عادي

ابن عبد ربه

01:41 صباحا
قراءة دقيقتين
محمدو لحبيب
يعد ابن عبد ربه الأندلسي، صاحب كتاب «العقد الفريد» من أبرز من كتبوا في عصره في الأدب والنقد بأسلوب مستظرف، زاخر بالحكمة ومرصع بعذب الشعر وجماله.
ولد الفقيه والأديب أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه في 10 رمضان 246 ه في قرطبة، التي كانت آنذاك حاضرة العرب والمسلمين الأولى بما ضمت من منجزات حضارية، ومن علوم ومؤلفات كثيرة، ومن تمازج بين الحضارة الإسلامية وحضارة أوروبا القديمة.
ورغم أنه عاش حياة اللهو في الفترة الأولى من حياته، فإنه سرعان ما عدَل مساره ليهتم بالشعر والأدب والفقه ورواية الحديث النبوي الشريف، وامتاز في كل ذلك بسعة الاطلاع وتنوع المصادر، ثم بدأ بعد تلك الفترة التي قضاها متعلماً، يكتب الشعر في المواعظ والزهد وأبدع مجموعة أشعار سمّاها «الممحصات»، وربما كانت نوعاً من رد الفعل الثقافي على أشعاره التي كتبها في بداية حياته، والتي كان طابعها المجون واللهو والغزل.
وكان يتكسب من الشعر أحياناً بمدحه للأمراء، فعُدّ بذلك أحد الذين أثروا بأدبهم بعد الفقر، كما كان من الرواد في نشر فن الموشحات الأندلسية المشهورة، إلا أن أعظم أعماله وأكثرها انتشاراً، وارتباطاً باسمه وربما تعريفاً له هو كتابه المشار إليه آنفاً «العقد الفريد»، الذي يعد موسوعة ثقافية تبين أحوال الحضارة الإسلامية في عصره، وتناول في أبوابه الخمسة والعشرين عدة موضوعات تتعلق بالسياسة والسلطة، والحروب ومآلاتها، والأمثال والحكم والمواعظ، وأدب المراثي، وكلام الأعراب وخطبهم وأنسابهم وعلومهم وآدابهم وأيامهم، وأخبار أهم الخلفاء والقادة، وقد ضمن كتابه قدراً وافراً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وكثيراً من الأشعار والأخبار التاريخية، وقد تضمّن الكتاب ما يناهز العشرة آلاف بيت من الشعر لأكثر من مئتي شاعر من العصر الجاهلي والأموي والعباسي، وقد نال الكتاب شهرة فريدة وتناوله كثير من النقاد في عصرنا الحالي بالدراسة والتحليل، وتميز فيه ابن عبد ربه لا على مستوى المحتوى، بل حتى على مستوى التبويب، فقد صاغ أبوابه على شكل جواهر تنتظم في تراتبية مدهشة كعقد فريد، فسماها تسمية الجواهر وحددها بتدرجاتها الجمالية، فمن جوهرة فريدة، إلى زبرجدة، إلى جمانة، فمرجانة، فياقوتة وهكذا، توفي ابن عبد ربه في 18 جمادى الأولى 328 ه،، ودُفن في قرطبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"