عادي
مقره أبوظبي ويهدف لتعزيز السلم في العالم الإسلامي

تأسيس مجلس حكماء المسلمين برئاسة الطيب وبن بيه

06:35 صباحا
قراءة 8 دقائق
أبوظبي - سلام أبوشهاب، آلاء عبدالغني:
شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي، مساء أمس السبت، إعلان إطلاق أول هيئة دولية مستقلة تهدف إلى تعزيز السلم في العالم الإسلامي تحت مسمى "مجلس حكماء المسلمين"، يترأسها فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والعلامة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة .
جاء الإعلان عن تأسيس المجلس عشية اجتماع مهم عقده عدد من كبار علماء الدين في العالم الإسلامي بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، وجاء في نص بيان التأسيس الصادر في 21 رمضان 1435 ه الموافق 19 يوليو/ تموز ،2014 اتفق المشاركون على أن جسد الأمة الإسلامية لم يعد يتحمل حالة الاقتتال وحدة الاحتراب بين مكونات المجتمعات المسلمة، وعلى حاجة الأمة إلى تدخل عاجل وضروري لحقن دم الإنسان، مؤكدين أن غاياتهم هي نفسها غايات ومقاصد الشارع التي تتمثل في أن يُحفَظ على الناس دينهم وأنفسهم ودماؤهم، وبأن ما يعطيه السلم لايساويه ما تنتجه الحروب .
وقد أكد العلماء من خلال البيان على ضرورة الامتثال إلى نصوص الشرع الداعية إلى إقرار السلم، وتأصيل مفهوم السلم وشن الحرب على الحرب، وتثبيت منظومة السلم فقهاً وقيماً ومفاهيم وقواعد وثقافة، وتلمس الطريق إلى السلم باقتناع ذاتي من أبناء الأمة الإسلامية ومبادرة جدية ومسؤولة من نخبها وحكمائها وعقلائها للم شتات الأمة وترسيخ قيم التعايش المشترك والسعيد، وإعادة ترتيب البيت الإسلامي، والتجرد من أية عوامل ذاتية تجعل أعضاء المجلس طرفاً في أي صراع سياسي وديني وعرقي، وتقوية مناعة الأمة، خاصة شبابها ضد خطاب العنف والكراهية، وتصحيح وتنقيح المفاهيم الشرعية وتنقيتها مما علق بها من شوائب انحرفت بها عن مقاصدها النبيلة، واستعادة الوضع الاعتباري لمرجعية العلماء وتأثيرها المشرف في تاريخ الأمة الإسلامية، وإحياء الوازع الديني والتربوي في جسد الأمة ومكوناتها، وإيقاف لعبة التدمير .
ويهدف المجلس، الذي تقرر أن تكون العاصمة الإماراتية أبوظبي مقراً له، إلى توحيد الجهود في لم شمل الأمة الإسلامية وإطفاء الحرائق التي تجتاح جسدها، وتهدد القيم الإنسانية، ومبادئ الإسلام السمحة، وتشيع شرور الطائفية والعنف التي تعصف بالعالم الإسلامي منذ عقود .
وفي تصريح له، قال فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إن الإسلام الذي أنشأ هذه الأمَّة، وصنَع تاريخَها، ودخَل مُكوِّنًا أساسًائفي نسيج حضارتهائهو دين سلامٍ للعالم أجمع، يصنعُ الأمن والسَّلامئبين أهله ويُصدِّرُه للإنسانيَّة جمعاء .
وأضاف فضيلته: "لم يكن بدٌّ من أن يتحمَّل عُلَمَاءُ الأمَّة وحُكَماؤها مسؤوليَّاتهم كاملةً في هذا المنعطف التاريخي الخطر الذي تمرُّ به أمَّتُنا الآن، وأن يُدركوا أمَّتَهم في هذا المعترك البائس بين أبنائها، وذلك بالتَّدبُّر والتَّفكُّر العميق والتخطيط الدقيق، والصبر والمثابرة، وبذل الجهد لِنَشر السِّلم وتَحقيقه وتكريسه في مجتمعاتنا الإسلامية بل العالمية، وفق منهجٍ وسطيٍ سديدٍ، وفقه رشيد، يُوائم بين فهم النص وفقه الواقع، ومع البُعد عن مَسالك الإثارة والتهييج والحماس الزَّائِف" .
