عادي

ثوابت ومتغيرات الدساتير السورية من 1920 إلى 1971

05:11 صباحا
قراءة 14 دقيقة

شهدت الدولة في سوريا منذ بدايات تأسيسها عمليات فك وتركيب بفعل مؤثرات خارجية عدة وعوامل داخلية ذات صلة ببنية المجتمع السوري المكون من خليط سكاني متعدد العناصر والأصول القومية من عربية وآرامية وكردية وأرمنية وشركسية وتركية . . . إلخ، ومذاهب وأديان مختلفة . فمدينة حلب على سبيل المثال، تُعد المدينة الوحيدة في العالم التي يوجد فيها 11 طائفة مسيحية (الروم الأرثوذكس، الروم الكاثوليك، الأرمن الأرثوذكس، الأرمن الكاثوليك، السريان الكاثوليك، السريان الأرثوذكس، المارونية، الكلدانية والطائفة الإنجيلية الأرمينية، الإنجيلية العربية، اللاتين) . فضلاً عن أن أغلبية مسلمي حلب هم من أهل السنة على المذهبين الحنفي والشافعي . وفي جوارها ستة مراكز شيعية جعفرية، إسماعيلية، علوية، وبعض القرى الدرزية .

تأثر الخليط السكاني في محاولات صياغة عقد اجتماعي، بتطورات أحداث سياسية داخلية منها: قيام المملكة السورية عام ،1920 وعهد الاحتلال الفرنسي لسوريا . ومرحلة الانقلابات العسكرية، وعهد الوحدة مع مصر وفترة حكم الانفصاليين . والعهد البعثي بتقلباته من: 8/3/1963 مروراً بحركة 23/2/،1966 وحركة التصحيح 16/11/1970 وصولاً إلى عام 2011 .

الدستور الملكي

أعلن المؤتمر السوري في 8 مارس/ آذار 1920 استقلال سوريا بحدودها الطبيعية، تعبيراً عن إرادة الشعب والحركة القومية العربية، ورفض المؤتمر التدخل الأجنبي ووعد بلفور والانتداب، ووضع دستورا مؤقتا لسوريا سمي القانون الأساسي .

وانبثق عن المؤتمر لجنة مؤلفة من عشرين عضواً برئاسة هاشم الأتاسي، قامت بوضع مشروع دستور مؤلف من 147 مادة، عرضه على المؤتمر الذي أقر عدة مواد في 13 يوليو/ تموز 1920 . إلا أن ذلك الدستور لم ير النور، حيث تعطلت أعمال المؤتمر مع دخول الجيش الفرنسي إلى دمشق بقيادة الجنرال غورو في 24 يوليو/ تموز ،1920 ومن أهم النقاط التي تضمنها المشروع الذي عرف باسم دستور الملك فيصل : 1- شكل الدولة اتحادي وهناك استقلال ذاتي واسع للمقاطعات (سوريا، لبنان، الأردن وفلسطين) حيث تدار على أساس الحكم الذاتي، ولكل مقاطعة حاكم عام يعينه الملك ومجلس نيابي وحكومة محلية . - نظام الحكم ملكي نيابي . 3- السلطة التنفيذية مسؤولة أمام السلطة التشريعية، حيث الحكومة المركزية المسماة ب الحكومة العامة للمقاطعات السورية) مسؤولة عن أعمالها أمام المجلس النيابي العام . 4- السلطة التشريعية هي المؤتمر المؤلف من مجلسين هما: مجلس النواب الذي ينتخب بالاقتراع العام السري وغير المباشر على درجتين . ومجلس الشيوخ المؤلف من أعضاء نصفهم ينتخبون من قبل نواب المقاطعات، والنصف الثاني يعينهم الملك . 5- ضمان الحريات المدنية والدينية والشخصية بصورة تشبه شرعة حقوق الإنسان والمواطن التي أعلنتها الثورة الفرنسية عام 1789 .

دساتير انتدابية

وفي عهد الانتداب تضمنت المادة الأولى من صك الانتداب الصادر عن الحلفاء في لندن في 24 يوليو/ تموز 1924 إلزام السلطة المنتدبة بأن تضع خلال ثلاث سنوات من بدء الانتداب قانوناً أساسياً لسوريا ولبنان . . . إلخ . وتميزت الفترة الأولى من حكم الفرنسيين بتقسيم سوريا إلى عدة دول تخضع مباشرة للمفوض السامي العسكري .

