عادي
بعمولات تصل إلى 7 آلاف درهم

«التنازل».. ينعش بورصة الخدم عبر وسائل التواصل

03:10 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق: عايدة عبد الحميد

ظهرت مؤخراً سوق سوداء لتشغيل العمالة المنزلية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تبث إعلانات التنازل عن «الخادمات» من خلال مواقع التسويق والبيع والشراء، من قبل أشخاص أو مكاتب الاستقدام بالنيابة عنهم، وتصل الأرباح إلى الضعف خلال صفقات تتمثل في سماسرة يفاوضون طرفي الصفقة، حتى يصل إلى السعر الأقل من المخدوم القديم، والأكثر من المستفيد الجديد.
وتشمل إعلانات التنازل مواصفات الخادمة، مثل عمرها وديانتها وقدرتها على التحدث بالعربية، وكفاءتها في التعامل مع الأطفال، بالإضافة إلى كتابة شروط التنازل عنها، وتوضيح أسباب تخلي مالكها السابق عنها، مع تأكيد إمكانية إرسال الخادمة إلى المكان الذي يريده صاحب العمل الجديد أو ما يعرف بتوصيل الخدمة إلى المنازل مع السماح بتجربتها لمدة أسبوع أو أكثر، وتتراوح كلفة نقل كفالة الخادمات حسب الجنسيات من 22 ألف درهم إلى 8 آلاف، وأن عمولة السمسار لا تقل عن 7000 درهم، ويتميز الحصول على خادمة عن الطريق التنازل بسرعة الاستلام، على خلاف مكاتب استقدام العمالة المنزلية.
متابعون يرون ان هذه التجاوزات ستنتهي عندما تباشر وزارة الموارد البشرية والتوطين الاشراف الفعلي على قطاع العمالة المساعدة في الدولة.
وبحسب قرار مجلس الوزراء، فانه من المقرر ان تكون وزارة الموارد البشرية والتوطين قد بدأت بتلقي طلبات استقدام وتشغيل العمالة المساعدة خلال الربع الأول من العام في امارة دبي وذلك كمرحلة أولى فيما سيتم تطبيق المرحلة الثانية على مستوى الدولة خلال الربع الثاني من العام المقبل.
الباحثون عن الخدم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكدوا أن مكاتب الخدم تكاد تكون خالية تماماً من طلبات الاستقدام وتحديداً بعض الجنسيات، وتأتي هذه الحسابات الوسيطة كمنقذ للباحثين عن خادمات، إذ يضطر الراغبون في الحصول على خادمة إلى دفع المبلغ ذاته مقابل الحصول على خادمة من مكاتب الخدم، ناهيك عن طول فترات الانتظار، ثم تفاجأ بخادمات لا خبرة لهن في الأعمال المنزلية وإدارة شؤون المنزل، وتعد حسابات التنازل عن الخدم الحل الوحيد والسبيل الأفضل للحصول على خادمة في أسرع وقت.
أشارت ماجدة الحميدي إلى أنها ك«ربة منزل» تعاني مشكلة نقص الخادمات، ولجأت للبحث عن خادمة التنازل عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي لا تخلو منها هذه الإعلانات، بعد أن ذاقت الأمرين خلال شهر رمضان حيث قفز سعر الخادمة إلى 2500 درهم.
وشكا أحمد علي من وجود سماسرة داخل مكاتب استقدام العمالة المنزلية المختصين في هذا المجال، يعملون على استقطاب خادمات مقيمات في الدولة، يتطلعن إلى الحصول على راتب أعلى، ويحرضونهن على إقناع مخدوميهن بنقل كفالتهن إلى شخص آخر، مقابل عمولة يتحملها السمسار الذي يحصل في المقابل على مبالغ كبيرة من المستفيد الجديد، إضافة إلى أنه يفرض عليه شروطاً وقيوداً، تصب جميعها في مصلحته ومصلحة الخادمة.
بدورها أوضحت فاطمة العزي، أنها رضخت لجلب خادمة ولعدم توفر البديل عن طريق إعلان في أحد مواقع البيع الشهيرة عبر شبكة الإنترنت «تنازل عن خادمة» مما جعلني أعيش أزمة حقيقية خلال الفترة الماضية، خاصة أنه لا غنى عن الخادمة بالنسبة لي لأنني موظفة في أحد المصارف وطفلي عمره سنتان ويحتاج إلى رعاية.