من جهته، قال العلامة الدكتور الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، إن حالة الاحتراب والتشرذم والاضطراب في الأمة لا تسمح لها أن تصبح شريكاً في صنع القرار في ظل الصراعات الداخلية التي تمزقها، وفي ظل الواقع الذي أصبحت فيه لعبة الموت أمراً معتاداً، وصار فيه تنازع البقاء المفني هدفاً لدى الكثير من أبنائها، موضحاً أن الفرص التي يمنحها السلم أكثر من الفرص التي تمنحها الحروب التي لا تنتج إلا الفناء، مؤكداً أهمية الفصل بين الخطاب الإسلامي ومنهج الإسلام، حيث إن الخطاب الإسلاميئليس هو الإسلام، بل هو فهم للإسلام، والإسلام حاكم على الفهوم وليس العكس، فلا يحاكم الإسلام إلى فهم ولا إلى تاريخ .
وتتمثل رؤية المجلس في إيجاد مجتمعات آمِنة تُوقِّر العلمَ والعلماء، وتُرسِّخ قيمَ الحوار والتسامح واحترام الآخَر، وتَنعمُ بالسلام، كما تقوم رسالته على إحياء دور العُلَماء واستثمار خِبراتهم في ترشيد حرَكة المجتمعات المسلمة، والإسهام في إزالة أسباب الفُرقة والاختلاف، والعمل على تحقيق المصالحة .
وتتشكل هيئة الحكماء بالمجلس من مجموعة من كبار علماء الأمة وحكمائها، وتضم الهيئة التأسيسية: فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والعلامة الأستاذ الدكتور الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، والدكتور محمد قريش شهاب وزير الشؤون الدينية سابقاً في إندونيسيا، والشيخ الدكتور إبراهيم الحسيني رئيس هيئة الإفتاء بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في نيجيريا، والدكتور أبو لبابة الطاهر حسين رئيس جامعة الزيتونة سابقاً في تونس، والدكتور أحمد الحداد كبير المفتين مدير دائرة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، والدكتور حسن الشافعي عضو هيئة كبار علماء الأزهر ورئيس مجمع اللغة العربية في مصر، والدكتور عبد الحكيم شارمن جاكسون أستاذ بجامعة كاليفورنيا الجنوبية، والدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر، والدكتور عبد الله نصيف رئيس مؤتمر العالم الإسلامي، والأمير الدكتور غازي بن محمد بن طلال رئيس مجلس أمناء مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي في الأردن، والدكتورة كلثم المهيري أستاذ في معهد دراسات العالم الإسلامي بجامعة زايد، والقاضي محمد تقي الدين العثماني نائب رئيس دار العلوم في باكستان، والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف سابقاً في مصر، على أن تُحدد بقية الأعضاء بما لا يزيد على 40 عضواً .
جاء الإعلان عن تأسيس "مجلس حكماء المسلمين" كأول كيان مؤسسي جامع لحكماء الأمة الإسلامية، تنفيذاً لما خرج به المشاركون في منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة من توصيات جاءت في وثيقة البيان الختامي للمنتدى الذي دارت فعالياته خلال شهر مارس/آذار الماضي، والتزاماً بمقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، وبمبادرة مشتركة من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والعلامة الأستاذ الدكتور الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة .


شيخ الأزهر: الإمارات تنبهت للأخطار المحدقة بالأمة بفكرة "المجلس"

أكد فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف أنها لحظة تاريخية أن تلتقي كوكبة من حكماء المسلمين وعلمائهم في هذا الشهر الكريم وفي هذا البلد الطيب لإطلاق مجلس حكماء المسلمين الذي يضم بين جنباته خيرة علماء الإسلام ويتطلع عبر جهوده المنتظرة إلى تعزيز السلم الاجتماعي للأمة العربية والإسلامية .

وقال في مؤتمر صحفي عقد، مساء أمس، بحضور فضيلة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وعدد من كبار العلماء في فندق ابوظبي الريتز كارلتون بمناسبة إطلاق "مجلس حكماء المسلمين": حسناً ما أقدمت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة حين تنبهت للأخطار المحدقة بالأمة من داخلها وخارجها، وتيقظت للآثار المدمرة التي يمكن أن تأتي على هذه الأمة من الجذور، فهدتها العناية الإلهية إلى فكرة مجلس حكماء المسلمين والذي نجتمع لإطلاقه بصورة رسمية .
وأضاف شيخ الأزهر الشريف: وإني أذ أقدم خالص الشكر الجزيل والثناء العاطر لقيادة دولة الإمارات على احتضان هذا المشروع الذي يأتي في وقته الصحيح، وفي هذا الظرف الدقيق، أتمنى أن يوفق الله علماء المسلمين وحكمائهم لتحقيق هذه المهمة وهذا الطموح على الوجه الأكمل .
وأضاف شيخ الأزهر: كيف انقلبت أمور هذه الأمة رأساً على عقب وفي غضون سنوات قليلة لا تتجاوز عقود الزمان وأصبح الإسلام الذي هو صانع السلام على مدى أربعة عشر قرناً أداة في يد شرذمة من بني جلدتنا لنشر الرعب والخوف والموت وإراقة الدماء وانقلبت الدعوة في عقولهم وأيديهم من دعوة إلى الله تعالى إلى دعوة لتكفير المسلمين وقذفهم بالقنابل وطحنهم بالدبابات والأسلحة الثقيلة .
وأكد فضيلة العلامة عبدالله بن بيه رئيس منتدى السلم في المجتمعات المسلمة، أن هناك قضايا عدة يضعها مجلس حكماء المسلمين على قائمة أولوياته، إذ تم الاتصال مع نيجيريا بشأن وقف الصراع مع التنظيم الإرهابي "بوكو حرام"، مشيراً إلى أن المجلس سيتدخل في القضايا التي يمكن العمل عليها، إذ إن هناك قضايا يصعب التدخل فيها في الوقت الراهن، مضيفاً أنه من المتوقع محاولة اختراق المجلس، لكن على الأعضاء الحكماء المسلمين بذل الجهود للتعامل مع هذه المحاولات وتثبيطها .
ومن جانبه، قال فضيلة الدكتور أحمد الحداد كبير مفتين مدير دائرة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، وأحد أعضاء مجلس حكماء المسلمين، إن اختيار أبوظبي مقراً لمجلس حكماء المسلمين هو مفتاح الخير والبركة للأمة الإسلامية، وإنشاؤه برعاية دولة الإمارات ودعم قيادتها الرشيدة برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، يدل على أن المجلس سيكون له الأثر الفعال لتوفر عاملين له، هما المقر والدعم اللذين سيحققان له إمكانية التوسع والانتشار .
وبدورها، قالت الدكتورة كلثم المهيري، الأستاذة في معهد دراسات العالم الإسلامي بجامعة زايد، وأحد أعضاء مجلس حكماء المسلمين، إن المجلس لديه الكثير من الخطط والأهداف التي مازلت قيد الدراسة والنقاش بين الأعضاء .