وبعد تفجر الثورة السورية عام 1925 اضطرت فرنسا إلى تعديل سياستها وبدأ عهد المفوض السامي السياسي . وفي عام 1928 جرت أول انتخابات عامة، حيث تم انتخاب الجمعية التأسيسية المؤلفة من 67 عضواً برئاسة هاشم الأتاسي والتي انتخبت بدورها لجنة دستورية مؤلفة من 27 نائباً، فقامت بوضع مشروع دستور، تم عرضه على الجمعية التأسيسية لإقراره، إلا أن المفوض السامي بونسو عطل أعمال الجمعية التأسيسية بعد رفضها إلغاء بعض مواد المشروع التي لم تعجب الحكومة الفرنسية، ثم قام بحلها نهائياً .

وفي مايو/ أيار 1930 أعلن المفوض السامي دستوراً على أساس مشروع الدستور السابق مع بعض التعديلات، وإضافة المادة 116 التي أعطت امتيازات كبيرة لسلطة الانتداب . وفي الوقت نفسه أعلن دساتير كل من لبنان، الاسكندرونة، منطقة العلويين، وجبل الدروز .

في عام 1932 جرت انتخابات نيابية بمقتضى الدستور السابق إلا أن المجلس النيابي رفض أن يقسم يمين الإخلاص للدستور بسبب المادة ،116 كما رفض مشروع المعاهدة المقترحة بين فرنسا وسوريا، فقام المفوض السامي بحلّ المجلس وتعطيل الدستور في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1932 .

وفي أواخر عام 1936 جرت انتخابات جديدة للمجلس السوري وأعيد العمل بالدستور وتألفت الحكومة الوطنية الأولى، ولكن وبسبب التدخل الكبير للمفوض السامي في شؤون البلاد، قدم رئيس الجمهورية استقالته إلى المجلس النيابي، فقام المفوض السامي بتعطيل الدستور وحلّ المجلس في 8/7/1939 .

وفي عام 1943 في فترة حكم الجنرال ديغول ونتيجة الظروف الناشئة عن الحرب وضغط الحلفاء، جرت انتخابات نيابية جديدة، وقرر المجلس النيابي إعادة العمل بالدستور بعد إلغاء المادة 116 المتضمنة صلاحيات سلطة الانتداب، وإدخال منطقة العلويين وجبل الدروز في الدولة السورية . ومن أهم النقاط التي تضمنها الدستور: 1- يقيم الدستور دولة بسيطة ذات نظام لحكم جمهوري نيابي، ويستلهم من الدستور الفرنسي لعام 1875 . 2- يكفل الدستور حقوق الطوائف الدينية المختلفة بما فيها إنشاء المدارس لتعليم الأحداث بلغتهم الخاصة وتمثيل الأقليات الطائفية، بالإضافة إلى الحقوق التقليدية للإنسان والمواطن . 3- يتولى مجلس النواب المنتخب من الشعب بالاقتراع العام السري السلطة التشريعية وينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري . 4- مدة ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد انقضاء خمس سنوات على رئاسته .

دساتير الجنرالات

بعد الاستقلال تمكن شكري القوتلي من إقناع البرلمان بتعديل هذه الفقرة من الدستور لإتاحة الفرصة أمامه للترشيح من جديد لدورة رئاسية جديدة، وتمّ له ذلك في 18/4/1948 حيث أصبح يجوز تجديد انتخاب الرئيس مرة واحدة وتم العمل بهذا الدستور إلى 30 مارس/ آذار 1949 حيث جرى الانقلاب العسكري الأول لحسني الزعيم .

وجرى أول انقلاب عسكري في 30/3/1949 بقيادة حسني الزعيم الذي قام بتعطيل الدستور وحلّ البرلمان وحلّ الأحزاب السياسية، وتولي السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإجراء استفتاء شعبي لتنصيب رئيس الجمهورية، وتخويله بوضع دستور جديد، وحق إصدار المراسيم التشريعية، إلى أن يتم وضع الدستور الجديد موضع التنفيذ . وجرى الاستفتاء في 25/6/،1949 وأعلن انتخابه رئيساً للجمهورية بالإجماع تقريباً . قام الزعيم بتكليف لجنة مؤلفة من سبعة أعضاء، قامت بوضع مشروع دستور يأخذ بالنظام النيابي، مع طغيان السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية على السلطة التشريعية . ويتضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويتكرر فيه تعبير الأمة والأمة السورية رغم ما نصت عليه المادة الأولى بأن سوريا جمهورية عربية . ووفقاً لذلك المشروع ينتخب رئيس الجمهورية الذي تتجلى فيه شخصية الأمة، بقرار من مجلس النواب بالأكثرية، ومدة ولايته سبع سنوات، ولا يوجد فيه أي اشارة لدين رئيس الدولة خلافاً للدساتير السابقة .

