عادي
أعمالهم نموذج يحتذى عالمياً

أصحاب الهمم.. هامات عالية وشركاء في التنمية

04:35 صباحا
قراءة 8 دقائق
أبوظبي: «الخليج»

إيماناً منهم بقدراتهم، وإصرارهم على تخطي الحواجز، التي قد تواجههم، استطاع أصحاب الهمم أن يُسطروا أجمل الصور في العمل الدؤوب، والمواظبة على طموحاتهم؛ حتى حققوا أهدافهم، قدراتهم مختلفة قد يتميزون في بعض الأحيان عن أشقائهم من الأصحاء، بإنجازاتٍ صنعتها أيديهم؛ ذلك لإيمانهم بأن إعاقة الإرادة هي الحاجز الذي يقف أمام أي نجاح.
إن الأشخاص الذين يتحلون بالثقة هم الذين يشتقون السرور والارتياح من إنجازاتهم الخاصة، وليس من تقييم الآخرين لإنجازاتهم، وهم يعرفون أن ما يقوله الآخرون عنهم من جوانب سلبية لا يزيدهم إلا إصراراً وثقة في أنفسهم.
عملت «مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة» على توفير فرص عمل خاصة بأصحاب الهمم، ملائمة لقدراتهم وإمكاناتهم في المؤسسات والدوائر المختلفة، فاستطاعت المؤسسة ضمن خطتها الاستراتيجية منذ عام 2005 حتى نهاية عام 2017 أن توفر 239 فرصة عمل لأصحاب الهمم، مقدرة بذلك أنهم يعدون جزءاً لا يتجزأ من النسيج المجتمعي الإماراتي.
أوضح عبد الله الحميدان الأمين العام بالإنابة ل«مؤسسة زايد العليا للأعمال الإنسانية» أن المؤسسة وقعت مؤخراً مذكرة تفاهم مع مركز الأعمال للخدمات «تسهيل»، تقوم بموجب هذه المذكرة مراكز «تسهيل» بدعم منتسبي المؤسّسة ب«مركز أبوظبي لرعاية وتأهيل أصحاب الهمم»؛ من خلال برنامج يقوم بتدريبهم وتشغيلهم وتمكينهم من الانخراط في سوق العمل؛ وذلك في إطار الجهود المتواصلة؛ للعمل على دمج وتمكين فئات أصحاب الهمم في المجتمع.
وقال: «بموجب هذه المذكرة توفر المؤسسة المساحة والمكان المناسبين في مبنى المركز؛ لتطبيق الخدمة الخاصة لأصحاب الهمم، وبدوره يقوم مركز «تسهيل» بافتتاح مكتب له على أن يوفر الأجهزة اللازمة بجانب دعم أصحاب الهمم؛ من خلال تنظيم برنامج تدريب وتأهيل لعدد من تلك الفئات؛ بعد ترشيحهم من «مؤسسة زايد العليا للأعمال الإنسانية»، ومن يشغلهم المركز ويمكنهم من الانخراط في سوق العمل، ويتم تدريب تسع من أصحاب الهمم المنتسبات للمؤسسة».
وأثنى على جهود مركز «تسهيل» ودوره كشريك استراتيجي فاعل ومهم في دعم جهود المؤسسة نحو تحقيق أهدافها الرئيسية في دمج الفئات المشمولة برعايتها من أصحاب الهمم في المجتمع.
وأكد أن «مؤسسة زايد العليا للأعمال الإنسانية»، تستمد رؤيتها من الأهداف الاجتماعية الرئيسية الواردة في أجندة حكومة أبوظبي الرشيدة، التي تركز على تقديم الخدمات التعليمية والتأهيلية والعلاجية المساندة لفئات أصحاب الهمم، وتأهيلهم للاندماج في مجتمعهم، وتمكينهم من ممارسة أدوارهم تجاه أسرهم ووطنهم بكفاءة واقتدار.