شر لابد منه

قالت أم أحمد الشريف، إن الخادمة شر لابد منه، خاصة في ظل وجود عائلة كبيرة وأم عاملة، عائلتي مكونة من 7 أبناء أكبرهم في المرحلة الجامعية، وزوجي، وأم زوجي، وأنا أعمل معلمة، ولا أستطيع تحمل أعباء المنزل دون خادمة، إضافة لعدم وجود البديل، وهذا ما اضطرنا لجلب خادمة بالتنازل.
وتحدثت نجلاء الحسن عن مأساتها مع الخادمات، قائلة: منذ عام هربت خادمتي بعد أربعة أشهر من وصولها، وكنت بحاجة إلى خادمة فدلتني عمتي على أختها، التي تود التنازل عن خادمتها بمبلغ 20 ألف درهم، وبالفعل أخذت الخادمة، ولا أصبر عليها لعام ونصف وسأرحلها بعد أن تجرعت المر على يديها، إذ كانت ترفض الانصياع لنا، وتعمل على هواها، لكننا أجبرنا على تحملها إلى أن ينقضي رمضان، ولتتجدد تلك المشكلة في البحث عن خادمة بأي سعر إلى أن تنفرج الأزمة.
وترفض أم حسن أنور، ابتزاز الخادمات على حد قولها، فتقول استغل عدد كبير من تلك العمالة حاجتنا لهن، مما جعلهن يرفعن أسعارهن لتجد الخادمة تترك العمل لتذهب لمنزل آخر مقابل زيادة وكأنها مضاربة بورصة، ووصل التسويق لهؤلاء الخادمات عبر وسائل التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت، والتي لا يوجد حسيب ولا رقيب عليها.
واعتبر حسن أبو ماجد أن سماسرة السوق السوداء يقومون بتحريض الخادمات لدى الأسر متوسطة الدخل، على طلب راتب أعلى أو إقناع المخدوم بالتنازل عن كفالته لشخص آخر مقابل عمولة، مشيراً إلى أن هؤلاء السماسرة يعملون لحساب مكاتب استقدام عمالة.

آليات التنازل

من جهتهم قال مسؤولو مكاتب الخدم إن آلية التنازل على الخادمات مقابل مبالغ تعدت رسوم مكاتب جلب العمالة المنزلية المساعدة، ويضر بمكاتبهم، مؤكدين أنه بعد انقضاء عقد الخادمة وإتمام المدة المتفق عليها، لا يحق للكفيل نقل كفالتها لشخص آخر إلا وفقاً لرغبتها، ولا يحق لهم أيضاً استغلال هذا الأمر لتحقيق أرباح مادية، ولا يمكن مقارنة نقل الكفالة، من كفيل إلى آخر، برسوم مكاتب الاستقدام، مؤكدين أن هناك أزمة وشحاً في عرض العمالة المنزلية، خصوصاً، أدت ظهور السوق السوداء في هذا المجال، من خلال إعلانات التنازل، والتي يلعب دوراً كبيراً فيها بعض أصحاب المكاتب، والتي أدت لارتفاع التكاليف.
وقال يوسف محمود مدير مكتب لتوريد العمالة المنزلية في دبي، إن تعثر استقدام الخادمات دفع عدداً من المكاتب والسماسرة إلى استغلال الطلب المتزايد من قبل الأسر، والتفاوض مع الخادمات العاملات داخل الدولة، لإقناع مخدوميهن بنقل كفالتهن إلى مخدومين جدد مقابل عمولة، وأن العمولة تتراوح ما بين 5 إلى 7 آلاف درهم.
وفي هذا السياق أوضح عبيد عوض صاحب مكتب توريد عمالة، أن السوق السوداء يديرها سماسرة مختصون في هذا المجال، ويعملون على استقطاب خادمات مقيمات في الدولة، يتطلعن إلى الحصول على راتب أعلى، ويحرضونهن على إقناع مخدوميهن بنقل كفالتهن إلى شخص آخر مقابل عمولة يتحملها السمسار الذي يحصل في المقابل على مبالغ كبيرة من المستفيد الجديد، إضافة إلى أنه يفرض عليه شروطاً وقيوداً، تصب جميعها في مصلحته ومصلحة الخادمة.

ظاهرة موجودة وبقوة

وأشار محمد علي حسن مدير مكتب توريد خادمات في عجمان، إلى أن ظاهرة التنازل عن الخدم مقابل مبالغ مالية تدفع للكفلاء، ظاهرة موجودة وبقوة في ظل شح العمالة المنزلية تحديداً في الجنسيات الآسيوية، وقال إنها تضر بعمل المكاتب، إذ تلعب بعض الجهات دور الوسيط بين الكفلاء والباحثين عن الخدم، وفي حال كانت الخادمة تحمل مواصفات مميزة كأن تكون ذات خبرة عالية، من الممكن أن تدفع مبالغ أكثر من المطلوب للكفيل مقابل الحصول على خادمة، تفوق المبالغ التي تدفع للمكاتب.
وعزا أحمد محسن مدير مكتب لجلب العمالة في الشارقة أن تخصيص حسابات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، لمثل هذا النوع من المعاملات، يساهم في زيادة أسعار جلب الخادمات، إذ يتم طرح إعلان عن الخادمة المراد التنازل عنها، يضم كافة مواصفاتها مع تحديد المبلغ المطلوب للتنازل، ثم يتم التواصل بين كفيل الخادمة الأصلي والراغبين في الحصول على خادمة، لتحديد موعد لنقل كفالتها للكفيل الجديد.