وفي 14/8/1949 حدث الانقلاب العسكري الثاني بقيادة سامي الحناوي، الذي أعطى الحكم لحكومة مدنية، وضعت قانون انتخابات عامة، حيث جرى انتخاب جمعية تأسيسية في 15/11/،1949 أصدرت أحكاماً دستورية مؤقتة، وانتخبت هاشم الأتاسي رئيساً للدولة في 14/12/1949 يتمتع بصلاحيات رئيس الجمهورية وفق دستور 1930 لحين وضع الدستور الجديد .

وبعد خمسة أيام أي في 19/12/1949 قام انقلاب أديب الشيشكلي، الأول واستقال رئيس الدولة ثم تراجع عن الاستقالة، واستمرت الجمعية التأسيسية بالعمل بالدستور، تحت سيطرة فعلية لأديب الشيشكلي، وتم إقرار الدستور الجديد في 5/9/1950 . ومن أهم خصائص الدستور: إقامة نظام جمهوري نيابي، ومدة ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات . والفصل بين السلطات الثلاث مع جعل السلطة التشريعية هي الأولى، وحصر السلطة التنفيذية بمجلس الوزراء، وضمان استقلال القضاء، وإحداث محكمة عليا تراقب دستورية الأنظمة والقوانين، والتوفيق بين ثلاثة اتجاهات تعكس حدة الصراع الاجتماعي والسياسي في سوريا آنذاك وهي: اتجاه قومي، حيث تنص المادة الأولى على أن (الشعب السوري جزء من الأمة العربية) . واتجاه ديني، حيث ينص الدستور على أن دين رئيس الجمهورية الإسلام والفقه الإسلامي هو المصدر الأساسي للتشريع . واتجاه اشتراكي إصلاحي، حيث يعين القانون حداً أعلى لحيازة الأراضي وتشجيع الملكيات الصغيرة والمتوسطة وتشجع الدولة على إنشاء الجمعيات التعاونية .

ولا بد من التذكير بأنه سبق للدكتور الشيخ مصطفى السباعي، نائب رئيس مجلس النواب عام ،1952 أن أعلن رأيه في دستور عام ،1950 العلماني، بقوله: إن التشريع الإسلامي هو تشريع علماني . وإن الإسلام دين رئيس الدولة وليس دين الدولة في سوريا . وللسباعي رسالة في الرد على دعاة فصل الدين عن الدولة دافع فيها عن العلمانية المؤمنة . وفي 2/12/1951 تولى أديب الشيشكلي مهام رئاسة الدولة بعد القيام بانقلابه العسكري الثاني، وقام باعتقال أعضاء الحكومة، فاضطر رئيس الجمهورية إلى الاستقالة، ثم قام بحلّ مجلس النواب . وفي اليوم التالي عهد إلى فوزي سلو بممارسة السلطتين التشريعية والتنفيذية ومهام رئيس الدولة إلى أن تألفت حكومة في 8/6/1952 .

ووضع أديب الشيشكلي مشروع دستور باسم المجلس العسكري الأعلى، وجرى في 10/7/1952 استفتاء عام تمّ بنتيجته تنصيب الشيشكلي رئيساً للجمهورية والموافقة على الدستور الذي يقيم نظاماً رئاسياً، وتمّ انتخاب مجلس نواب على أساسه . وحول الشيشكلي البلاد إلى دكتاتورية عسكرية سمحت للقوى الإقليمية والدولية أن تتدخل في السياسات الداخلية .

وفي 25/2/1954 اضطر الشيشكلي إلى مغادرة البلاد نتيجة اشتداد المقاومة الشعبية ضده، ليصبح أول رئيس سوري يتنحى عن الحكم، وتسلم هاشم الأتاسي رئاسة الدولة واستؤنف العمل بدستور 1950 .

