للكهرباء .

ولم يكن فرانكلين أول من قام بتجربة الطائرة الورقية، إذ سبق الفرنسيان توماس فرانسوا ديلابارد وديلورس واجرياها في مارلى لا فيل لكنها لم تتوصل إلى نتائجه .

وبعد انتشار أخبار التجربة وتفاصيلها التي كانت سبقاً علمياً بوقتها حاول كثير من العلماء تجربتها لكن إجراء التجارب أثناء البرق كان خطراً كبيراً وتسبب في وفاة البروفيسور جورج ريتشمان في سانت بيتسبيرغ الروسية الذي استعد لإجراء التجربة في كلية العلوم مستخدماً نفس أدوات فرانكلين إلا إن كرة البرق اصطدمت برأسه وأردته قتيلاً .

وعلى الرغم من إن التجارب أثبتت بعد ذلك إن البرق يقوم بتفريغ الكهرباء الساكنة، إلا أنه لم يحدث تطور كبير في دراسات الباحثين بعد ذلك لمدة تصل إلى قرن ونصف، حتى اهتم باحثون مطلع 1900 باكتشاف الجديد في مجالات هندسة الطاقة بعد ابتكار خطوط نقل الطاقة الكهربية وتحقيق المهندس البريطاني نيكولا تيسلا برق اصطناعي عن طريق استخدام ملف تسيلا الكبير .

بعد ذلك اتجهت الدراسات إلى البحث في ماهية البرق وتفسير أسباب حدوث الظاهرة الطبيعية أكثر من البحث عن كيفية توليد الكهرباء منه، حتى تم الاتفاق على تعريف علمي للبرق على أنه الضوء المبهر الناتج عن تصادم سحابتين إحداهما تحمل شحنة كهربية سالبة والأخرى موجبة وينتج عن التصادم شرارة قوية تظهر ثم تختفي ويعقب الضوء صوت عال يسمى الرعد .وتصل سرعة البرق إلى 300 كيلومتر بالثانية بينما علينا انتظار سماع الصوت بعدها بعدة دقائق لأن سرعته لا تتعدى 340 متراً، وعليه إذا كان نطاق العاصفة الرعدية 10 كيلومترات فهذا يعنى أن علينا الانتظار 29 ثانية حتى يعقب الرعد حدوث البرق .

وبحث البروفيسور ريتشارد بريل من جامعة هونولولو أسباب التفاوت علمياً بين حدوث ظاهرتي البرق ثم الرعد، وتوصل إلى أنه مع تدفق التيار الكهربي تزداد سخونة الهواء المحيط بالتيار المضيء وتزداد سرعة سريانه تماماً كأنه انفجار مدو من الحرارة والضوء ينتج عنه قناة فارغة نسبياً تسير جنباً إلى جنب من المقاومة المتبوعة بالضوء المنتشر في طبقات الجو، ومع سرعة تمدد الهواء الموجود في تلك القناة الفارغة ينشىء الهواء قصفاً بسبب تصادم الشحنات الكهربية الإيجابية والسلبية ينتج ضوء يصل إلينا في أجزاء من الثانية بينما يتأخر الصوت .

وطور عالم الفيزياء الألماني دينير مولر هيلبراند نظرية عرفت الشحن الكهربائي، طورها فيما بعد الباحثان جون لاثام وجون ماسون من جامعة مانشيستر البريطانية، وأحدث من عمل عليها كان الباحثان الكسندر غورفيتش من الأكاديمية الروسية للعلوم بموسكو، واناتولى كارشتين من معهد أبحاث علوم الإشعاع في نوفجورد اللذين توصلا إلى نظرية يطلق عليها هروب الانكسار واقترحت إن صعقات البرق تطلق بواسطة أشعة كونية والتي تقوم بتأيين الذرات، ما يصدر عنه الكترونات تتسارع بواسطة الحقول الكهربية، وعندما تتأين جزيئات الهواء يجعله موصل للكهرباء عندها تبدأ الشرارة الأولى لصاعقة البرق .

وحديثاً درس الباحث جوزيف دوير من معهد فلوريدا لأبحاث تكنولوجيا البرق ظاهرة التفريغ الكهربي البرقى ويعتمد على فرضية أساسية وهى أهمية وجود الجليد في الطبقات العليا من السحب حتى تنشأ العاصفة الرعدية، وتوصل إلى إن انتقال الشحنة الكهربية الموجبة أو السالبة من منطقة السحابة إلى منطقة أخرى أو بين السحابة والأرض، وتحدث السحب الرعدية المعتدلة بضع ومضات في الدقيقة وتنتج طاقة تساوى بضع مئات من الميجاواط وهو ما يعادل قدرة محطة نووية صغيرة لتوليد الطاقة الكهربية .

أما العاصفة الرعدية القوية فيبلغ معدل الطاقة المنبعثة منها نحو 000 .000 .10 كيلو واط/ ساعة وهو ما يعادل رأساً نووياً قوته 20 طناً .

الصواعق والكائنات البحرية

أشارت تقارير عدة أصدرتها وكالة ناسا للفضاء إلى أن سلسلة الأعاصير والبرق حول الكرة الأرضية تحدث في اليابسة فقط بالرغم من أن المساحة الأكبر للكرة الأرضية تشغلها المسطحات المائية . ويرجع السبب في ذلك إلى أن الصاعقة تبحث غالباً عن أقصر مسار وتمثل اليابسة المسار الأقصر كونها أعلى ارتفاعاً عن مستوى سطح البحر وهذا يفسر سبب ندرة حدوث صواعق للكائنات البحرية التي تبقى على قيد الحياة حتى مع ضرب الصاعقة سطح الماء لعدم قدرة البرق على اختراق السطح المائي لمسافات أعمق حيث تختبىء هذه الكائنات .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"