عادي
الشهيد بدأ قبل أيام تشييد "مسجد" صدقة جارية بأبوظبي

والد الشهيد الطنيجي لـ "الخليج":يداه ممدودتان بـ"الخير" دائما وقلبه مفتوح للناس

03:48 صباحا
قراءة 7 دقائق
رأس الخيمة - عدنان عكاشة

كشفت أسرة أحمد عبد الرحمن أحمد كليب الطنيجي، أحد شهداء الإمارات في أفغانستان، عن أداء ابنها مناسك العمرة قبل أيام قليلة على استشهاده، حيث مكث ليلتين في الأراضي المقدسة يومين، بصحبة شقيقته وعدد من أقاربه، ثم عاد إلى الدولة، والتقى والديه وعائلته وأقاربه، قبل أن يتوجه إلى باكستان، ومنها إلى أفغانستان، لأداء واجبه الإنساني والخيري ومهمته الوطنية هناك.
وسبق للشهيد (أحمد كليب الطنيجي)، وفقا للعائلة، أن أدى مناسك العمرة والحج مرات عدة في حياته، فيما عرف بتمسكه بدينه ومحافظة على عباداته ومناسكه، وخلقه الطيب مع من حوله, من أهل وأقارب وأصدقاء وجيران وزملاء عمل وسواهم.

صدقة الشهيد "الجارية"

وأشار أفراد العائلة ل"الخليج" إلى أن الشهيد "أحمد الطنيجي" بدأ في مشروع خيري "صدقة جارية" لبناء مسجد على نفقته الخاصة، فوق أرض منحتها له حكومة أبوظبي لهذا الغرض، بمنطقة "الباهية" في العاصمة، لتكون صدقة جارية له، بعد وفاته ورحيله عن الدنيا، وبالفعل أنجز عددا من الإجراءات الرسمية في هذا الاتجاه، في حين أوصى شقيقه وآخرين من عائلته، قبل "سفره الأخير" إلى أفغانستان، حيث مهمته الوطنية والإنسانية، بمتابعة مشروع تشييد المسجد، واستكماله في حال استشهاده ومفارقته الحياة.

"وطن" يستحق التضحية

وأكد عبد الرحمن أحمد كليب الطنيجي، والد الشهيد (أحمد الطنيجي)، أحد "شهداء الإمارات" في قندهار بأفغانستان، ل (الخليج) أن ابنه قدم دمه وروحه فداء لوطن يستحق منا جميعا التضحية بكل نفيس وغال، مشيرا إلى أن جميع أبنائه فداء لهذا الوطن، وعلى أهبة الاستعداد للدفاع عن مكتسباته وإنجازاته، وتقديم كل ما يفضي إلى حماية أمنه واستقراره.

تواصل يومي

وقال الوالد عبد الرحمن الطنيجي, في منزله بمنطقة الرمس، على بعد نحو 12 كيلومترا شمال مدينة رأس الخيمة, حيث التقته "الخليج": إن الشهيد (أحمد)، وهو ابنه البكر، كان حريصا طوال مدة تواجده خارج الدولة، حيث يؤدي واجبه الوطني ودوره الإنساني والخيري،على الاتصال بوالدته ووالده وجميع أشقائه يوميا، إذ كان بالغ البر بوالديه، وحريصا على صلة أرحامه، والتواصل مع شقيقاته وأشقائه جميعا والاطمئنان على أحوالهم، مشددا على "أننا جميعا رهن إشارة قيادتنا الرشيدة، ولا تثنينا الأعمال الإرهابية الجبانة عن مواصلة العمل الجاد والمخلص لصالح هذا الوطن، والعمل على رد جميل الوطن وأفضاله علينا، والمساهمة في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وحماية السلام والأمن في العالم قاطبة، تحت مظلة دولتنا، وفي ضوء توجيهات القيادة".

الكلمات الأولى

الوالد "أبو أحمد" أشار إلى أنه كلمته الأولى، بعد أن بلغه خبر استشهاد ابنه كانت (إنا لله وإنا إليه راجعون)، مضيفا أنه والعائلة يحتسبون (أحمد)، رحمه الله, عند الله "شهيدا" مع أصحابه، الذين قضوا في الحادث الإرهابي.