الدستور الناصري

وقعت حكومتا مصر وسوريا في 1/2/1958 اتفاقاً يتضمن أسس الوحدة بين البلدين، أقره مجلسا الشعب في البلدين وتكون من 73 مادة . وفي 5/3/1958 أعلن الرئيس الدستور المؤقت المؤلف من 73 مادة، والذي اتسم بالخصائص التالية:

1- يكرس نهاية النظام النيابي في سوريا، ويقيم نظاماً رئاسياً يعطي رئيس الجمهورية صلاحيات كبيرة، فهو الذي يعين السلطة التشريعية المتمثلة ب مجلس الأمة وله حق حلّه، وهو الذي يعين نواب الرئيس والوزراء ويعفيهم من مناصبهم، ويضع السياسة العامة ويصدر القوانين . . . إلخ . 2- يستبعد الدستور تعدد الأحزاب وينص على أن المواطنين يكونون (اتحاداً قومياً) . 3- وينص الدستور على أن المجتمع يقوم على التضامن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، ويتبنى التخطيط الاقتصادي والاجتماعي . وكان من أبرز الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة:

مادة 6- العدالة الاجتماعية أساس الضرائب والتكاليف العامة .

مادة 7- المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة .

مادة 10- الحريات العامة مكفولة في حدود القانون .

مادة 38- لرئيس الجمهورية حق حل مجلس الأمة، فإذا حل المجلس وجب تشكيل المجلس الجديد ودعوته للانعقاد خلال ستين يوماً من تاريخ الحل .

مادة 45- لا يجوز لرئيس الجمهورية في أثناء مدة رئاسته أن يزاول مهنة حرة، أو عملاً تجارياً أو مالياً أو صناعياً، أو أن يشتري أو يستأجر شيئاً من أموال الدولة، أو أن يبيعها أو يؤجرها شيئاً من أمواله، أو أن يقاضيها عليه .

الجمهورية العربية السورية بديلاً للسورية

وفي 28/9/1961 قام انقلاب عسكري في سوريا بقيادة عبدالكريم النحلاوي، أدى إلى قيام الانفصال، وتكليف حكومة مدنية قامت بوضع دستور مؤقت وافق عليه الشعب السوري بالاستفتاء الذي جرى في 1و2/12/،1961 وقام بانتخاب المجلس التأسيسي والنيابي، ومهمته الأولى وضع دستور دائم، حيث قام هذا المجلس بانتخاب د . ناظم القدسي رئيساً للجمهورية . وأقر إعادة تطبيق دستور 1950 مع بعض التعديلات وأهمها: تعديل تسمية الجمهورية من الجمهورية السورية إلى الجمهورية العربية السورية . تخويل رئيس الجمهورية بحق حل المجلس النيابي . منح السلطة التنفيذية، ممثلة بمجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية، صلاحيات إصدار مراسيم تشريعية .

الدساتير البعثية

في 8/3/ 1963 حدث انقلاب عسكري بقيادة ضباط حزب البعث (أعضاء اللجنة العسكرية السرية) بالتحالف مع الناصريين وبعض الضباط المستقلين، أطاح بحكومة الانفصال، ووضع السلطة بيد المجلس الوطني لقيادة الثورة الذي أعلن حالة الطوارئ والأحكام العرفية .

وبعد سنة من انقلاب 8/3/،1963 شهدت خلالها البلاد اضطرابات عديدة نتيجة الصراع على السلطة واضطرابات ومظاهرات شهدتها المدن السورية، وبعد أحداث حماة الدامية في إبريل/ نيسان ،1964 تم قمع تحرك الإخوان المسلمين بعنف شديد من قبل الجيش بأمر من أمين الحافظ . وأعد على عجل في 25/4/1964 دستور جديد من أهم ما تضمنه: مبدأ قيادة الحزب الواحد، وتكريس مبدأ القيادة الجماعية في الحكم، بتقسيمه إلى وظيفتين أو سلطتين: الإدارية يتولاها مجلس الوزراء، وصفته إدارية بحتة، ولا يملك أي مبادرة حقيقية . والسياسية ويتولاها مجلسان:

1- المجلس الوطني للثورة: الذي يتولى السلطة التشريعية، ويراقب أعمال السلطة التنفيذية .

2- مجلس الرئاسة الذي ينتخب أعضاءه ورئيسه من بين أعضاء المجلس الوطني، وهو مسؤول أمامه عن جميع أوجه نشاطه، وهو يمارس السلطة التنفيذية مع مجلس الوزراء . ويضع السياسة الداخلية والخارجية . ويعين الوزراء ويقيلهم ويوجههم ويشرف على عملهم وله حق تعديل وإلغاء قراراتهم .

