عادي
رفوف إماراتية

«كله أزرق» ..الشعر في عزلة التفاح

00:55 صباحا
قراءة 3 دقائق
يكتبها: يوسف أبولوز

«ليس التفاح

لا الريحان
ولا العنب الأبيض
لا السوسن الصافي
ولا البحر على شرفة الصمت
أعرف بالضبط
أنني يوماً
سألفظ أوجاعي كباقي أشعة الشمس
في وضح النهار».

يمكن لمراقب ثقافي للساحة الأدبية الإماراتية القول إن «التاريخ الرسمي» لولادة قصيدة النثر في الإمارات هو مع النصف الثاني من ثمانينات القرن العشرين، أما في السبعينات، فلم تكن هذه القصيدة قد سجلت حضوراً لافتاً كما هو الأمر في التسعينات على سبيل المثال حيث ظهرت جماعات شعرية مثل «النوارس» اعتمدت على نفسها في ما يمكن أن يسمى وضع الحجر الأول لهذه القصيدة في المشهد المحلي، وعلينا أن نلاحظ أن قصيدة النثر العربية بشكل عام قد بدأت في تكريس هويتها الأدبية على نحو ملحوظ في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
في الإمارات علينا أن ننتبه جيداً إلى التجربة الصحفية الثقافية لمحمد الماغوط في صحيفة «الخليج» السباقة إلى إصدار محلق ثقافي تولى رئاسته الماغوط في أوائل ثمانينات القرن الماضي، وكان اسم صاحب «حزن في ضوء القمر» الذي صدر في عام 1959، وتلاه مجموعة «غرفة بملايين الجدران» في عام 1960، ليتوقف عشر سنوات بعد هذه المجموعة ليصدر في عام 1970 مجموعة «الفرح ليس مهنتي».. قد ملأ الساحات الثقافية العربية سجالاً شرساً أحياناً خصوصاً من جانب الشعراء الخليليين، وبكلمة ثانية، إن مجيء الماغوط إلى الإمارات، وحضوره في ساحتها الثقافية شكل نوعاً من الدفع المعنوي لشعراء قصيدة النثر ليس في الإمارات وحدها، بل، في منطقة الخليج العربي عامة.
سيظهر في الإمارات شعراء وشاعرات كتبوا قصيدة النثر: ظبية خميس، نجوم الغانم، خالد البدور، ثاني السويدي، عادل خزام، وغيرهم.
«حبيب الصايغ كتب قصيدة النثر إلى جانب قصيدة التفعيلة إلى جانب القصيدة العمودية وله السبق والريادة في هذا التنوع الشعري الغزير».. ومن هذه الكوكبة يظهر الشاعر خالد الراشد.
يحمل خالد الراشد درجة البكالوريوس في الإعلام وفي اللغة العربية، ويعيش الراشد منذ سنوات حياة شعرية بالفعل لا بالكلام، أو الأصح أنه يعيش الشعر كاملاً، صافياً، بروح ممتلئة بالعالم والحياة. أنه يعيش وحيداً، كما جاء على ظهر كتابه «كله أزرق» في الهيمالايا مقره فيها بين أشجار التفاح على جبل، وسعيداً يجول العالم.
قصائد مجموعة «كله أزرق» كتبت خلال 25 عاماً، وتتألف من 41 نصاً كلها قائمة على قصيدة النثر، والأهم من ذلك أن هذه النصوص قائمة في الأساس على (قلب) خالد الراشد ووجدانه وأسئلته النفسية والوجودية الداخلية. نصوص تخاطب الشاعر الذي بدوره يخاطب ذاته، ويخاطب العالم كما يعيش.. وحيداً، بين أشجار الكلام الذي يشبه الصمت.
شعر خالد الراشد هو شعر الهواء، شعر البيت، شعر الحنان، والسلام.. لا يكتب خالد الراشد بضوضاء وضجة، لا يكتب ببهرجة ومهرجانية وزخارف لغوية (خاوية).. يكتب بامتلاء ومحبة عميقة للشعر بلا تنظير، وبلا مقدمات. يعيش الحياة.. حياته ويكتبها بأناة وتمهل وعشق مضاعف للأشياء البسيطة الصغيرة حوله وفي مجاله الإنساني.
يقول في قصيدة بعنوان «في المرآة»:

«أطلق سراحك في روحي
تطيرين مع الحمام
غمامة في غمامة
بيضاء وبيضاء
مثل الكلام
البرق على يمينك
وعلى وجهك السلام».

من الجدير بالذكر أن نتوقف عند الكثير من النماذج الشعرية التي تعكس مزاج هذا الشاعر المسكون بالرقة والمحبة والشفافية، وكل ذلك ينعكس في مرايا قصائده.
41 نصاً على مدى 25 عاماً.. أي إنه يكتب ببطء لكن بقوة وتركيز يعمل نوعاً من مصفاة وجدانية وإنسانية لشعره المفعم بالمحبة والآدمية.

الكتاب: كله أزرق (شعر)
المؤلف: خالد الراشد
الناشر: وزارة الثقافة وتنمية المعرفة بالتعاون مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات
(الطبعة الأولى 2007).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"