تدفق خيري إماراتي متواصل

وأشار "الشيبة" الطنيجي إلى أن الإرهاب الأسود لن يوقف سيل العمل الخيري الإماراتي، الذي توارثه الإماراتيون أبا عن جد، ويشكل ثقافة اجتماعية وطنية أصيلة، عززها ورسخها في الوجدان الوطني الإماراتي المغفور له، بإذن الله، تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، معتبرا أن استشهاد ابنه ورفاقه من أعضاء الوفد الخيري والدبلوماسي الإماراتي، المرافقين لسفير الدولة في أفغانستان، عند وقوع الحادث الإجرامي، وهم يقدمون "الخير" والإحسان للبلد المسلم وشعبه، ويعملون في إطار مشروع خيري إنساني، يمثل رسالة وطنية إماراتية، إنسانية الأبعاد، موجهة للعالم كله، حول قيم الإمارات وشيم أبنائها، والدور الخيري والإنساني لدولة الإمارات وأبنائها حول العالم.

"الحمد لله"

وقال الطنيجي: إنه حمد الله، سبحانه وتعالى، بعد أن تلقى خبر استشهاد ابنه "البكر، ليكون أول رد فعل له، بعد النبأ الحزين، ووصف (شهيد الإمارات) بأنه "صاحب خير، ويداه طويلتان وممدودتان دائما بالخير، ومفتوحتان للناس والمحتاجين تحديدا، ولا يقصر مع أحد، فيما كانت أولى كلمات والدته بعد إبلاغها برحيل فلذة كبدها "إنا لله وإنا إليه راجعون".
واعتبر أن "ابنه شهيد بإذن الله، تبارك وتعالى، مع رفاقه ممن استشهدوا معه، من أعضاء الوفد الخيري الإنساني والدبلوماسي الإماراتي، ومن قبلهم ممن قدموا أرواحهم, على أرض اليمن والبحرين وسواهما، في سبيل الله، سبحانه، ومن أجل أمن هذا الوطن واستقراره، وبهدف تقديم يد العون والمساعدة للشعوب الشقيقة والمحتاجة والمنكوبة والدول الفقيرة".

أشقاء الشهيد

وأكد خالد عبد الرحمن الطنيجي، شقيق "شهيد الرمس"، أن الشهيد (أبو عبد الرحمن) كان نموذجا ومثالا يحتذى في الطيبة وصفاء القلب ودماثة الخلق.

وصية الشهيد

محمد عبد الرحمن الطنيجي، شقيق الشهيد، 33 عاما، الذي كان يشاركه "مسكنه" في أبوظبي، حيث مقر عملهما، أوضح أن سفارة الدولة في أفغانستان هي من أبلغ العائلة بنبأ استشهاد ابنها، خلال انهماكه مع رفاقه، من أبناء الإمارات، رحمهم الله جميعا، في وضع حجر الأساس للمشروع الإنساني الخيري الإماراتي، لافتا إلى أن شقيقه الشهيد أوصاه قبل سفره لآخر مرة بأن يتابع مشروع "الصدقة الجارية"، الذي بدأ فيه، هو بناء مسجد بجوار مزرته، بمنطقة "الباهية" في أبوظبي، وطلب منه تحديدا أن يتابع مع شركة متخصصة عملية "فحص التربة" لمشروع بناء المسجد، ومتابعة الإجراءات الخاصة بالمشروع الخيري مع دائرة الأوقاف بأبوظبي، بجانب متابعة "المخططات" مع دائرة الأراضي هناك، واستكمال المشروع الخيري، في حال رحيله وعدم عودته إلى الإمارات حيا.

أخ وصديق وأب

واعتبر عبد الله عبد الرحمن الطنيجي، 25 عاما، أن شقيقه كان أخا وصديقا وأبا، ومن شدة طيبته وإحسانه وأياديه الممدوة للجميع كان "أبو الجميع" من حوله، رجلا طيبا، بشوشا في وجوه الناس جميعا،
بدوره، قال علي عبد الرحمن الطنيجي، 24 عاما، شقيق آخر للشهيد: إنه كان في محادثة مع "الشهيد قبل يومين، عبر برنامج "الواتس أب" للتواصل الاجتماعي، في الهواتف المتحركة، وقال له خلالها.

"طريق الفجر"

وأشار راشد عبد الرحمن الطنيجي، شقيق للشهيد، 17 عاما، إلى أن (أحمد) محافظا متشبثا بالصلاة في وقتها، جميعها بما فيها صلاة الفجر، ولا يفوته منها أي صلاة حاضرا في المسجد، حيث يشق "الظلمة" في طريقه إلى بيت الله

ابن عمه: مدرسة في "العطاء"

أحمد عبد الرحمن، ابن عم الشهيد أحمد الطنيجي، قال: لم أر في حياتي مثل أخلاقه، كان "مدرسة في العطاء" وبر الوالدين،والتضحية بالراحة والنفس من أجل الوطن وأبنائه والآخرين، راجين من الله, تعالى، أن يتقبله (شهيدا) في سبيله، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، مناشدا أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها الطيبة بالدعاء ل (أحمد).