وأطاحت حركة 23 فبراير/ شباط 1966 الحكومة التي عينتها القيادة القومية، بعد قرارها بحل القيادة القطرية . وتم إيقاف العمل بالدستور السابق بقرار القيادة القطرية رقم (1) . أما قرار القيادة القطرية رقم (2) وهو بمثابة الدستور، فقد أعاد إقرار مبادئ القيادة القطرية في مارس/ آذار 1965 . حيث تم توزيع السلطة بين:

1- السلطة السياسية وتمثلها القيادة القطرية نفسها (في دستور 1964 كان يمثلها مجلس قيادة الثورة)، وهي التي تعين رئيس الدولة ورئيس الوزراء والوزراء، ولها قبول استقالتهم وإقالتهم .

2- السلطة الإدارية ويمثلها رئيس الدولة ومجلس الوزراء، وهي تساهم في التشريع حيث تصدر المراسيم التشريعية بتوقيع رئيس الدولة بعد إقرارها في مجلس الوزراء .

وكان رئيس الدولة أي الأمين العام للقيادة القطرية، في منزلة صلة الوصل بين السلطتين السياسية والإدارية، وقد عين الدكتور نور الدين الأتاسي رئيساً للدولة .

وفي أواخر مارس/ آذار 1969 عقد المؤتمر القطري الرابع الاستثنائي لحزب البعث العربي الاشتراكي، وقرر إصدار دستور مؤقت لحين إصدار دستور دائم من قبل مجلس شعب منتخب على مستوى القطر يمارس دور التشريع . وقد صدر الدستور المؤقت في 1/5/1969 .

الدستور الدائم

أذيع في 16/11/1970 بيان استلام حافظ الأسد للسلطة حيث تسلم منصب رئيس الوزراء، وعيّن أحمد الخطيب في منصب رئيس الدولة . كما عيّن قيادة قطرية مؤقتة لحزب البعث أصدرت لاحقاً الدستور المؤقت لعام 1971 وهو دستور 1969 نفسه بعد إدخال تعديلات عليه بالمرسوم 141 تاريخ 19/2/1971 . كما قامت بتعيين 173 عضواً ل (مجلس شعب) كلف بوضع الدستور الدائم . وفي 12/3/1971 أجري استفتاء شعبي أصبح بنتيجته حافظ الأسد رئيساً للجمهورية .

وقد وضع الدستور الجديد على أساس دستور 1971 وجاء مشابهاً له في الأمور الأساسية مع بعض التعديلات والإضافات . وتكون من مقدمة وأربعة أبواب ينقسم كل منها إلى فصول عدة، تتضمن 156 مادة .

ونصت المادة 1 من الدستور على أن الجمهورية العربية السورية دولة ديمقراطية شعبية واشتراكية ذات سيادة لا يجوز التنازل عن أي جزء من أراضيها وهي عضو في دولة اتحاد الجمهوريات العربية . وعرفت المادة الثانية 1- نظام الحكم في القطر العربي السوري نظام جمهوري . 2- السيادة للشعب ويمارسها على الوجه المبين في الدستور .

ونصت المادة 3 على أن 1- دين رئيس الجمهورية الإسلام . 2- الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع .

أما المادة 8 فنصت على أن حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية .

وأشارت المادة 11 إلى أن القوات المسلحة ومنظمات الدفاع الأخرى مسؤولة عن سلامة أرض الوطن وحماية أهداف الثورة في الوحدة والحرية والاشتراكية .

ونصت المادة 25 على الآتي: 1- الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم . 2- سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة . 3- المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات . 4- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين . فيما نصت المادة 35 على التالي: 1- حرية الاعتقاد مصونة وتحترم الدولة جميع الأديان . 2- تكفل الدولة حرية القيام بجميع الشعائر الدينية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام . وأكدت المادة 38 على أنه لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى وأن يسهم في الرقابة والنقد البناء بما يضمن سلامة البناء الوطني والقومي ويدعم النظام الاشتراكي وتكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر وفقاً للقانون .

وأباحت المادة 39 للمواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً في إطار مبادئ الدستور وينظم القانون ممارسة هذا الحق .

ونصت المادة 58 على أنه 1- تجري الانتخابات خلال الأيام التسعين التي تلي تاريخ انتهاء مدة مجلس الشعب . 2- يعود المجلس إلى الانعقاد حكماً إذا لم ينتخب غيره ويجتمع بعد انقضاء التسعين يوماً ويبقى قائماً حتى يتم انتخاب مجلس جديد .

وأفادت المادة 83 أنه يشترط في من يرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون عربياً سورياً متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية متماً الرابعة والثلاثين عاماً من عمره . (معدلة بموجب القانون رقم 9 تاريخ 11/6/،2000 وكان يشترط بالمرشح للرئاسة أن لا يقل عمره عن 40 عاماً) .