وحدة التوظيف

وأوضح أن «مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانيّة وذوي الاحتياجات الخاصة»؛ وتنفيذاً لتوجيهات سمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجلس إدارة المؤسسة وأعضاء المجلس؛ تعمل المؤسسة بشكل جاد على دمج وتأهيل وتدريب أكبر عدد من منتسبيها من فئات أصحاب الهمم، وجعلهم أفراداً فاعلين في المجتمع، وإشراكهم في مسيرة البناء والتنمية على أرض الدولة؛ من خلال وحدة التوظيف والتهيئة البيئية في المؤسسة.
وأشاد بالدور الحيوي والمهم الذي تقوم به المؤسسات في مجال توظيف أصحاب الهمم، ودورهم الكبير والمهم في المساهمة في دمجهم، وجعلهم أفراداً فاعلين في المجتمع، كما وجه الشكر لمصرف أبوظبي الإسلامي على مبادرته بدعم المشروع؛ من خلال مجموعة من المبادرات والمميزات، التي تمنح للملتحقين به من أصحاب الهمم، مؤكداً أن دمج تلك الفئات في سوق العمل من شأنه أن يرفع كفاءتهم، ويزيد ثقتهم بأنفسهم، ويجعلهم أشخاصاً قادرين على العمل والإنتاج.
وذكر أن المؤسسة تعتزم تعميم التجربة بالتعاون مع «تسهيل»؛ بافتتاح سلسلة مكاتب في مراكز الرعاية والتأهيل التابعة للمؤسسة والمنتشرة في مناطق أبوظبي والعين والظفرة.
وقال: إن هذا المشروع يعد الأول من نوعه في الدولة؛ لدعم برامج الرعاية اللاحقة والتمكين المجتمعي لمنتسبي «مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية» من فئات أصحاب الهمم.

تطوير المهارات

أشاد غانم الآغا الرئيس التنفيذي لمركز الأعمال للخدمات «تسهيل» في أبوظبي برؤية القيادة الرشيدة، التي تهدف إلى دمج أصحاب الهمم في مختلف المؤسسات الحكومية، وتمكينهم وتعزيز مكانتهم؛ من خلال تطوير مهاراتهم؛ وتوفير الوظائف الجاذبة والمستقرة لهم؛ وذلك في إطار تحقيق «رؤية الإمارات 2021»؛ وتعزيزاً للتكاملية بين كافة المؤسسات الحكومية في توسيع مجالات التعاون المشترك بين المؤسسات؛ لتسهيل وتطوير الخدمات المقدمة لأصحاب الهمم.
وقال: «إن وزارتي الموارد البشرية والتوطين، وتنمية المجتمع قامتا بتوقيع مذكرة تفاهم مؤخراً، يتم بموجبها توفير 50 وظيفة لأصحاب الهمم في مراكز الخدمة «تسهيل»، التي يديرها القطاع الخاص بكوادر وطنية، وتحت إشراف وزارة الموارد البشرية والتوطين، وإعفاء أصحاب الهمم من رسوم الخدمات، التي تقدمها مراكز الخدمة «تسهيل»، وتطوير برامج التأهيل المهني المقدمة لهم، بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل، وتطبيق مفهوم «التشغيل المدعوم»، والتدريب في موقع العمل».
وأشار إلى أن «تسهيل» قامت بتأسيس مكان مخصص لها داخل «مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانيّة وذوي الاحتياجات الخاصة» على نفقتهم الخاصة وتم تجهيزه بجميع الأجهزة، التي من الممكن أن يستخدمها أصحاب الهمم؛ لتدريبهم على الخدمات المتعلقة بوزارة الموارد البشرية والتوطين، والخدمات المتعلقة بالجوازات والهوية؛ من خلال ترشيح «مؤسسة زايد العليا للأعمال الإنسانية» بعض أسماء أصحاب الهمم؛ ليتم بعد ذلك اختيار الأفضل منهم ومراعاة سرعة تجاوب أصحاب الهمم مع المجتمع المحيط، وفهم مجالات العمل وتعامله مع المشاكل التي قد تواجهه مستقبلاً.
وأضاف: تفاجأت من أداء أصحاب الهمم داخل «مؤسسة زايد العليا للأعمال الإنسانية»؛ حيث وصل بهم الحد إلى تصنيع بعض الصناعات الخفيفة، مثل مصباح الاتحاد، الذي قاموا بإهدائه إلى أصحاب السمو شيوخ الإمارات، خلال احتفالية عيد الاتحاد، وتصنيع وصلات كهربائية «مشترك كهربائي»، وبعض الصناعات المختلفة، فهم ليسوا أقل مستوى عن أي شخص آخر؛ بل يمكن إيجاد ميزة في أحدهم لا تجدها في بعض الأصحاء.
وقال: تم استغلال احتفالية «عيد الاتحاد ال46»؛ لتوقيع عقود عمل مع اثنتين من صاحبات الهمم، اللاتي أنهين البرنامج التدريبي، واستطعن اجتياز الصعوبات المتعلقة بالعمل من ناحية كسر الحواجز بينهن وبين الجمهور، والفهم الدقيق لآلية العمل، وانخراطهن مع البيئة المحيطة التي سيعملن بها.
جاء ذلك؛ من خلال الدعم المعنوي الكبير، من قبل مديرة المركز حنان العودلي، بإشراكهن في إنجاز معاملات رسمية حقيقية على أرض الواقع وكيفية التعامل مع الجمهور وكيفية التصرف حال مواجهة أي مشكلة؛ من خلال رجوعهن إلى المشرف المباشر.
وأضاف: إننا أول مركز تابع ل«تسهيل» على مستوى الدولة أتاح لأصحاب الهمم وظائف ضمن هيكله التنظيمي؛ وذلك إيماناً منا بأن لهم القدرة على الإنجاز، وهم يعدون مكوناً أساسياً من المجتمع لا نستطيع الاستغناء عنه.