عن "الشهيد"

الشهيد أحمد الطنيجي، 44 عاما، من مواليد 1972 م، من أبناء ومواليد مدينة الرمس في رأس الخيمة، هو الابن البكر لوالديه، من بين 18 ابنا، منهم 13 بنت و5 أبناء، وله ولدان، الأولى بنت هي "أميرة"، تبلغ 18 عاما، وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، والثاني "عبد الرحمن"، 17 عاما.
ويشغل الشهيد, الذي يحمل درجة "البكالوريوس" في الزراعة، من جامعة الإمارات، منصب "مدير إدارة الرقابة الغذائية" في جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، ودرس، رحمه الله، في الولايات المتحدة "دبلوم لغة إنجليزية، فيما انتدب للمساهمة في المشاريع الخيرية والإنسانية الإماراتية في أفغانستان. ولذلك بنى له مسكنا في العاصمة أبوظبي، حيث مقر عمله وإقامته، فيما كان يعود إلى رأس الخيمة في نهاية الأسبوع، حال تواجده في الدولة، وفي العطلات، للقاء والديه وذويه وقضاء الإجازات معهم.
ووفق عائلة الشهيد، كان أحمد عضوا ومتطوعا في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، مساهما في مشاريعها الخيرية والإنسانية داخل الدولة وخارجها.

شقيقة الشهيد الطنيجي وسط "الدموع":
فاعل خير في "السر" و"العلن"

رأس الخيمة - حصة سيف
خولة الطنيجي، شقيقة الشهيد أحمد عبدالرحمن الطنيجي، قالت وهي تغالب دموعها: غادر الدولة يوم السبت الماضي، وودعنا كعادته ، وقبل أسبوعين تماماً ذهب بأمي وأبناؤه وعدد من أشقائي للسعودية لأداء مناسك العمرة، ودائما لا يقصر معنا بالخير فهو الإبن البكر في العائلة.
وأضافت التربوية خولة ، معلمة لغة عربية، أن شقيقها من مواليد 1972 أب لابنة في الصف الحادي عشر وإبن في الصف العاشر، ودائماً ما يحرص على بر والديه، وهو مهندس زراعي، ويحمل شهادة ماجستير، كما يحرص على فعل الخير بالعلن وبالسر، وكثيرمن الأحيان يشترك في بناء المساجد وأفعال الخير التي لا حصر لها عنده.
وقالت حصة السويدي، إحدى قريبات الشهيد، أن الشهيد معروف في منطقته الرمس بفعل الخير، كما أنه بار بوالديه وهو أكبر أشقائه في عائلته المتكونة من أربع إخوة وأربع أخوات، وبقدر ما حزننا على فقدان الشهيد، الا أننا نفتخر كونه أحد أبطال الخير الذين قدموا الكثير في سبيل نشر الأمل والخير في الدول الاسلامية خاصة، ونال مع أصدقائه الأربعة أجر الشهادة، وهي لا يستحقها الا من اختاره الله تعالى لها.
بدورهم، وصف أقارب "أحمد كليب الطنيجي" والدة الشهيد بأنها صابرة محتسبة ابنها (شهيدا) عند الله،سبحانه وتعالى، فيما لم تجد ما تقول بعد علمها باستشهادة فلذة كبدها سوى "الحمد لله، وإنا لله وإنا إليه راجعون".
وقال مقربون من العائلة: إن ابنيه، أميرة وعبد الرحمن، يعانيان ألم فراق ولوعة رحيل والدهما، لكنهما صابران محتسبان، لى غرار والدي الشهيد وبقية أفراد عائلته، ويرددان باستمرار "الحمد لله".

"جيران التضحية"

من المفارقات، التي رصدتها "الخليج" خلال لقائها أفراد عائلة الشهيد (أحمد)، وتقديمها واجب العزاء، بمدينة الرمس في رأس الخيمة، أن منزل عائلته، حيث قضى طفولته وصباه وشبابه، وظل يعود إليه في عطلاته، يقع بجوار منزل عائلة الدبلوماسي الإماراتي (عارف عبد الله الطنيجي)، الذي أصيب في حادث اعتداء إرهابي في البلد ذاته، أفغانستان، وفي الشهر ذاته، يناير/ كانون الثاني 2008، بفارق أيام قليلة، إذ أصيب "عارف" في الرابع عشر من هذا الشهر.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"