د. عبد الله بن ساحوه: متابعة ورصد مروجي الإعلانات

بدوره قال الدكتور عبد الله علي بن ساحوه المحامي والمستشار القانوني: في الأصل لا توجد مخالفة قانونية على مستخدمي هذه الآلية، وهي ترتبط بضوابط محددة تتمثل في تعديل وضع الخادمة التي يختارها الكفيل الجديد بنقل كفالتها وإتمام الإجراءات الوظيفية الأخرى. وأشار إلى أن القانون أجاز للكفيل حق التنازل بشكل قانوني لمرة واحدة في حالات السفر.
وناشد الجهات المختصة بمنع إعلانات التنازل التي يتم بثها على الشبكة العنكبوتية، إلا للمكاتب التي تحمل ترخيصاً بالعمل في مجال جلب العمالة المنزلية، ومتابعة ورصد السماسرة الذين يروجون لهذه الإعلانات.
قال الدكتور عبد الله علي بن ساحوه بأنه لا يوجد تنازل في حالات الدخول بتأشيرة الزيارة، وبين أن هناك بعض الجنسيات تتحايل على قوانين بلادها، وتدخل إلى الدولة بتأشيرة زيارة، وعقب ذلك تقوم بتعديل الوضع، وهنا يصبح العمل قانونياً.

إعلانات مشبوهة

ظلت مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر والفيس بوك» خلال الفترة الأخيرة تبث إعلانات عدة مشبوهة وغير معروفة نظامياً، لمجهولين في تسويق الخادمات للأسر في الدولة، هذا ما أشارت إليه عائشة الحويدي مسؤولة اللجنة النسائية في جمعية الشارقة الخيرية، وبخاصة خلال شهر رمضان المبارك والعودة للمدارس مُستغلين مثل هذه المواسم التي لا تنتهي إلا بأعمال نصب، أو تكون الخادمات هاربات من كفلائهن.
وأضافت أن بعض الحسابات وجدتْ في مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً «توتير» أرضاً خصبة لتسويق نشاطها غير النظامي، مستندة إلى مجموعة من الخادمات الهاربات، أو من يملكن إقامات غير نظامية، مستغلين حاجة بعض الناس للخادمات.

مسؤوليات مكاتب التوسط

حدد مشروع قانون استقدام العمالة المنزلية مسؤوليات مكاتب التوسط لجلب العمالة المنزلية، من بينها عدم السماح لها باستقدام العمال من دولهم، إلا بعد إعلامهم بنوع العمل وطبيعته ومقدار الأجر الشامل، وتقديم ما يثبت لياقتهم وحالتهم الصحية والنفسية والمهنية، وغيرها من الشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، مع مراعاة كل مهنة من المهن التي يحددها القانون، البالغ عددها 19 مهنة، من بينها المستخدم «الخادم»، والبحار، والحارس، والراعي، والسائق الخاص، والسايس، والمضمر «في سباقات الهجن»، والصقار، والعامل، ومدبرة المنزل، والطباخ، والمدرب، ومربية الأطفال، والمزارع، والبستاني، وغيرها. وحظر القانون على المكاتب أن تطلب أو تقبل من أي عامل، سواء كان ذلك قبل مباشرة العمل أو بعده، أي عمولة مقابل حصوله على العمل، أو أن تستوفي منه أي مصاريف لإجراء الفحوص الطبية اللازمة للعامل قبل 30 يوماً من دخوله الدولة.

العقد الموحد

بدأت وزارة الداخلية، في يونيو 2014، تطبيق نموذج موحد لعقد الفئة المساعدة في الأعمال المنزلية «العمالة المنزلية»، استجابة للمتغيرات المختلفة، بحيث أصبح أكثر دلالة في تحديد الالتزامات بين طرفي العلاقة، والمرجع الوحيد المعتمد في تحديدها، الذي ينتج أثره في العلاقة وفقاً لأحكام القانون.
ويكفل «العقد الموحد» حقوق هذه الفئة من العمالة، ويحدّد التزامات طرفي التعاقد، لاسيما في ظل الإجراءات الجديدة التي أقرّتها وزارة الداخلية لاستقدام العمالة المنزلية، التي تهدف إلى تعزيز الشفافية، وضمان الحماية القانونية، وتبسيط الإجراءات، وتقليل الوقت والجهد، وتعزيز علاقة العمل واستقرارها، ومنع كل أشكال التحايل والاستغلال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"