تجارب

وأعربت فاطمة أحمد المنصوري استشاري سعادة المتعاملين في «تسهيل» طريق المطار في أبوظبي، عن سعادتها؛ لحصولها على وظيفة جديدة، وما وجدته من حسن معاملة من قبل الإدارة والموظفين وتهيئة المكان المخصص للعمل.
وتحدثت فاطمة بأنها لم تواجه أي صعوبات تختص بالعمل والبيئة المحيطة؛ بل على العكس تماماً لمست تعاوناً كبيراً من قبل زملائها، إضافة إلى متابعة المشرفة، التي كانت مسؤولة عن حالتها من قبل «مؤسسة زايد العليا للأعمال الإنسانية».
وقالت: إضافة إلى الوظيفة التي حصلت عليها مؤخراً أقوم عند الانتهاء من دوامي الرسمي بالتوجه إلى الدراسة في الفترة المسائية؛ لإكمال الصف العاشر، وأطمح إلى الارتقاء في عملي الوظيفي مستقبلاً.

تحفيز

وقال أمجد إبراهيم أخصائي العلاج الوظيفي، إن أصحاب الهمم ليسوا بحاجة إلا للتحفيز وإظهار الجانب المشرق لديهم، والتركيز عليه وتعزيزه، حتى يستطيعوا أن يخرجوا من الضعف النفسي، الذي قد يكون مسيطراً عليهم في بعض الأحيان.
وأضاف نحن كأخصائيي علاج وظيفي يترتب علينا تحسين أداء الفرد والتغلب على جوانب القصور أو العجز الناتج عن الإصابة، وتحسين قدرته على أداء الواجبات والأعمال اليومية، والحدّ من الاعتماد على غيرنا، والحفاظ على أعلى مستوى ممكن من الاستقلالية.
وأشار إلى أن مختص العلاج الوظيفي يساعد المصابين من جميع الأعمار في تحسين قدراتهم على تنفيذ مهامهم اليومية، وخاصة الذين يعانون مشاكل عقلية، جسدية، اجتماعية «التوحد»، أو تأخر النمو؛ وذلك ليس فقط لتحسين وظائفهم الحركية الأساسية وقدرات التفكير لديهم، ولكن أيضاً لتعويضهم عن فقدان القدرة الوظيفية.
وتحدث عن أهمية دورهم في حياة أصحاب الهمم، وضرورة التركيز على المساعدات الرئيسية التي تقدمها المؤسسات الاجتماعية لهم، وتوفير الأجهزة التعويضية المساعدة على الحركة والتنقل، إضافة إلى تدريب الأسرة على بعض الأنشطة والتمرينات الحركية التي يجب متابعتها باستمرار داخل المنزل، عن طريق تصميم وتقديم النشاطات والمواد التّعليمية التي تساعد الأطفال والبالغين المعوقين على المشاركة في العمل، وما يتعلق به من نشاطات، إضافة إلى مهارات الحياة اليومية المفيدة.
وقال محمد الحوسني «مذيع في إذاعة القرآن الكريم» وموظف سابق في «مؤسسة زايد العليا للأعمال الإنسانية»، إن المؤسسة هي صوت المعاقين في شتى الجوانب المختلفة من ناحية البحث عن وظائف ومن ناحية علاجية، وهي قائمة بدورها على أكمل وجه.
وأشار إلى ضرورة وجود أحد أصحاب الهمم ضمن المستشارين الإداريين في المؤسسة حتى يتم اتخاذ القرارات بشكل أنسب؛ وذلك لملامسة المستشار بالواقع الذي يعيشه أصحاب الهمم أنفسهم.
وطالب الحوسني بإيجاد عقود عمل ملائمة لذوي الإعاقة بحيث لا يكون دور أصحاب الهمم مختصراً على التوقيع فقط، فالكفيف بحاجة إلى عقد عمل ناطق أو مكتوب على «البرايل»، إضافة إلى تطوير «نظام البصمة»؛ بحيث يصبح ناطقاً لمعرفة وقت الحضور والمغادرة ومعرفة إذا كانت البصمة صحيحة وتم أخذها بشكل سليم.
ووجه كلمة إلى أقرانه من أصحاب الهمم طالبهم فيها بضرورة تطوير أنفسهم وبذل المزيد من الجد والاجتهاد والإصرار على تحقيق الأهداف، واتخاذ خطوة جديدة في إطار العمل اليومي، وعدم الوقوف عند نقطة واحدة.
وقال الحوسني يجب على المجتمع إنهاء التخوف الذي يحمله تجاه أصحاب الهمم والابتعاد عن النظر إليهم بشفقة وأنهم أصحاب حاجة، فالكثير من الناس يجهلون فن التعامل مع المعاق، وفقدان الأتكيت في محاكاة صاحب الهمم.