بيان تأسيس المجلس

نص بيان تأسيس مجلس حكماء المسلمين على أنه شهدت أرض الإمارات العربية المتحدة المباركة يومي 8 و9 جمادى الأولى 1435ه، 9 و10 مارس/ آذار 2014م، وبتكرم من قادة هذا البلد الكريم أعمال منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وذلك ترسيخاً لما كرس له حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، حياته من سعي لإقرار السلم في العالم، والسعي نحو التعارف والتآلف والتعايش السعيد .
ولقد اتفق جميع المشاركين على أن جسد الأمة الإسلامية لم يعد يتحمل ارتفاع درجة حرارته التي ما فتئت تتصاعد نتيجة تزايد حدة الاحتراب والاقتتال بين مكونات المجتمعات المسلمة، واجتمعت كلمتهم على حاجة الأمة إلى إطفائيين همهم إطفاء الحرائق، وإلى مُخفضات حرارة تمنع جسد الأمة من الانفجار، واعين وعياً تاماً أن هؤلاء الإطفائيين لا يمكنهم أن يقوموا بمهمتهم إلا إذا ضمهم كيان يشتغلون في ظله من أجل تحقيق مساعيهم وغاياتهم النبيلة التي هي نفسها غايات ومقاصد الشارع التي تتمثل في أن يُحفظ على الناس دينهم وأنفسهم ودماؤهم، مستشعرين أن ما يعطيه السلم لا يساويه ما تنتجه الحروب، وأن الحقوق هي آكد وأثبت وأقوى في ظل السلم منها في ظل الاحتراب والاقتتال، مدركين أن الأمة لا يمكنها أن تصبح شريكاً في صنع القرار في ظل الصراعات الداخلية التي تمزقها، وفي ظل تمكن خطاب الفتنة والكراهية، وفي ظل الواقع الذي أصبحت فيه لعبة الموت أمراً معتاداً، وصار فيه تنازع البقاء المُفني هدفا لدى الكثير من أبنائها .
لذلك، وتنفيذاً لما خرج به المؤتمرون المشاركون في المنتدى من توصيات والتزاماً بمقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، وبتعاونٍ بين الأزهر الشريف ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، يُعلَنُ بتوفيق وفضل من الله سبحانه وتعالى في يوم 21 رمضان 1435ه تأسيس مجلس حكماء المسلمين، كأول كيان مؤسسي جامع لحكماء الأمة الإسلامية .
وإذ يتأسس هذا الكيان على هدى وتقوى من الله، فإن المؤسسين يضعون نصب أعينهم ما هو آت:
1- امتثال نصوص الشرع الداعية إلى إقرار السلم .
2- تأصيل مفهوم السلم، وشن الحرب على الحرب .
3- تثبيت منظومة السلم فقهاً وقيماً ومفاهيم وقواعد وثقافة .
4- تلمس الطريق إلى السلم باقتناع ذاتي من أبناء الأمة الإسلامية ومبادرة جدية ومسؤولة من نخبها وحكمائها وعقلائها للم شتات الأمة وترسيخ قيم التعايش المشترك والسعيد، وإعادة ترتيب البيت الإسلامي .
5- التجرد من أية عوامل ذاتية تجعل أعضاء المجلس طرفاً في أي صراع سياسي أو ديني أو عرقي .
6- تقوية مناعة الأمة وخاصة شبابها ضد خطاب العنف والكراهية .
7- تصحيح وتنقيح المفاهيم الشرعية وتنقيتها مما علق بها من شوائب انحرفت بها عن مقاصدها النبيلة .
8- استعادة الوضع الاعتباري لمرجعية العلماء وتأثيرها المشرف في تاريخ الأمة الإسلامية .
9- إحياء الوازع الديني والتربوي في جسد الأمة ومكوناتها .
10- إيقاف لعبة التدمير .
وقد صادق المجتمعون على اختيار أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، مقراً رسمياً للمجلس شاكرين ومقدرين لدولة الإمارات وللقيادة الحكيمة ترحيبهم الكريم بهذا الاختيار، سائلين المولى جل وعلا أن يمن عليهم بالصحة والعافية والأمن والأمان .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"