وتشير المادة 122 إلى أنه عند انتهاء ولاية رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن القيام بمهامه لأي سبب كان يستمر مجلس الوزراء بتسيير أعمال الحكومة ريثما يسمي رئيس الجمهورية الجديد الوزارة الجديدة . أما المادة 154 فتشير إلى أنه تنتهي مدة ولاية رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء سبع سنوات ميلادية من تاريخ إعلان انتخابه رئيسا للجمهورية العربية السورية .

ونصت المادة 149 على التالي: 1- لرئيس الجمهورية كما لثلث أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح تعديل الدستور . 2- يتضمن اقتراح التعديل النصوص المراد تعديلها والأسباب الموجبة لذلك . 3- يشكل مجلس الشعب فور ورود اقتراح التعديل إليه لجنة خاصة لبحثه . 4- يناقش المجلس اقتراح التعديل فإذا أقره بأكثرية ثلاثة أرباع أعضائه اعتبر التعديل نهائياً شريطة اقترانه بموافقة رئيس الجمهورية وأدخل في صلب الدستور .

الدستور البديل

في محاولة لتجاوز الأزمة الراهنة في سوريا وضعت هيئة التنسيق الوطني الديمقراطي في سوريا وثيقة للمبادئ الدستورية لإرساء نظام جمهوري جديد على أسس من أبرزها: المادة 2 ونصت على أن الشعب هو مصدر الشرعية والسيادة التي تتحقّق من خلال نظامٍ جمهوري ديمقراطي مدنيّ تعدّدي، يسود فيه القانون ويقوم على المؤسسات . ولا يجوز فيه الاستئثار بالسلطة أو توريثها بأيّ شكلٍ كان . والمادة 3 التي نصت على التالي: تنبنى الدولة السورية على أساس المساواة التامّة في المواطنة وفي الحقوق والواجبات لجميع أبنائها، لا سيّما المساواة المطلقة بين الرجال والنساء، دون أيّ تمييز من أيّ نوع، سواء أكان ذلك بسب الأصل أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الإثنيّة أو الرأي السياسي أو الدين أو المذهب، على أساس الشعار التأسيسي للجمهورية الأولى: الدين لله والوطن للجميع . والمادة 5 وورد فيها: تكفل الدولة السورية الحريات العامّة، بما فيها حرية المعلومة والإعلام، وتشكيل الجمعيات الأهلية والنقابات والأحزاب السياسية، وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، وحرية التظاهر والإضراب السلميين . وتضع قواعد لضمان هذه الحريّات من هيمنة عالم المال أو السلطة السياسية، ولاحترام التنوّع المجتمعي وحرية الرأي والاعتقاد .

ونصت المادة 10 على التالي: تقوم الدولة السورية على الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وعلى مبدأ التداول على السلطة عبر الانتخاب السرّي والحرّ . والمادة 11: الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية الضامنة للسيادة الشعبيّة والكرامة والحريات العامّة، وهو عماد الدولة ومعين الوحدة الوطنية، يصون الأمن القومي ومبادئ الدستور ولا يتدخّل في الحياة السياسية .

ونصت المادة 12 على التالي: يقرّ دستور جديد أسس النظام الديمقراطي التعدّدي والنظام الانتخابي، بحيث يضمن حق تمثيل كافّة أطياف الشعب السوري في السلطة التشريعيّة وكافّة المناطق، ويكفل حق تواجد كلّ التيارات الفكرية والسياسية، دون هيمنة أحدها، ضمن قواعد تؤمّن استقرار النظام البرلماني والتداول على الأغلبية من خلال الاقتراع العام، وتضبط بشكلٍ دقيق الموارد المالية وإنفاق الأحزاب السياسية . والمادة 13 وورد فيها: يصون رئيس الدولة الدستور والأمن القومي ومبدأ الفصل بين السلطات . يتمّ انتخابه بالاقتراع العام المباشر، ولا يجوز تمديد مهمّته لأكثر من دورتين مدّة كلّ منها أربع سنوات . وورد في المادة 14: يمثّل رئيس الوزراء الأغلبية النيابية ويتحمّل مسؤولية السلطة التنفيذية أمام الشعب الممثّل ببرلمانه، ولكلّ وزير في الوزارة كامل الصلاحيات في إدارة شؤون وزارته، ضمن إطار البيان الوزاري الذي يخضع لثقة البرلمان .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"