نظام برايل

تحدث هشام الواحدي (31 عاماً) مدقق برايل بمركز مطبعة المكفوفين التابعة ل«مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية»، الذي يعاني إعاقة بصرية، أنه خضع لدورات تدريبية متخصصة بنظام برايل للقراءة والكتابة عن طريق «مؤسسة زايد العليا للأعمال الإنسانية»، عام 2007؛ لاستغلال أوقاته في أمور قد تطور من حياته العملية مستقبلاً.
وأضاف في عام 2010 أنهيت دراستي الجامعية في تخصص اللغة العربية والدراسات الإسلامية، ما دعا «مؤسسة زايد العليا للأعمال الإنسانية» ومع بداية عام 2011 بأن تعيّنني على حساب الفترة الصيفية «مؤقتاً»، التي تهدف إلى إكساب أصحاب الهمم خبرة في مجال الحياة العملية، ونظراً لتميزي وإنجازي الملحوظ في عملي تم تثبيتي لاحقاً كموظف رسمي تابع للمؤسسة.
وقال لا بد من وجود بعض الصعوبات، التي قد تواجه أصحاب الهمم، خاصة في بداية الطريق والمتمثلة ببيئة عمل جديدة، التي لم يكن قد اعتاد عليها مسبقاً؛ حيث كانت نشاطاته منحصرة بالبيت والجامعة والمسجد فقط؛ لكن هذا لا يمنعنا من التغلب عليها وتذليلها أمام إرادتنا الحقيقية في الوصول إلى النجاح.
إن «مؤسسة زايد العليا للأعمال الإنسانية» قامت بإسهامات عديدة في مجال تأهيل ذوي الإعاقة أكاديمياً ومهنياً، ودمجهم في المجتمع بعدة مجالات مختلفة.
ووجه رسالة إلى أقرانه أصحاب الهمم قال فيها: إن الإعاقة ليست إعاقة الجسد وإنما هي إعاقة الإرادة، داعياً أصحاب الهمم إلى الانخراط في المجتمع، والتخلص من الحواجز والعوائق النفسية التي قد تحيط بهم وتحول دون إطلاق إبداعاتهم وتميزهم.

أريحية في العمل

أكدت أمينة سعيد الحميري استشاري سعادة المتعاملين في «تسهيل» بأنها وجدت أريحية في العمل؛ من خلال مساعدة زملائها لها؛ حيث إنها تعاني ضعفاً في حاسة السمع.
والتعاون المشترك بينها وبين فاطمة جعلهما كفريق واحد، يكملان العمل مع بعضهما، ما بعث في روحها الطاقة الإيجابية، غير مستثنية بذلك مساعدة زملائها لها في حال وجود ضغوط في العمل؛ من أجل تسهيل وتذليل الصعوبات وتمكينها من النهوض بنفسها نحو الأفضل.
إن المتابعة المباشرة لنا من قبل المشرفة من ناحية تطوير العمل داخل المركز ومتابعة المشرفة المستمرة مع أسرنا، واستفسارها المستمر عن وجود أي صعوبات قد تواجهنا في العمل، ساهم إلى حد كبير بتعزيز روح العمل لدينا ومنحنا ثقة أكبر في أنفسنا، وإيجاد حلول لهذه الصعوبات ومواجهتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"